الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالشافعية، فقد أجاز الحنابلة والحنفية الاستبدال في عدة حالات، في حين أن المالكية لم يجيزوا بيع العقار الموقوف مطلقًا إلّا لتوسعة الجامع، أو الطريق، أو المقبرة، وهم والشافعية لم يجيزوا بيع المسجد مطلقًا، لكن الحنفية يختلفون من حيث المنهجية عن الحنابلة فهم وإن وسعوا في دائرة جواز الاستبدال لكم مذهبهم في غير المسجد أن الحق في البيع للواقف نفسه حيث له الرجوع، أو للقاضي، كما أن الوقف عندهم غير لازم إلا في المسجد بعد إفرازه والصلاة فيه فأبو حنيفة يرى أن ملك الواقف لا يزول عن الوقف إلّا أن يحكم به الحاكم أو يعلقه بموته، ومحمد يرى أنه لا يزول حتى يجعل للوقف وليًا ويسلمه إليه، وأبو يوسف مع الجمهور في اللزوم بالقول فقط، لكن الحنابلة يقولون بلزوم الوقف ومع ذلك وسعوا دائرة الاستبدال وهو الأرجح كما سبق. وفي حالة البيع يختلف الأمر عند الحنابلة الذين يقولون بصرف الثمن في الإتيان بمثل الوقف، أو لجهة الاستحقاق، في حين أن الحنفية ما عدا أبا يوسف - يعطون الحق للواقف في البيع إذا شرطه لنفسه بل إن محمدًا يرى رجوع المسجد بعد خرابه إلى الواقف ويخرج عن الوقف كما سبق.
ج - شرطا الزيادة والنقصان:
يراد بشرطي الزيادة والنقصان أن يشترط الواقف في وقفه بأن يكون له، أو للناظر الحق في زيادة مرتبات المستحقين، أو ينقص عند توزيع الغلة أو الربح، أي حق تفضيل بعضهم على البعض، من حيث الغلة، أو أن يقول: أعطوا لفلان (من الموقوف عليهم) أقل من غيره، أو من فلان.
فإذا شرط الواقف في وقفه هذا الشرط فيكون من حقه، أو حق المأذون له هذه الزيادة أو النقصان، ولكن إذا لم يوجد هذا الشرط فلا يحق للناظر أن يزيد أو ينقص، وإنما يرجع في ذلك إلى الحاكم.
وهذا الشرط مقبول لم نجد مَنْ منعه من الفقهاء
(1)
، بل هو داخل ضمن الشروط الصحيحة المنسجمة مع مقاصد الوقف، إذ إن الواقف يقصد بالزيادة للبعض، أو النقصان لبعض آخر بالنظر إلى المصالح المعتبرة في مدى الحاجة أو عدمها إلى ريع الوقف، كما أن له الحرية في التقييد المشروع، يقول الشيرازي:"وتصرف الغلة على شرط الواقف من الأثرة، والتسوية والتفضيل والتقديم والتأخير، والجمع والترتيب، وإدخال مَنْ شاء بصفة، وإخراجه بصفة؛ لأن الصحابة وقفوا وكتبوا شروطهم"
(2)
.
قال الرملي من الشافعية جوابا على سؤال جاءه: "متى حكم بالوقف المذكور من يرى صحته فلوالدة الواقف إدخال ولده محمد في الوقف فإذا أدخلته فيه أستحق من ريعه ما شرط له كما كان للواقف إدخاله فيه ولو أدخله لاستحق لما شرطه لنفسه بلفظ وأن يفعل ذلك كما بدا له؛ إذ لفظ (كلما) يقتضي أن للواقف تكرار كل من الإدخال والإخراج والزيادة والنقصان، ويشمل جواز إدخاله ولده محمدًا في وقفه بعد إخراجه منه"
(3)
.
وفي فقه الحنابلة: أنه يرجع إلى شرط الواقف في تقديم وتسوية وجمع وضد ذلك من عدم التسوية ومن الزيادة والنقصان وغير ذلك؛ لأن نص الواقف كنص الشارع يجب العمل بجميع ما شرطه ما لم يفض إلى الإخلال بالمقصود فيعمل به
(4)
.
(1)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 5/ 95، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 91، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، النووي، 5/ 356، والمغني، ابن قدامة، 5/ 633.
(2)
المهذب في فقه الإمام الشافعي، الشيرازي، 1/ 443 - 444.
(3)
فتاوى الرملي، شهاب الدين أحمد بن حمزة الأنصاري الرملي الشافعي، جمعها: ابنه شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي، المكتبة الإسلامية، مصر، 1985 م، 3/ 51 - 52.
(4)
انظر: الفروع وتصحيح الفروع، المرداوي، 7/ 357، ودليل الطالب لنيل المطالب، مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي المقدسي الحنبلي، تحقيق: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض، ط 1، 1425 هـ/ 2004 م، 188 - 189.