الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصح؛ لأنَّهُ طَلْق، والثانية: لا يجوز؛ لأنَّهُ تابع لما لا يجوز بيعه ولا رهنه، فهو كأساسات الحيطان، وإن رهنه مع الأرض؛ بطل في الأرض، وهل يجوز في الأشجار والبناء على الرواية التي يجوز رهنها منفردة؛ يخرج على الروايتين في تفريق الصفقة"
(1)
.
وجاء عند الزيدية: أنه يصح رهن الْوَقْف سنة أو سنتين؛ إذ القصد التوثيق، ولزوم البيع تابع لا مقصود؛ إذ قد لا يُباع الرهن كَلَوْ أُبرأ؛ تخرج عن ملك الراهن لقصد القربة؛ فلا يصح؛ كالمعتق، وهو الأصح؛ إذ من موجبه صحة البيع
(2)
.
سابع عشر: ضبط حسابات الْوَقْف وتوثيقها:
يعدُّ ضبط حسابات إيرادات الْوَقْف ومدفوعاته من صميم مقتضى النظارة عليه، ولقد نبَّه الفقهاء على ذلك؛ حفظًا لحقوق الموقوف عليهم من جهة، وحماية للناظر من جهة ثانية، وتحقيقًا لاستمرار الْوَقْف من جهة ثالثة، وذلك كما يأتي:
1 - ضبط مدفوعات أو مصاريف الْوَقْف:
ذهب الحنفية، والإمامية إلى أن على ناظر الْوَقْف أن يضبط ما صرفه للموقوف عليهم ويقيِّده في سجلاته، ويأخذ على ذلك وصولات؛ حتَّى تبرأ ذمته ديانةً وقضاءً.
فجاء عن الحنفية: "وإذا تحاسب ناظر الْوَقْف مع المستحقين على ما قبضه من غلَّة الْوَقْف في سنة معلومة، وما صرفه من مصارف الْوَقْف الضرورية، وما خصَّ كل واحد منهم من فاضل الغلّة، وصدَّقه كلٌّ منهم على ذلك، وكتب كلٌّ منهم وصولًا بذلك، فيعمل بما ذكر من المحاسبة والصرف والتصديق بعد ثبوته شرعًا، وليس لهم نقض المحاسبة بدون وجه شرعي، وإذا كان المتولي على وقف برٍّ يكتب مقبوضه ومصروفه كل سنة بمعرفة القاضي بموجب دفتر ممضي بإمضائه؛ فيُعمل بدفاتر المحاسبة الممضاة بإمضاء القضاة، ولا يكلَّف المحاسبة ثانيًا"
(3)
.
(1)
المغني، ابن قدامة، 4/ 412.
(2)
انظر: البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضي، 5/ 115.
(3)
العقود الدرية، ابن عابدين، 1/ 203.
وجاء عنهم أيضًا: "إذا كان للوقف كتاب في ديوان القضاة المسمَّى في عرفنا بالسجل وهو في أيديهم؛ اتبع ما فيه استحسانًا إذا تنازع أهله فيه، وإلا ينظر إلى المعهود من حاله فيما سبق من الزمان من أن قوامه كيف كانوا يعملون، وإن لم يعلم الحال فيما سبق رجعنا إلى القياس الشرعي، وهو أن من أثبت بالبرهان حقًّا حكم له به"
(1)
.
ويعضد قولهم بأهمية ضبط حسابات دفاتر الموقف من إيراداته ونفقاته قولهم "ومتولي المسجد إذا تعذَّر عليه الحساب بسبب أنه أمي، فاستأجر من يكتب له ذلك بمال المسجد لا يجوز له كذا في الذخيرة"
(2)
.
والشاهد قولهم: "إذا تعذَّر عليه الحساب بسبب أنه أمي"، ويدل على اعتنائهم بمسألة ضبط الحسابات المالية للوقف حماية له ولمقاصده.
ويدعم أهمية تقييد المدفوعات ما جاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق عن اعتبار البينة في دعوى الصرف أو أحقيته في مبلغ معين والتي يعد التوثيق في السجلات أحد ركائزها؛ إذ قال: "قال في القنية: زل القاضي، فادَّعى القيِّم أنه قد أجرى له كذا مشاهرة أو مسانهة، وصدَّقه المعزول فيه .. لا يُقبل إلا ببينة"
(3)
.
وجاء عن الإمامية: "ويجوز للمجتهد إيجاره لزراعة ونحوها مع ضبط الحجج"
(4)
.
وعند الزيدية: لمتولى الْوَقْف (العمل بالظنِّ فيما التبس مصرفه)، والواجب أولًا أن يعمل بعلمه، فإن لم يحصل له علم نظر في الثقات المتصرفين قبله، فإن كان عملهم عن علم رجب الرجوع إليهم وإلى دفاترهم المبين فيها بخطوطهم كيفية المصرف، وإن كان عملهم عن ظ، فإن حصل له ظن عمل به وجوبا، وإن لم يحصل له ظنٌّ رجع إلى ظنِّ من قبله، فإن لم يحصل شيء ولا عرف يرجع إليه، قال في الكواكب: "فإن كان اللبس بين مصارف منحصرات قسمت الغلّة بين تلك المصارف بالسوية وإن كانت
(1)
رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 413.
(2)
الفتاوي الهندية، الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، 2/ 461.
(3)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم الحنفي، 4/ 264.
(4)
كشف الغطاء، جعفر كاشف، انتشارات مهدوي، أصفهان، 2/ 372.