الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاء عن الحنابلة في الرواية الثانية عنهم عدم إخراجها: "قاله القاضي وابن عقيل لقصور الملك فيه"
(1)
.
وجاء عن الإمامية: "إذا كان الواقف شرط أن جميع ما يكون منها للموقوف عليه، وإن ذكر أن الغنم وما يتولد عنها، وقف؛ فإنما لهم منافعها من اللبن والصوف، لا تجب عليهم الزكاة لما قلناه من عدم الملك"
(2)
.
وجاء عن الإباضية: "سؤال: هل يتصور أن يكون في الوقف زكاة؟ الجواب: الوقف صدقة، وليس في الصدقة صدقة، فمن وقف لمدرسة أو للفقراء أو للمساكين أو للقربي أو لنحو ذلك، فلا زكاة في الوقف. والعلة في ذلك أنهم لا يملكون الأصل حَتَّى يقال: بأن ذلك زكاة، وإنما هم مالكون للمنفعة فحسب، وهذه المنفعة بمثابة الصدقة الجارية التي تجري عليهم، والله أعلم"
(3)
.
الاتجاه الثاني: وجوب الزكاة في الأعيان الزكوية الموقوفة:
يذهب بعض الفقهاء إلى القول بوجوب الزكاة في الأعيان الموقوفة إذا تحققت شروطها، ولقد جاء تفصيلها كالآتي:
القول الأول: وجوب الزكاة في الأعيان الزكوية الموقوفة على معيَّن:
وإليه ذهب بعض فقهاء الشافعية، والحنابلة، والإمامية، وهو المعتمد عند الزيدية؛ حيث ذهبوا إلى القول بثبوت الزكاة في الأعيان الموقوفة الزكوية إن تحققت شروط الزكاة فيها، ومنه يتعيَّن على الناظر بحكم ولايته على الوقف إخراجها.
(1)
القواعد في الفقه الإسلامي، زين الدِّين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن الدمشقي الحنبلي، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية، ط 1، 1391 هـ/ 1971 م، 426.
(2)
المبسوط، الطوسي، 1/ 206، ومدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام، مُحَمَّد بن علي الموسوي العاملي، تحقيق: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، إيران، ط 1، 1411 هـ/ 1990 م، 5/ 36.
(3)
الفتاوى، أحمد الخليلي بن حمد الخليلي، 4/ 231.
فجاء عن النَّوَوِي من الشافعية: "ثمار البستان وغلَّة الأرض الموقوفين إن كانت على جهة عامة كالمساجد والقناطر والمدارس والربط والفقراء والمجاهدين والغرباء واليتامى والأرامل وغير ذلك؛ فلا زكاة فيها. هذا هو الصحيح المشهور من نصوص الشافعي، وبه قطع الأصحاب
…
وحكى ابن المنذر عن الشافعي أنه قال: يجب فيها العشر، وهذا النقل غريب، وقد سبقت هذه المسألة في أول باب صدقة المواشي وذكرنا هناك أن الشيخ أبا نصر قال: هذا النصُّ غير معروف عند الأصحاب. وإن كانت موقوفة على إنسان معيَّن أو جماعة معينين أو على أولاد زيد مثلا؛ وجب العشر بلا خلاف؛ لأنهم يملكون الثمار والغلَّة ملكًا تامًّا يتصرفون"
(1)
.
وهي رواية في المذهب الحنبلي، كما نقله ابن رجب الحنبلي:"زكاة الوقف إذا كان ماشية موقوفة على معيَّن فهل يجب زكاتها؟ فيه طريقان: أحدهما: بناؤه على هذا الخلاف فإن قلنا هو ملك للموقوف عليه فعليه زكاتها. وإن قلنا: ملك لله، فلا زكاة. وهذه طريقة المحرر وهو ظاهر كلام أحمد في رواية مهنا وعلي بن سعيد وعلى هذا فإن قلنا: يملكه الواقف فعليه زكاته"
(2)
.
وجاء عن الإمامية: "إذا كان الوقف على منحصرين، وكان شجرا، فأثمر أو أرضًا، فزرعت، فحصل لبعضهم من الحب والثمرة نصاب؛ وجبت فيه الزكاة"
(3)
.
وعند الزيدية: يصح عن الزكاة والعشر لتجويزه صرف سهم منها في عمارة المساجد ونحوها، وقيل: لا يصح؛ لاعتبار التمليك في المصرف فيها. والراجح أن ذلك في غير سبيل الله
(4)
.
(1)
المجموع شرح المهذب، النَّوَوِي، 5/ 576.
(2)
القواعد في الفقه الإسلامي، ابن رجب الحنبلي، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية، ط 1، 1391 هـ/ 1971 م، 426.
(3)
تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، الحلي، 3/ 308.
(4)
انظر: البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، المهدي لدين الله أحمد بن يَحْيَى المرتضى، 5/ 154.
القول الثاني: وجوب الزكاة في العين الزكوية الموقوفة:
قرَّر فقهاء المالكية، والشافعية في رواية عنهم
(1)
وجوب الزكاة في العين الموقوفة الزكوية واعتبروا أن الزكاة تجب في العين كالمشياة، إذ نجدهم يخصصون الكلام عن زكاة الإبل المحبسة سواء كانت موقوفة على جهة بر عامة أو خاصة.
ومثاله، ما جاء في المدونة لسحنون من فقهاء المالكية:"فقلت لمالك: فرجل جعل إبلًا له في سبيل الله، فحبس رقابها وحمل على نسلها، أتؤخذ منه الصدقة كما تؤخذ من الإبل التي ليست محبسة؟ فقال: نعم فيها الصدقة. قلت لمالك: أو قيل له: فلو أن رجلًا حبس مائة دينار موقوفة يسلفها الناس ويردونها على ذلك جعلها حبسًا هل ترى فيها زكاة؟ فقال: نعم، أرى فيها زكاة"
(2)
.
مع التنبيه على أن إخراج الزكاة على من عينهم الواقف متعلق بشرط بلوغ المال المستحق النصاب، قال الحطَّاب من فقهاء المالكية:"وإن أوقف ليفرق، فإن كان على معينين فلا زكاة على من لم تبلغ حصته عدد الزكاة، وإن كان على مجهولين فالزكاة في جملة الأولاد إذا تم لها حول من وقت الولادة كذا ذكره ابن يونس"
(3)
.
كما استثني المالكية من ذلك ما أوقف ليفرق أو ليباع ثمّ يفرق غلته على المصارف التي حددها الواقف، إذ قال صاحب المدونة: "قلت له (لمالك): فلو أن رجلًا جعل مائة دينار في سبيل الله تفرق أو على المساكين، فحال عليها الحول هل تؤخذ منها الزكاة؟ فقال: لا، هذه كلها تفرق وليست مثل الأولى، وكذلك البقر والإبل والغنم إذا كانت في سبيل الله تفرق أو تباع فتقسم أثمانها فيدركها الحول قبل أن تفرق، فلا
(1)
انظر: حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء، القفال، تحقيق: د. ياسين أحمد إبراهيم درادكة، مؤسسة الرسالة، بيروت، دار الأرقم - عمان، 1980 م، 13.
(2)
المدونة الكبرى للإمام مالك بن أنس، أَبُو سعيد عبد السلام بن سعيد التنوخي المعروف بـ"سحنون"، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، 1/ 380.
(3)
مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل، الحطَّاب، تحقيق: زكريا عميرات، دار عالم الكتب، ط 1423 هـ/ 2003 م، 3/ 203.