الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوقف للمصلحة بإذن القاضي ثمّ يستردُّه من غلته
(1)
، فهذا دليل على أن الوقف له نوع من الذمَّة يستدان عليها ثمّ يسترد منها حين إدراك الغلَّة، وقال ابن نجيم:"أجَّر القيم، ثمّ عُزل، ونُصِّب قيِّم آخر؛ فقيل: أخذ الأجر للمعزول، والأصح له للمنصوب؛ لأن المعزول أجره للوقف لا لنفسه"
(2)
؛ فهذا يدل على أن الوقف من حيث هو يقبل الإجارة حيث اعتبر الإجارة له، فعلى هذا فإن ذمته منفصلة عن ذمَّة المتولي، ويُستنتج منه أن الوقف ثبت له أهلية وجوب، وإن كان لا يتولى الإجارة بنفسه، بل يتولاها ناظر الوقف، وأيضًا فإن المقرَّر عند الحنفية هو أن الإجارة تبطل بموت أحد المتعاقدين، ومع ذلك فهي لا تبطل بموت متولي الوقف فيما لو قام هو بتأجير أموال الوقف
(3)
؛ فهذا دليل آخر على أن الوقف يتمتع بنوع من الأهلية يكاد ينفصل عن متوليه، وأورد ابن عابدين مثالًا آخر؛ وهو أن ناظرًا على المسجد الموقوف اتفق مع حصري ليكسو المسجد، ويكون ثمن الحصر من ريع الوقف
(4)
، فعُزل قبل ظهور الريع وعين آخر، فيلزم الثاني تخليص حقِّ الحصري ودفعه له من ريع الوقف، وهذا دليل على أن جميع التزامات الناظر الأول تنتقل إلى الناظر الثاني، وهذا ما عليه بقية المذاهب
(5)
.
وجاء ضمن قرارات منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول ما يأتي
(6)
:
ذمَّة الوقف المالية:
أ - لا مانع شرعًا من الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للوقف التي تتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان ملازمًا لصفة الإنسان الطبيعية، فيكون لها ذمَّة مالية مستقلة
(1)
انظر: فتاوي قاضيخان، 3/ 298، والدر المختار، ابن عابدين، 4/ 439، وتحفة المحتاج، الهيتمي، 6/ 289.
(2)
البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 259.
(3)
انظر: البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 144 - 145.
(4)
انظر: العقود الدرية، ابن عابدين، 202.
(5)
انظر: البهجة في شرح التحفة (شرح تحفة الحكام)، أَبُو الحسن علي بن عبد السلام بن على التُّسُولي، ضبطه وصححه: مُحَمَّد عبد القادر شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1418 هـ./ 1998 م، 2/ 135 وما بعدها، والروضة، النَّوَوِي، 5/ 328 - 352، والمغني، ابن قدامة، 5/ 597 وما بعدها.
(6)
انظر: أعمال منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول، 411.
عن ذمَّة الواقف والموقوف عليه، وأهلية مدنية في الحدود التي يعينها سند إنشائه، أو التي يقرُّها القانون، ولها حقُّ التقاضي، ودفع الدعاوى على الغير كما للآخرين الحقُّ في رفع الدعوى عليها.
ب - يمثل الوقف في كل ذلك ناظر الوقف أو الشخص الذي يحدده صكُّ الوقف أو القضاء، أو إدارة الوقف حسب النظام الأساسي للوقف.
ويترتب على ثبوت الشخصية الاعتبارية للوقف عدة نتائج؛ من أهمها
(1)
:
1 -
أن للوقف باعتباره شخصًا معنويًّا ذمته المالية المستقلة عن ذمَّة ناظر الوقف أو متوليه، وعن ذمَّة الواقف، والموقوف عليهم، فمال الوقف وجميع حقوقه والتزاماته خاص به وإن ذمته لا تنشغل بذمَّة غيره مهما كان، وتكون هي المالكة - اعتباريًّا - لجميع حقوقه وأمواله، وأن دائني الوقف، أو الناظر أو الموقوف عليه ليس لهم حق على ذمَّة الوقف، كما أن ديونه لا يطالب بها غير الوقف نفسه، كما أنه لا تقع المقاصة بين ديون الوقف، وديون هؤلاء.
2 -
أن للوقف باعتباره شخصًا معنويًا أهلية مدنية في كسب الحقوق واستعمالها في الحدود التي رسمها له القانون.
3 -
أن له كذلك حقُّ التقاضي ورفع الدعاوى على الغير، كما للآخرين الحق في رفع الدعوى عليه باعتباره شخصًا معنويًّا.
4 -
يمثله في كل ذلك ناظر الوقف أو الشخص الذي يحدده صك الوقف أو القضاء أو إدارة الوقف حسب النظام الأساسي له، وأن هذا الشخص عليه ما على الوكيل للشخص الطبيعي من الحقوق والواجبات والمسؤوليات.
(1)
انظر: ديون الوقف، د. علي القره داغي، ضمن: أعمال منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول، 45 - 46.