الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الأول: صحة تولية من سأل النظارة على الوقف، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من المالكية
(1)
، والشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
، والإمامية
(4)
.
القول الثاني: يُشترط لصحة ولاية النظارة على الوقف أن يكون صالحًا للنظر، ولا يكون ممن سأل الولاية في الوقف، وهذا هو مذهب الحنفية
(5)
.
قال ابن نجيم الحنفي: "والظاهر أنها شرائط أولوية، لا شرائط الصحة"
(6)
.
ويُستثنى من عدم تولية من سأل الولاية عند الحنفية ما إذا لم يكن أحد غيره يصلح لها، كما أشار إلى ذلك الزيلعي في قوله:"وإن تعيَّن هو للقضاء، بأن لم يكن أحد غيره يصلح للقضاء؛ وجب عليه الطلب؛ صيانة لحقوق المسلمين، ودفعًا لظلم الظالمين"
(7)
.
الأدلة:
أدلة القول الأول: القائل بصحة تولية من سأل النظارة على الوقف.
المعقول: فقالوا: إن الشرط في ناظر الوقف الأهلية، والأمانة، والكفاءة، ولا عبرة بشرط طلب النظارة؛ إذ لا فائدة
(8)
.
(1)
انظر: مواهب الجليل شرح مختصر خليل، محمد بن عبد الرحمن الحطاب، 6/ 37.
(2)
انظر: إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين تشرح قرة العين، عثمان الدمياطي البكري، 3/ 186، والسراج الوهاج، محمد الزهري الغمراوي، 1/ 307.
(3)
انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علي بن سليمان المرداوي، 7/ 66، وكشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس البهوتي، 4/ 270.
(4)
انظر: أحكام الشريعة طبقًا لفتاوى المرجع الديني الجعفري السيد محمد حسين فضل الله، 326، ومستند القضاء الجعفري، السيد عبد الله فحص، 503، وفقه الإمام جعفر الصادق، محمد جواد مغنية، 5/ 73.
(5)
انظر: شرح فتح القدير، محمد بن عبد الواحد السيواسي المشهور به "ابن الهمام"، 6/ 231، ورد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 380.
(6)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، 5/ 244.
(7)
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، عثمان بن علي الزيلعي، 4/ 177.
(8)
انظر: مواهب الجليل شرح مختصر خليل، محمد بن عبد الرحمن الحطاب، 6/ 37، وإعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين، عثمان الدمياطي البكري، 3/ 186، والإنصاف، المرداوي، 7/ 66، وأحكام الشريعة طبقًا لفتاوى المرجع الديني الجعفري السيد محمد حسين فضل الله، 326.
أدلة القول الثاني: القائل بأنه لا نظارة على الوقف لمن سألها.
السنة والمعقول:
1 -
السنة: عَنْ أَنَسِ بْن مَالِك قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ طَلَبَ القَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ، وُكِلَ إِلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَمْ يَسْتَعَنْ عَلَيهِ؛ أَنْزَلَ اللهُ ملكًا يُسَدّدُهُ"
(1)
.
وجه الدلالة:
دلَّ الحديث على النهي عن طلب الإمارة؛ لأن الولاية تفيد قوة بعد ضعف، وقدرة بعد عجز، تتخذها النفس المجبولة على الشرِّ وسيلة إلى الانتقام من العدو، والنظر للصديق، وتتبُّع الأغراض الفاسدة، ولا يوثَق بحسن عاقبتها، ولا سلامة مجاورتها، فالأوْلى ألا تُطلب ما أمكن
(2)
.
2 -
المعقول: وهو من وجهين:
الوجه الأول: أن من طلب التولية على الوقف لا يُعطي له؛ قياسًا على تولية القضاء، فمن طلب القضاء فلا يُقلَّد، فكذا من طلب التولية على الوقف
(3)
.
الوجه الثاني: أن من طلب القضاء أو النظارة أو الوصاية لا يولَّي، وعلَّلوه بأن الطالب موكول إلى نفسه، وهو عاجز، فيكون سببًا لتضييع الحقوق
(4)
.
(فائدة) ذهب عامَّة أهل العلم إلى أن الناظر بالأصالة؛ سواء كان الواقف، أو الموقوف عليه المعيَّن المحصور، أو الحاكم .. له أن يستنيب نصبَ ناظر وعزلَه؛ لأصالة ولايته، فأشبه المتصرِّف في مال نفسه
(5)
.
(1)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده حديث رقم (12824)، وأبو داود في سننه، كتاب الأقضية، باب في طلب القضاء والتسرُّع إليه، حديث رقم (3107)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين، كتاب الأحكام، حديث رقم (7121)، وقال:"هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وضعَّفه الشيخ الألباني رحمه الله في ضعيف سنن أبي داود، حديث رقم (3578).
(2)
انظر: سُبل السلام، الصنعاني، 2/ 567.
(3)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 380.
(4)
انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، 6/ 298.
(5)
انظر: مواهب الجليل شرح مختصر خليل، محمد بن عبد الرحمن الحطاب، 6/ 37، وإعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين، عثمان الدمياطي البكري، 3/ 186، والإنصاف، المرداوي، 7/ 66، وأحكام الشريعة طبقًا لفتاوى المرجع الديني الجعفري السيد محمد حسين فضل الله، 326، وسبل السلام، الصنعاني، 2/ 567، ورد المحتار على الدر المختارة ابن عابدين، 4/ 380، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، 6/ 298.