الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعًا: الزيدية:
أ) يشترط المذهب في الموقوف عليه أن يكون جهة قربة كأن يقول وقفت هذا على الفقراء أو على المجاهدين لكون هذا الوقف هو الذي جاءت به الشريعة ورغب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه حتى يكون من الصدقة الجارية التي لا ينقطع عن فاعلها ثوابها فلا يصح أن يكون مصرفه غير قربة
(1)
، والقربة توجد في كل ما أثبت فيه الشرع أجرا لفاعله كائنا ما كان، فمن وقف مثلًا على إطعام نوع من أنواع الحيوانات المحترمة كان وقفه صحيحا لأنه قد ثبت في السنة الصحيحة أن في كل كبد رطبة أجرًا، ومثل هذا لو وقف على من يخرج القذاة من المسجد، أو يرفع ما يؤذي المسلمين في طرقهم فإن ذلك وقف صحيح لورود الأدلة الدالة على ثبوت الأجر لفاعل ذلك، فقس على هذا غيره مما هو مساو له في ثبوت الأجر لفاعله وما آكد منه في استحقاق الثواب
(2)
. فإن كانَ هنالك ما يقتضي القُرْبَةَ نحو أن يقول الله أو في سبيله، أو يقول وقْفًا مَحْبِسًا أو مؤبَّدًا، أو يكون المصْرِفُ فيه قربةً كالمسجد والفقراء صح الوقف، وإن لم يكن شيء من ذلك بل مجرد لفظ الوقف فلا يصح الوقف مع عدم قصد القربة
(3)
.
لكن هنالك من فقهاء المذهب من يقسم القربة إلى نوعين هما:
1 -
"قُرْبَة تَحْقِيقًا": نحو أن يَقِفَهُ على فقراء المسلمين أو على مسجدٍ أو مَنْهَلٍ أو مَعْهَدِ عِلْمٍ أو نحو ذلك.
(1)
انظر: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، بدون تاريخ، 3/ 315 و 317 - 317.
(2)
انظر: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني 3/ 316.
(3)
انظر: التاج المذهب لأحكام المذهب، القاضي العلامة أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، دار الحكمة اليمانية للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، صنعاء، طبعة سنة 1414 هـ./1993 م، 3/ 289.
2 -
"قُرْبَة تقديرا": نحو أن يَقِفَهُ على غنِيٍّ معين أو ذمي معين أو فاسق معين لأنه يقدر حصول القربة إلى موته أو تغيُّر حالته كفقر الغني أو إسلام الذمي مع فقره أو إيمان الفاسق، وتكون منافع الوقف له إلى موته ولو قبل إسلام الذمي وفقره
(1)
.
ب) من الصور التي يرى فقهاء المذهب الزيدي صحة الوقف عليها:
1 -
صحةُ الوقْفِ على قبور الأئمة والفضلاء وعلى مشاهدهم، والمراد به ما يتعلق بها في القربة الحاصلة فيها باجتماع المسلمين فيها للذكر والطاعات، فلو قَصَدَ به على الميت نفسه لم يصح، وكذا في النذر عليها
(2)
.
2 -
صحة الوقف على كفار معينين غير محاربين، ويصف فيهم إلى موتهم لأن القربة فيهم مُقَدَّرةٌ بإسلامهم
(3)
.
3 -
صحة الوقف على حَمَام مكة وغيرها من سائر الطيور والبهائم إذا قصد الواقف أنها تطعم من الغَلَّة لأنه وجه قُربة، لا إن قصد أن الغلة تكون لها لم يصح لأنها لا تُمْلَكُ
(4)
.
4 -
الوقف على الفقراء أو الضعفاء أو المساكين أو النساء، وكذا على المسلمين جملة أو على مسلمي جهة لا ينحصرون أو على المؤمنين صح الوقف لأن الإسلام وجهُ قربةٍ، لكن يُصْرَفُ في الفقراء أو في الجنس من أهل المَصْرِفِ لو واحدا ولا يلزم التخصيص بينهم لعدم انحصارهم
(5)
.
(1)
انظر: التاج المذهب لأحكام المذهب، القاضي العلامة أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، 3/ 285.
(2)
انظر: المرجع السابق، 3/ 288.
(3)
انظر: المرجع السابق، 3/ 290 - 291.
(4)
انظر: المرجع السابق، 3/ 292.
(5)
انظر: المرجع السابق، 3/ 290.
ج) يرى المذهب عدم جواز الوقف الذي يُراد به قطع ما أمر الله به أن يوصل ومخالفة فرائض الله عز وجل كمن يقف على ذكور أولاده دون إناثهم وما أشبه ذلك، فإن هذا لم يرد التقرب إلى الله بل أراد المخالفة لأحكام الله عز وجل والمعاندة لما شرعه لعباده، وهكذا الوقف على البنين بنية بقاء المال في ذريته وعدم خروجه عن أملاكهم فإن هذا إنما أراد المخالفة لحكم الله عز وجل وهو انتقال الملك بالميراث وتفويض الوارث في ميراثه يتصرف به كيف يشاء. وقد توجد القربة في مثل هذا الوقف على الذرية نادرا بحسب اختلاف الأشخاص، ومن ذلك: أن يقف على من تمسك بطرق الصلاح من ذريته أو اشتغل بطلب العلم، ولكن تفويض الأمر إلى ما حكم الله به بين عباده وارتضاه لهم أولى وأحق
(1)
. فَإن لم يَقصِد الوَاقفُ القُربة رَأسًا لم يَصِح الوَقف، ولا يَستحق المَوقوف عليه شيئًا سواءٌ كان من الورثة أَم مِن غيرِهم مثَاله لو وقف ولم يقصد القربة وتضمن الوقف أمرًا محظورًا كما لو وقف ماله على ورثته لمنعهم عن البيع أو وقف على غيرهم لحرمان ورثته أو وقف على بعض الورثة لحرمان الآخرين أو للذكور لحرمان الإناث أو أولادهن لم يصح الوقف، ولا يستحق الموقوف عليه شيئًا، ولا يصير وصية من الثلث بل يبقى الوقف من جملة التركة يُقْسَمُ بين جميع الورثة
(2)
.
كما لا يصح الوقف في المذهب على الكنائس أو نحوها
(3)
.
د) من الأمثلة التي لا يصح الوقف عليها في المذهب الزيدي:
1 -
لا يصح الوقف على الناس جملة أو على أمة "محمد" صلى الله عليه وآله وسلم لعدم القربة وكونهم غير منحصرين لأن أمة "محمد" كل من بُعِثَ إليه وهم جميع الناس
(4)
.
(1)
انظر: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني، 3/ 316.
(2)
انظر: التاج المذهب لأحكام المذهب، القاضي العلامة أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، 3/ 288.
(3)
انظر: المرجع السابق، 3/ 286.
(4)
انظر: المرجع السابق، 3/ 290.