الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصارف غير منحصرات بل وقع اللبس مطلقًا فإن الغلّة تكون لبيت المال وكذلك الرقبة إذا لم يعلم كونها وقفًا وإن عرف أنها وقف بقيت وقفًا
(1)
.
2 - معاينة الأوقاف وتفتيش السجلات ومحاسبة الوكلاء:
تعدُّ مراقبة السجلات وعمل وكلاء الناظر على الأوقاف من صلب أعمال النظارة؛ حماية للوقف ومقاصده وضبطا لمداخليه ونفقاته.
ولقد جاءت أقوال المذاهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والإمامية في هذه المسألة كالآتي:
فجاء عن الحنفية: "ويتحرى في تصرفاته النظر للوقف والغبطة"
(2)
.
والشاهد في كلامهم تحري الغبطة والتي لا تكون إلا ضبط السجلات ومحاسبة الوكلاء الذين عينهم.
وجاء قول المالكية كما نقله صاحب المعيار عن الفقيه العبدوسي: "وسُئل عن ناظر الأحباس هل يجب عليه تفقدها أم لا؟ فأجاب: تطوُّف ناظر الحبس وشهوده وكتابه وقباضه على ريع الأحباس؛ أكيد ضروري لا بد منه، وهو واجب على الناظر فيها، لا يحل له تركه، إذ لا يتبين مقدار غلتها ولا عامرها إلا بذلك، وما ضاع كثير من الأحباس إلا بإهمال ذلك، فيأخذ الناظر وفقكم الله بالله والجد والاجتهاد"
(3)
.
وسُئل الفقيه العبدوسي أيضًا عن طريقة المحاسبة في الْوَقْف؛ فأجاب: "المحاسبة: أن يجلس الناظر والقباض والشهود، وتنسخ الحوالة كلها من أول رجوع الناظر إلى آخر المحاسبة، وتقابل وتحقق، ويرفع كل مشاهرة أو مسانهة أو كراء أو صيف أو خريف، وجميع مستفادات الحبس حتَّى يصير ذلك كله نقطة واحدة، ثم يقسم على المواضع، لكل حقه، ويعتبر المرتبات وما قبض ومن تخلص ومن لا، وينظر في المصير
(1)
انظر: التاج المذهب، صفي الدين أحمد بن قاسم الصنعاني، 3/ 325.
(2)
البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 254.
(3)
المعيار المعرب، الونشريسي، 7/ 301.
ولا يقبل ذلك إلا جميع شهود الأحباس، وكذلك جميع الإجارات من لقط زيتون وآلة ونفض، ويطلب كل واحد بخطته، ومن أفسد شيئًا؛ لزمه غرمه، ومن تعدَّى على غير خطته أو ضيع شيئًا وأخذ عليها مرتبا؛ غرمه، ومن ضيع شيئًا من ذلك من شهود الأحباس؛ رجب القيام به عليهم، وتعجيل ذلك، وكذلك يجب على الناظر وهو المطلوب به، وإلا فلا يجوز تركه؛ فإن تركه كان مضيِّعًا"
(1)
.
وجاء عن الشافعية ما يفيد وجوب اهتمام ناظر الْوَقْف بضبط السجلات وحساب المداخيل والنفقات ومثاله مسألة خلاف الناظر مع الموقوف عليهم حول صرف المستحقات من عدمه، إذ جاء عنهم "ولو ادعى متولى الْوَقْف صرف الريع للمستحقين، فإن كانوا معيَّنين فالقول: قولهم، ولهم مطالبته بالحساب وإن كانوا غير معينين فهل للإمام مطالبته بالحساب"
(2)
.
وجاء عن الحنابلة، ما ذكره صاحب كشاف القناع من أهمية تدوين وضبط إيرادات ومدفوعات الْوَقْف، والتنبيه على أن تكون مكتوبة وموزعة في نسخ على الموقوف عليهم ونسخة يحتفظ بها ناظر الْوَقْف، إذ قال:"ولهم؛ أي أهل الْوَقْف: مساءلته؛ أي الناظر، عما يحتاجون إلى علمه من أمور وقفهم حتَّى يستوي علمهم فيه وعلمه، وهو ظاهر، ولهم؛ أي أهل الْوَقْف: مطالبته بانتساخ كتاب الْوَقْف، لتكون نسخه في أيديهم وثيقة لهم، وله؛ أي الناظر، انتساخه؛ أي كتاب الْوَقْف، والسؤال عن حاله"
(3)
.
وجاء عن الإمامية ما يفيد معنى المراقبة والتفتيش وحفظ الْوَقْف ومصالحه: وظيفة الناظر في الْوَقْف: العمارة له أولًا، وتحصيل الريع وقسمته على المستحق، وحفظ الأصل والغلة، ونحو ذلك من مصالحه"
(4)
.
ولا تتحقق هذه المقاصد إلا بالرقابة على الْوَقْف وعلى موظفيه.
(1)
المعيار المعرب، الونشريسي، 7/ 302.
(2)
مغني المحتاج، الشربيني، 2/ 394.
(3)
كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 4/ 277.
(4)
الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن عطية بن شيبة الدرازي البحراني، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، إيران، د. ت، 22/ 186.