الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالولي أن يأخذ مع الحاجة إما قدر نفقته كما رجحه الرافعي هناك، أو الأقل من نفقته وأجرة مثله كما رجحة النَّوَوِي، وقد يقال فيما قاله نظر، لأن التشبيه بالولي إنما وقع في حكم الرفع إلى الحاكم لا مطلقًا فلا يقتضي ما قاله"
(1)
.
القول الثالث: إن لم يسمِّ الواقف للناظر شيئًا وهو مشهور بأخذ العوض على عمله فله أجرة المثل وإلا فلا شيء له، وإليه ذهب الحنابلة
(2)
.
قال البهوتي من الحنابلة: "إن لم يسم الواقف للناظر شيئًا فقياس المذهب إن كان مشهورًا أي معدًا لأخذ العوض على عمله فله أجرة مثل عمله وإلا بأن لم يكن معدًا لأخذ العوض على عمله فلا شيء له؛ لأنه متبوع بعمله"
(3)
.
القول الرابع: الناظر الذي لم يشترط له الواقف شيئًا يجعل له القاضي أجره وهذا ما يؤخذ من عبارات المالكية؛ قال ابن عرفة: "عن ابن فتوح: للقاضي أن يجعل لمن قدمه للنظر في الأحباس رزقًا معلومًا في كل شهر باجتهاده في قدر ذلك بحسب عمله، وفعله الأئمة"
(4)
.
القول الخامس: الناظر الذي لم يجعل له الواقف شيئًا من الوقف لا يحلُّ له شيء من غلَّة الوقف، بل من بيت المال، وإليه ذهب ابن عتاب من المالكية
(5)
.
ثالثًا: من يقدر أجرة الناظر:
حقُّ تقدير أجر الناظر محصور في الواقف والقاضي.
أ) تقدير الواقف أجر الناظر:
اتفق فقهاء الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والإمامية على أنه للواقف أن يقدِّر أجر الناظر.
(1)
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية، الأنصاري، 3/ 376.
(2)
انظر: الإنصاف، المرداوي، 7/ 64.
(3)
كشاف القناع، البهوتي، 4/ 271.
(4)
مواهب الجليل، الحطاب، 6/ 40.
(5)
انظر: حاشية الدسوقي، 4/ 88.
فقد جاء في الفتاوى الهندية من كتب الحنفية: "إذا جعل الواقف للقائم بأمر الوقف مالًا معلومًا كل سنة للقيام بأمر الوقف؛ جاز"
(1)
.
وقال الدردير من المالكية: "اتبع وجوبًا شرطه (أي الواقف) إن جاز شرعًا"
(2)
.
وقال الشرواني من الشافعية: "أما إن شرط النظر لغيره وجعل للناظر أكثر من أجرة المثل لم يمتنع"
(3)
.
وقال البهوتي من الحنابلة: "إن شرط الواقف لناظر أجرة أي عوضًا معلومًا؛ فإن كان المشروط لقدر أجرة المثل؛ اختُصَّ به"
(4)
.
وقال مُحَمَّد الجواد العاملي من الإمامية: "إن عيَّن - أي الواقف - له شيئًا جاز"
(5)
.
وتقدير الواقف للأجر إمَّا أن يكون مساويًا لأجر المثل، أو أقل من أجر المثل، أو أكثر منه:
فإذا قدر الواقف للناظر أجرًا مساويًا لأجر المثل؛ فإنه يستحقه بلا خلاف
(6)
.
وأما إذا قدر الواقف للناظر أقل من أجر المثل؛ فإن رضي به فإنه يعدُّ متبرعًا بالقيام ببعض أعمال النظارة، شأنه في ذلك شأن الوكيل والوصي، حيث يجوز كل منهما بأجرة وبغير أجرة
(7)
.
وإن لم يرض الناظر بما قدر له الواقف من أجر؛ فعليه أن يرفع الأمر إلى القاضي، وللقاضي أن يرفع أجره إلى أجر مثله؛ قال علاء الدِّين بن عابدين من
(1)
الفتاوي الهندية، 2/ 425.
(2)
الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، 4/ 88.
(3)
حاشية الشرواني على تحفة المحتاج، الهيتمي، 6/ 245.
(4)
كشاف القناع، البهوتي، 4/ 271.
(5)
مفتاح الكرامة، الحسيني العاملي، 9/ 410.
(6)
انظر: البحر الرائق، ابن نجيم، 5/ 264، وغمز عيون البصائر، الحموي، 3/ 152، ونهاية المحتاج، الرملي، 5/ 368، وكشاف القناع، البهوتي، 4/ 471.
(7)
انظر: القوانين الفقهية، ابن جزي، 541، ومفتاح الكرامة، الحسيني العاملي، 9/ 41.
الحنفية: "وأما الناظر بشرط الواقف فله ما عينه له الواقف ولو أكثر من أجر المثل كما في البحر، ولو عين له أقل فللقاضي أن يكمل له أجر المثل بطلبه"
(1)
.
وإذا قدَّر الواقف للناظر أكثر من أجر المثل؛ فقد اختلف الفقهاء في استحقاق الناظر لكامل الأجر المقدر له من قبل الواقف على قولين:
القول الأول: يستحق الناظر الأجر المقدر ولو كان أكثر من أجر المثل، وإلى هذا ذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والإمامية.
قال ابن نجيم من الحنفية: "وأما بيان ماله فإن كان من الواقف فله المشروط ولو كان أكثر من أجرة المثل"
(2)
.
وقال الصاوي من المالكية: "واتبع شرطه (أي الواقف) وجوبًا إن جاز"
(3)
.
وقال الشرواني من الشافعية: "أمَّا إن شرط النظر لغيره وجعل للناظر أكثر من أجرة المثل؛ لم يمتنع"
(4)
.
وقال مُحَمَّد الجواد العاملي من الإمامية: "إن عين له شيئًا جاز"
(5)
.
القول الثاني: إذا قدر الواقف للناظر أكثر من أجرة المثل فإنه يستحق أجرة المثل فقط، وإليه ذهب الحنابلة
(6)
.
قال الرحيباني الحنبلي: "فإن شرط الواقف للناظر أجرة أي عوضًا معلومًا، فإن كان المشروط بقدر أجرة المثل اختُصَّ به، وكان ما يحتاج إليه الوقف من أمناء
(1)
تكملة حاشية ابن عابدين، 7/ 59.
(2)
البحر الرائق، ابن نجيم، 5/ 264.
(3)
الشرح الصغير على حاشية الصاوي، 4/ 119.
(4)
حاشية الشرواني على تحفة المحتاج، 7/ 245، وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج، 5/ 388.
(5)
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة، الحسيني العاملي، 9/ 41، والروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية، زين الدِّين الجبعي العاملي، 3/ 178.
(6)
انظر: كشاف القناع، البهوتي، 4/ 271.