الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن نجيم الحنفي: ينبغي للقاضي أن يحاسب أمناءه فيما في أيديهم من أموال اليتامى؛ ليعرف الخائن فيستبدله، وكذا القوَّام على الأوقاف
(1)
.
ونقل ما جاء في القنية: "إن مشروعية المحاسبات للنظار إنما هي ليعرف القاضي الخائن من الأمين. وأضاف قائلًا: فإن قلت: هل يباح للقاضي أخذ الأجر على المحاسبات من مال الأوقاف؟ قلت: قال في البزازية من كتاب القضاء: إن كتب القاضي سجلًا، أو تولى قسمة وأخذ أجرة المثل له ذلك، وله تولي نكاح صغيرة لا يحل له أخذ شيء؛ لأنه واجب عليه، وكل ما وجب عليه لا يجوز أخذ الأجر عليه، وما لا يجب عليه يجوز أخذ الأجر
…
ثم قال: فقد استفيد منه أنه يجوز له الأخذ على نفس الكتابة ولا يجوز له الأخذ على نفس المحاسبات؛ لأن الحساب واجب عليه"
(2)
.
مسألة: محاسبة الموقوف عليهم الناظر:
للموقوف عليهم إذا كانوا معيَّنين مساءلة الناظر ومحاسبته ومطالبته ببيان ما يحتاجون إلى علمه من أمور وقفهم.
وسُئل ابن حجر الهيتمي الشافعي: عن واقف شرط في وقفه أن يصرف ريعه في جهات متعددة منها قراء يقرأون ما تيسر من القرآن في كل يوم فهل يستحقون معلوم كل يوم من الأجرة المقبوضة أو بعضها بحسابه أم لا يستحقون إلا بعد انقضاء الإجارة والحال أن الواقف لم ينص على شيء من ذلك، وإذا حصل في الوقف هدم أو خلل فيه فتوقف الناظر عن عمارته وإصلاحه من ريعه فهل للمستحقين مطالبته بذلك لئلا يتمادى إلى خرابه كله فيفوت غرض الواقف وهل للمستحقين محاسبته بالأجرة في كل سنة ليعلم كل منهم ما يخصه من ذلك فإن الأجرة تزيد وتنقص باختلاف الزمان والمكان، وهذا محسوس لا خفاء فيه وإذا قلتم لهم ذلك، فهل لهم تحليفه إذا لم يصادقهم على شيء خفي أو القول قوله من غير محاسبة، وهل لهم أيضًا
(1)
انظر: البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 262.
(2)
المرجع السابق، 5/ 262.
محاسبته في العمارة أيضًا؟ فأجاب بقوله: يستحقون ما يخصُّ كلَّ يوم قرأوه بمضيه ولا يتوقف استحقاقهم لذلك على انقضاء المدة، ويجب على الناظر العمارة وإن لم يشرطها الواقف فإن تركها مع التمكن فسق وانعزل عن النظر وللمستحقين مطالبته بها ولهم أيضًا مطالبته بالحساب إذا كانوا معينين كما قاله النووي وغيره وقد صرح النووي كسريج وغيره بأن الناظر لو ادعى صرفه على المستحقين وهم معينون وأنكروا فالقول قولهم ولهم المطالبة بالحساب وبه يعلم الجواب عن جميع ما في السؤال
(1)
.
وجاء في تنقيح الفتاوى الحامدية من كتب الحنفية: (سُئِلَ) فيما إذا تحاسب ناظر الوقف مع المستحقين على ما قبضه من غلَّة الوقف في سنة معلومة وما صرفه في مصارف الوقف الضرورية وما خص كل واحد منهم من فاضل الغلَّة وصدق كل منهم على ذلك وكتب كل منهم وصولا بذلك فهل يعمل بما ذكر من المحاسبة والصرف والتصديق بعد ثبوته شرعًا وليس لهم نقض المحاسبة بدون وجه شرعي؟ (الجواب): نعم وقد أفتى بذلك الشيخ إسماعيل أيضًا
(2)
.
وعند المالكية ليس للموقوف عليهم محاسبة الناظر؛ لأنه وكيل الواقف أو القاضي، قال ابن عرفة:"لو قدم المحبس من رأى لذلك أهلًا فله عزله واستبداله"
(3)
.
والأصل عند الحنابلة التفريق بين الناظر المتبرع؛ فيصدق في كلِّ ما يدعيه، وإلا لا بدَّ من البينة، فيُقبل قول الناظر المتبرع في دفع المستحق، وإن لم يكن متبرعًا لم يقبل قوله إلا ببينة ونحوه كشراء طعام أو شراب شرطه الواقف؛ لأن الناظر هو الذي يلي الوقف، وحفظه، وحفظ ريعه، وتنفيذ شرط واقفه وطلب الحظّ فيه مطلوب شرعًا فكان ذلك إلى الناظر
(4)
.
(1)
انظر: الفتاوى الفقهية الكبرى، ابن حجر الهيتمي، 3/ 270.
(2)
انظر: العقود الدرية، ابن عابدين، 1/ 203 - 204.
(3)
مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، الحطاب، 6/ 39.
(4)
انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 4/ 269، ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، الرحيباني، 4/ 334.