الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا كان الواقف ميتًا عند موت الناظر، وكان الوقف على معيَّن محصور؛ فقد اختلف فيه الفقهاء إلى قولين:
القول الأول: إذا مات الناظر بعد موت الواقف؛ فتولية غيره إلى القاضي، وإلى هذا ذهب الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
.
القول الثاني: إذا مات الناظر بعد موت الواقف؛ انتقل الأمر إلى الموقوف إليه إن كان معيَّنًا محصورًا، وإلى هذا ذهب المالكية
(3)
والحنابلة
(4)
.
كانت هذه إشارة، وفيما يأتي تفصيل وعرض للأدلة، وسبب اختلاف الفقهاء.
ثالثًا: إذا لم يعيِّن الواقف ناظرًا:
إذا غفل الواقف عن النظارة؛ فلم يشترطها لنفسه، ولم يشترطها لغيره من الناس، وذلك بأن لم يُعلِم الواقف شرطه لأحد؛ سواء علم الواقف عدم شرطه أم جهل. . فلمن تكون النظارة حينئذٍ؟
تحرير محل النزاع:
أشرنا إلى اتفاق الفقهاء على أنه إذا كان الوقف على غير معيَّن؛ كالوقف على عموم المساكين والمساجد ونحوهما، أو على من لا يمكن حصرهم واستيعابهم؛ فلا
(1)
انظر: المبسوط، محمد بن أحمد السرخسي، 12/ 44، ولسان الحكام في معرفة الأحكام ابن الشحنة، 1/ 299.
(2)
انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد بن أحمد الشربيني، 2/ 394، والسراج الوهاج، محمد الزهري الغمراوي، 1/ 307.
(3)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد الدسوقي، 4/ 88، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل، محمد بن عبد الرحمن الحطاب، 6/ 37.
(4)
انظر: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، مصطفى بن سعد الرحيباني السيوطي، 4/ 331، ومنتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات، ابن النجار محمد بن محمد الفتوحي، 2/ 414.
حقَّ للموقوف عليه في النظارة على الوقف قولًا واحدًا؛ وذلك لأنه ليس له مالك متعيَّن ينظر فيه
(1)
، واختلفوا فيما لو كان الوقف على معيَّن محصور مالك أمر نفسه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: قال بأن ولاية النظر إلى الواقف، ثم لوصيه، ثم للقاضي؛ أي أن الولاية للواقف ثابتة مدَّة حياته، وإن لم يشترطها، فإن مات الواقف كانت الولاية لوصيه بالشرط، فإن مات كانت الولاية للقاضي، وهذا هو ظاهر مذهب الحنفية
(2)
، ووجه عند الشافعية يمثِّله الإمامان الخوارزمي والماوردي
(3)
، وهو قول عند الإمامية
(4)
،
(1)
قال المرداوي: "فأمَّا إن كان الموقوف عليهم غير محصورين، كالفقراء والمساكين، أو على مسجد أو مدرسة أو قنطرة أو رباط. . ونحو ذلك، فالنظر فيه للحاكم قولًا واحدًا"، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علي بن سليمان المرداوي، 7/ 69 - 70، وانظر أيضًا: رد المحتار على الدر المختار، 4/ 421، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، 5/ 249، والشرح الكبير، أحمد بن محمد الدردير، 4/ 88، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل، محمد بن عبد الرحمن الحطاب، 6/ 37، والسراج الوهاج، محمد الزهري الغمراوي، 1/ 307، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، محمد بن أحمد الخطيب الشربيني، 2/ 364، والمغني، ابن قدامة عبد الله بن أحمد المقدسي، 5/ 377، وكشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس البهوتي، 4/ 272، والتاج المذهب لأحكام المذهب، القاضي صفي الدين أحمد بن قاسم الصنعاني، 8/ 378، والبحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، أحمد بن يحيى المرتضي، 5/ 201، ومستند القضاء الجعفري، السيد عبد الله فحص، 499، وأحكام الشريعة طبقًا لفتاوى المرجع الديني الجعفري السيد محمد حسين فضل الله، 325، وفقه الإمام جعفر الصادق، محمد جواد مغنية، 5/ 73، ومنهج الطالبين وبلاغ الراغبين، خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي، 7/ 67.
(2)
انظر: الدر المختار على تنوير الأبصار، علاء الدين بن الحصكفي، 4/ 423، ورد المحتار على الدر المختار، 4/ 421، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، 5/ 249.
(3)
انظر: إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين، عثمان الدمياطي البكري، 3/ 185، والسراج الوهاج، محمد الزهري الغمراوي، 1/ 307.
(4)
انظر: مفتاح الكرامة، الحسيني العاملي، 9/ 42.
وقول عند الزيدية
(1)
، وإليه أيضًا ذهب الإباضية
(2)
.
القول الثاني: قالوا بأنه إذا لم يجعل الواقف النظر لأحد، فإن ولاية النظر إلى الموقوف عليه إذا كان مكلَّفًا رشيدًا، وإن كان الموقوف عليه صغيرًا أو سفيهًا أو مجنونًا؛ قام وليُّه في النظر مقامه، وإلى هذا ذهب المالكية
(3)
، والحنابلة
(4)
، ووجه عند الشافعية
(5)
، وقول عند الزيدية
(6)
، وهو مذهب الإمامية في المشهور
(7)
.
القول الثالث: إذا لم يجعل الواقف النظر لأحد؛ فهو للقاضي؛ أي قاضي البلد الموقوف عليه، وإلى هذا ذهب الشافعية
(8)
، وهو وجه عند الحنابلة
(9)
، وهو قول
(1)
قال الزيدية: إذا كان الوقف غير باقٍ ولا وصي ولا متولي له من جهته، انتقلت الولاية إلى الموقوف عليه، أو وارثه إذا كان قد مات، بشرط أن يكون الموقوف عليه آدميًّا، معيَّنًا، يصح تصرفه، إما واحدًا، أو متعدِّدًا محصورًا، ثم إذا لم يكن ثمة واقف ولا منصوب من جهته، ولا موقوف عليه معيَّن يصحُّ تصرُّفه، كانت الولاية إلى الإمام الأعظم والحاكم من جهته، إذا كانت ولايته عامة، فإن لم يوجد إمام ولا حاكم، كانت الولاية للمحتسب. . . فإن لم يكن ثمة محتسب، فإلى من صلح من المسلمين لذلك. انظر: التاج المذهب لأحكام المذهب، صفي الدين أحمد بن قاسم الصنعاني، 8/ 378.
(2)
انظر: مستند القضاء الجعفري، السيد عبد الله فحص، 50، التاج المذهب لأحكام المذهب، القاضي صفي الدين أحمد بن قاسم الصنعاني، 8/ 378، منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي، 7/ 67.
(3)
انظر: الشرح الكبير، أحمد بن محمد الدردير، 4/ 488، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل محمد بن عبد الرحمن الحطاب، 6/ 37، والتاج والإكليل لمختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الغرناطي المواق المالكي، 6/ 37، والتاج المذهب لأحكام المذهب، القاضي صفي الدين أحمد بن قاسم الصنعاني، 8/ 378.
(4)
انظر: المغني، ابن قدامة عبد الله بن أحمد المقدسي، 5/ 377، وكشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس البهوتي، 4/ 272.
(5)
إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين، عثمان الدمياطي البكري، 3/ 185، والسراج الوهاج، محمد الزهري الغمراوي، 1/ 307.
(6)
انظر: شرح الأزهار، ابن مفتاح، 3/ 489.
(7)
انظر: مفتاح الكرامة، الحسيني العاملي، 9/ 42.
(8)
إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين، عثمان الدمياطي البكري، 3/ 185، والسراج الوهاج، محمد الزهري الغمراوي، 1/ 307، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، محمد بن أحمد الخطيب الشربيني، 2/ 364، وحاشية البجيرمي، 3/ 214.
(9)
انظر: الكافي في فقه ابن حنبل، 2/ 463، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علي بن سليمان المرداوي، 7/ 69.