الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما عند الزيدية فيختلف الشرط في الزيادة والنقصان حسب نوع الوقف، فإن كان الوقف لغير معينين كأن يقول: وقفت هذا للفقراء، فيجوز للمتولي صرف غلة الوقف في واحد من المستحقين أو أكثر من واحد حسبما يراه من الصلاح ومطابقة قصد الواقف. وأما إذا كان المعينين وجب عليه تقسيطه بينهم إن انحصروا وإلا ففي الجنس
(1)
.
د - شرطا المنح والحرمان:
يراد بهما: أن يشترط الواقف لنفسه في وقفه أو للناظرين حق حرمان بعض الموقوف عليهم من ريع الوقف، وحق منح بعضهم منه، وذلك بأن يقول: "وقفت داري على أولادي، وأولاد أولادي أو على بني فلان على أن يكون لي حق إعطاء الغلة لمن شئت منهم، أو حرمان من شئت منهم، أو أن أحرم من شئت منهم، ثم أجعل لواحد منهم كلها، أو بعضها مطلقًا، أو مدة معينة
…
" جاز الشرط.
وهذ الشرط يدل على قدرة الواقف في التحكم في توزيع الريع بين الموقوف عليهم؛ لأن الإعطاء لا يكون إلّا لأهل الوقف، وكذلك حق الحرمان لا يقع إلّا على أهل الوقف؛ ولذلك لو قال:"على أن يكون لي حق حرمان الغير منها"؛ كان قولًا لاغيًا
(2)
.
وهناك تفاصيل، منها ما ورد في المحيط البرهاني من كتب الحنفية:"أنه لو شرط أن يعطي غلتها من شاء فله المشيئة في صرفها إلى من شاء ما دام حيًا، وإذا مات انقطعت، وإذا شاء عينًا معينًا جاز كفقير معين، وامتنع التحويل إلى غيره، وإن شاء الصرف على الأغنياء فقط دون الفقراء بطلت المشيئة، وإن شاء صرفها إلى الفقراء فقط دون الأغنياء جازت"
(3)
.
(1)
انظر: التاج المذهب، الثميني، 3/ 323.
(2)
انظر: الإسعاف في أحكام الوقف، الطرابلسي، 108.
(3)
البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم، 5/ 243.
وهو شرط مقبول عند جمهور الفقهاء على أن لا يكون الإعطاء مخالفًا للشروط الشرعية، يقول الشيرازي من الشافعية: "وتصرف الغلة على شرط الواقف من الأثرة، والتسوية، والتفضيل
…
وإدخال من شاء بصفة، وإخراجه بصفة
(1)
.
وعند المالكية لا يجوز منح البنين دون البنات، فإن فعل ذلك، بطل الوقف على البنين دون البنات؛ لقول مالك: إنه من عمل الجاهلية أي: يشبه عملهم؛ لأن الوقف خاص بالإسلام؛ لأن الجاهلية كانوا إذا حضر أحدهم الموت ورثوا الذكور دون الإناث فصار فيه حرمان الإناث دون الذكور فالوقف على الذكور دون الإناث يشبه عمل الجاهلية
(2)
.
ورجح بعضهم الكراهة، فيمضي وهو رأي ابن القاسم وعليه العمل وصرح الشيخ أبو الحسن بأن الكراهة في المدونة على التنزيه
(3)
.
لكنهم أجازوا منح الفقراء ولو أدى إلى حرمان الأغنياء في السكنى والغلة، قال ابن رشد:"المبدأ في الحبس أهل الحاجة على الأغنياء في السكنى والغلة، فلا سكني للأغنياء معهم إلا أن يفضل عنهم شيء"
(4)
.
وفرق فقهاء الزيدية بين ما الغلة فيه عن حق واجب، فيجوز فيه المنح والحرمان، ولا يجوز في غيره على الراجح.
فللواقف - لا غيره من أهل الولايات - نقل المصرف فيما هو عن حق، نحو أن يقف رجل أرضًا ويستثني غلتها عن حق واجب، وتكون مصروفة إلى شخص معين، وإلى مسجد معين، فله بعد ذلك أن ينقله إلى مصرف آخر؛ لأن الغلة باقية على ملك الواقف، له أن ينتفع بها، ويخرج غيرها عن الواجب.
(1)
المهذب في فقه الإمام الشافعي، الشيرازي، 1/ 443 - 444.
(2)
انظر: شرح مختصر خليل، الخرشي، 7/ 82.
(3)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 79.
(4)
الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، أحمد بن غانم (أو غنيم) بن سالم ابن مهنا، شهاب الدين النفراوي الأزهري المالكي، دار الفكر، بيروت، 1995 م، 2/ 164.