الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس الرقابة على أعمال الناظر
الرقابة على أعمال الناظر مهم وضروري؛ وذلك للتأكد من قيام النظار بمسئولياتهم بصورة صحيحة وللحيلولة دون وقوع الخيانة والتلاعب في أموال الوقف.
وقد أسند الفقهاء مهمة الرقابة على أعمال الناظر إلى القاضي باعتباره ناظرًا عامًّا ينظر في عموم الأوقاف.
نقل الأذرعي الشافعي عمن لا يحصى قال: إن الذي نعتقده أن الحاكم لا نظر له معه ولا تصرف، بل نظره معه نظر إحاطة ورعاية
(1)
.
قال السيوطي من الشافعية في معرض ذكر ما على القاضي فعله: النوع الثاني: فيما يتعلق بوظيفة القضاء من التواقيع والتسجيلات، وتفويض الأنظار والتداريس، والنظر على الأوقاف الجارية تحت نظر الحكم العزيز ونصب الأمناء والقوام على الأيتام الداخلين تحت حجر الشرع الشريف، وغير ذلك من التعلقات التي هي منوطة بحكام الشريعة المطهرة
(2)
.
وقد نصَّ الحنابلة على أن للحاكم أو القاضي الرقابة على أعمال الناظر، وهي نظر إحاطة ورعاية، فلا نظر لحاكم مع ناظر خاص لكن للحاكم النظر العام فيعترض على الناظر الخاص إن فعل ما لا يسوغ له فعله لعموم ولايته.
وللحاكم ضمُّ أمين إلى الناظر الخاص مع تفريطه أو تهمته ليحصل المقصود من حفظ الوقف، والظاهر أن الأول يرجع إلى رأي الثاني ولا يتصرَّف إلا بإذنه ليحصل الغرض من نصبه وكذا إذا ضم إلى ضعيف قوي معاون له فلا يزال يد الأول عن المال ولا نظره، والأول هو الناظر دون الثاني هذا قياس ما ذكره في الموصى له
(3)
.
(1)
انظر: تحفة المحتاج، الهيتمي، 389 - 390، ونهاية المحتاج، الرملي، 5/ 400.
(2)
انظر: جواهر العقود، السيوطي، 2/ 294، والمهذب، الشيرازي، 2/ 298.
(3)
انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 4/ 273، والمبدع في شرح المقنع، ابن مفلح، 5/ 171، والإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، أبو النجا الحجاوي، 3/ 16.
وعند المالكية الأصل أن الناظر أمين لا يضمن، لكن فرق فقهاء المالكية بين أن يشترط على الناظر الإشهاد، وبين عدم الإشهاد، فنصوا على أنه إذا مات الواقف وعدم كتاب الوقف قبل قول الناظر في الجهات التي يصرف عليها إن كان أمينا، وإذا ادعى الناظر أنه صرف الغلَّة صدق إن كان أمينا، ما لم يكن عليه شهود في أصل الوقف فلا يصرف إلا باطلاعهم، ولا يقبل بدونهم.
وإذا ادَّعى أنه صرف على الوقف مالًا من عنده صدق من غير يمين إن لم يكن متهمًا وإلا فيحلف، وبه قاله البرزلي والسيولي
(1)
.
وتتم مراقبة القاضي لأعمال النظارة بأساليب منها:
الأول: يتولى القاضي بنفسه مراقبة أعمال الناظر والإشراف عليه
(2)
؛ قال البهوتي من الحنابلة: ولا نظر لحاكم مع ناظر خاص، لكن للحاكم النظر العام؛ فيعترض عليه إن فعل الخاص ما لا يسوغ له فعله؛ لعموم ولايته
(3)
.
الثاني: أن يضمَّ القاضي للناظر ثقة أمينًا ويطلق الفقهاء عليه ناظر حسية
(4)
، قال الرحيباني من الحنابلة: وللحاكم ضمُّ أمين إلى الخاص مع تفريطه أو تهمته، يحصل المقصود من حفظ الوقف
(5)
.
(1)
انظر: حاشية الصاوي على الشرح الصغير، 4/ 120، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل، الحطاب، 6/ 40، والشرح الكبير، الدردير وحاشية الدسوقي، 4/ 89.
(2)
انظر: مطالب أولي النهى، الرحيباني، 4/ 333، وتحفة المحتاج، الهيتمي، 6/ 289، والبحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضي، 4/ 165، وشرح الأزهار، ابن مفتاح، 3/ 489، ومفتاح الكرامة، الحسيني العاملي، 9/ 42، وتحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، الحلي، 3/ 314.
(3)
انظر: كشاف القناع، البهوتي، 4/ 273، والمبدع، ابن مفلح، 5/ 254.
(4)
انظر: البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 253، وحاشية ابن عابدين، 4/ 458، وحاشية البجيرمي على الخطيب، 4/ 75.
(5)
انظر: مطالب أولي النهى، الرحيباني، 4/ 333، والإنصاف، المرداوي، 7/ 63.