الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و) تصرف الناظر الوقف تصرفًا يضر بالموقوف عليهم:
نقل التُّسُولي من السيوطي الشافعي: أن ناظر الوقف إذا قبض كراء ريع الوقف وأخر صرفه لأربابه عن وقته المشروط صرفه فيه مع إمكانه حتى تغير النقد بنقص فإنه يضمن النقص في ماله لتعديه عليه
(1)
.
الحالة الثانية لتضمين الناظر: التقصير والتفريط:
المراد بالتقصير: "عدم بذل الوسع في تحصيل المقصود"
(2)
، وبه يفسَّر التفريط؛ قال البعلي الحنبلي:"التفريط: التقصير في الشيء حتى يضيع ويفوت"
(3)
.
وكثيرًا ما يفسر الفقهاء التفريط بالتقصير أو العكس؛ قال البُجَيْرمي الشافعي: "وأما التفريط فيُطلق على التقصير وتضييع الشيء"
(4)
، وقال الرحيباني الحنبلي:"الوديعة أمانة لا تضمن بلا تعدٍّ أو تفريط؛ أي تقصير في حفظ الوديعة"
(5)
، وقال المرداوي الحنبلي:"وأما التفريط فهو التقصير في المأمور به"
(6)
، وقال زين الدين العاملي من الإمامية:"والشريك أمين لا يضمن إلا بتعدٍّ وهو فعل ما لا يجوز فعله في المال، أو تفريط؛ وهو التقصير في حفظه وما يتم به صلاحه"
(7)
.
والمراد بتقصير الناظر وتفريطه: تركه ما وجب عليه من أعمال نظارة الوقف
(8)
.
أ) تضمين الناظر بالتقصير والتفريط:
اختلف الفقهاء فيما يترتب على تقصير الناظر وتفريطه في مصالح الوقف على قولين:
(1)
انظر: البهجة شرح التحفة، 2/ 20.
(2)
حاشية الدسوقي، 1/ 28.
(3)
حاشية الدسوقي، 1/ 28، والمطلع على أبواب المقنع، 142.
(4)
حاشية البجيرمي على الخطيب، 3/ 138.
(5)
مطالب أولي النهى، 4/ 148.
(6)
الإنصاف، المرداوي، 6/ 165.
(7)
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية، زين الدين الجمعية العاملي، 4/ 203.
(8)
انظر: مطالب أولي النهى، الرحيباني، 4/ 148.
القول الأول: تضمين الناظر عند تقصيره وتفريطه فيما وجب عليه من أعمال النظارة، من غير أن يفرقوا بين التقصير في عين أو فيما كان من الذمة، وإليه ذهب جمهور فقهاء المالكية، والشافعية والحنابلة
(1)
.
وقال البهوتي من الحنابلة: "متى فرط الناظر سقط ما له من المعلوم بقدر ما فوته على الوقف من الواجب عليه من العمل"
(2)
.
القول الثاني: التفرقة بين التقصير في عين والتقصير فيما هو في الذمة، حيث أوجبوا الضمان على الناظر عند تقصيره في عين دون ما كان في الذمَّة وإليه ذهب الحنفية والزيدية.
قال ابن نجيم من الحنفية: "فإن قلت: إذا قصر المتولي في شيء من مصالح الوقف هل يضمن؟ قلت: إن كان في عين ضمنها وإن كان فيما في الذمة، لا يضمن. قال في القنية: انهدم المسجد فلم يحفظه القيم حتى ضاعت خشبة يضمن. اشترى القيم من الدهان دهنا ودع ودفع الثمن ثم أفلس الدهان بعد لم يضمن"
(3)
.
قال ابن عابدين من الحنفية: "لو ترك بساط المسجد بلا نفض حتى أكلته الأرضة ضمن إن كان له أجرة وكذا خازن الكتب الموقوفة"
(4)
.
وعند الزيدية إذا قصَّر الناظر أو فرط، فهو عاص ولا يضمن؛ لأنه لم يُتلف عينًا ولا منفعة، وتبطل ولايته
(5)
.
(1)
انظر: المعيار المعرب، الونشريسي، 7/ 162، والفتاوى الكبرى، ابن تيمية، 4/ 353 و 5/ 400، وحاشية القليوبي، 3/ 107، وفتاوي الرملي في فروع الفقه الشافعي، شهاب الدين أحمد بن حمزة الأنصاري الرملي الشافعي، جمعها: أبو العباس شمس الدين محمد بن أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي، تحقيق: محمد عبد السلام شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، 2004 م، 2/ 257.
(2)
كشاف القناع، البهوتي، 4/ 271.
(3)
البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 259، وحاشية ابن عابدين، 4/ 439.
(4)
حاشية ابن عابدين، 4/ 439.
(5)
انظر: التاج المذهب لأحكام المذهب، صفي الدين أحمد بن قاسم الصنعاني، 3/ 326.