الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأدلة:
أدلة أصحاب القول الأول: القائلون بأنه لا بدَّ لصلاحية المتولي لشغل التولية على الوقف من العدالة؛ سواء ولَّاه الواقف أم الحاكم، بل في الجميع؛ حتى الواقف إذا شرط النظر لنفسه، وسواء كان الوقف على الجهة العامة والأشخاص المعينين.
المعقول: وهو من وجهين:
الوجه الأول: الولاية على الوقف لا بدَّ فيمن هي إليه من أن يكون ساعيًا في جلب مصالحه ودفع المفاسد عنه؛ وذلك لحصول الضبط بها عن الخيانة والكذب والتقصير، ومن أعظم المفاسد أن يكون خائنًا غير أمين، ومعلوم أن من لم يتنزَّه عن محظورات الدين، وتساهل عن القيام بفرائضه؛ لا يؤمَن في الأموال، فاعتبار العدالة فيمن أُنيطت به هذه الولاية أمر لا بدَّ منه، وحقٌّ على الإمام والحاكم أن ينزعا يد من لم يكن كذلك، فإنه وإن سعى في مصالح الوقف أبلغَ سعي؛ فإنه مظنَّة للخيانة؛ لأن الأمور الدينية متساوية الأقدام، ومن خان الله في بعضهما لا يؤمن في البعض الآخر
(1)
.
الوجه الثاني: أن الولاية مقيَّدة بشرط النظر، وليس من النظر تولية الخائن؛ لأنه يخلُّ بالمقصود
(2)
.
أدلة أصحاب القول الثاني: القائلون بأن العدالة من شرائط الأولوية لا شرائط الصحة، وأن الناظر إذا فسق استحق العزل ولا ينعزل.
المعقول: وهو من وجهين:
الوجه الأول: أن القضاء أشرف من التولية، ويُحتاط فيه أكثر من التولية، والعدالة فيه شرط الأولوية، حتى يصحَّ تقليد الفاسق، وإذا فسق القاضي لا ينعزل، فكذا الناظر، كذلك لا يُشترط في الوليِّ أكثر من أن يكون جائز التصرُّف بالبلوغ والعقل والرشد، فلا يُشترط الإسلام والعدالة
(3)
.
(1)
انظر: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، محمد بن علي الشوكاني، 3/ 330.
(2)
انظر: رد المحتار على الدر المختار المعروف بـ"حاشية ابن عابدين"، 4/ 380، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، 5/ 244.
(3)
انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين بن إبراهيم بن نجيم، 5/ 244.
الوجه الثاني: أنه لا يُشترط في المتولي أن يكون عدلًا، بل يكفي أن يكون موثوقًا أمينًا؛ سواء أكان المتولي المجعول في صيغة الوقف هو الواقف نفسه، أم كان غيره
(1)
.
أدلة أصحاب القول الثالث: القائلون بأن العدالة شرط في صحة ولاية الوقف، ما لم يكن الناظر هو الموقوف عليه، كما تصحُّ ولاية غير العدل إن رضي الموقوف عليه وكان مالكًا أمر نفسه. المعقول: وهو من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أنه لا يصحُّ تولية الناظر الفاسق، وأنه ينعزل إذا فسق في أثناء ولايته؛ لأنها ولاية على حقِّ غيره فنافاها الفسق، كما لو ولَّاه الحاكم، وكما لو لم يمكن حفظ الوقف منه مع بقاء ولايته على حقِّ غيره، فإنه متى لم يمكن حفظه منه أُزيلت ولايته، فإن مراعاة حفظ الوقف أهمُّ من إلقاء ولاية الفاسق عليه
(2)
.
الوجه الثاني: أنه إن كان النظر للموقوف عليه؛ فهو أحقُّ بذلك، عدلًا كان أو فاسقًا؛ لأنه ينظر لنفسه، فكان له ذلك
(3)
.
الوجه الثالث: أنه إنما تصحُّ ولاية غير العدل إن رضي الموقوف عليه وكان مالكًا أمر نفسه؛ لأن الناظر إذا خان حملوه على السداد
(4)
.
أدلة أصحاب القول الرابع: القائل بأن النظر إذا كان لغير الموقوف عليه، وكانت توليته من الحاكم أو الناظر؛ فلا بدَّ من شرط العدالة فيه، وإن كانت توليته من الواقف، وهو فاسق، أو كان عدلًا ففسق؛ يصحّ، ويُضمُّ إليه أمين، وإن كان النظر للموقوف عليه؛ إما بجعل الواقف النظر له، أو لكونه أحقَّ بذلك عند عدم ناظر؛ فهو أحقُّ بذلك، عدلًا كان أم فاسقًا.
(1)
انظر: مستند القضاء الجعفري، السيد عبد الله فحص، 503، وفقه الإمام جعفر الصادق، محمد جواد مغنية، 5/ 73.
(2)
انظر: المغني، ابن قدامة عبد الله بن أحمد المقدسي، 5/ 378.
(3)
انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس البهوتي، 4/ 271، ومنتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات، ابن النجار محمد بن محمد الفتوحي، 2/ 413.
(4)
انظر: روضة الطالبين، يحيى بن شرف النووي، 5/ 347، والوسيط في المذهب، محمد بن محمد الطوسي الغزالي، 4/ 258.