الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما كانت النظارة نوعًا من الوكالة، فإنها تأخذ حكم الوكالة في قبولها بالقول عند الحنابلة، قال البهوتي:"يصح قبول الوكالة بكل قول أو فعل من الوكيل يدل على القبول"
(1)
.
ثانيًا: قبول النظارة بغير اللفظ:
ويشمل عدة أنواع:
1 - القبول بالفعل:
يرى فقهاء الحنفية، والمالكية، والشافعية والحنابلة، والإمامية أن القبول يحصل بالفعل بمباشرة الناظر التصرُّف فيما أسند إليه دون صدور تلفُّظ منه، فهذه المباشرة بإجراء التصرُّف في الوقف دالة على قبول الناظر النظارة
(2)
.
قال النووي من الشافعية: "القبول بالفعل أن يتصرَّف فيما أذن له فيه، فإذا تصرَّف تبيَّنا أن القبول حصل قبل التصرُّف"
(3)
.
وقال الرحيباني من الحنابلة: "يصح قبول وكالة بكل قول أو فعل من الوكيل دلَّ عليه"
(4)
.
وقال الحلي من الإمامية: "القبول: كل لفظ أو فعل يدل على الرضا بذلك"
(5)
.
2 - قبول النظارة بالسكوت:
السكوت هو ترك التكلم مع القدرة عليه
(6)
.
(1)
كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 3/ 461.
(2)
انظر: تكملة البحر الرائق، 8/ 521، ومواهب الجليل، الحطاب، 5/ 190 - 191، وتحفة المحتاج مع حواشيه، الهيتمي، 5/ 310، ومطالب أولي النهى، الرحيباني، 3/ 429، وتحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، الحلي، 3/ 21.
(3)
حاشية الرملي بهامش أسنى المطالب، 2/ 166.
(4)
مطالب أولي النهى، الرحيباني، 3/ 429.
(5)
تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، الحلي، 3/ 21.
(6)
انظر: التعريفات الجرجاني، 159، والكليات - معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي الحنفي، تحقيق: عدنان درويش ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت، د. ت، 509.
اختلف الفقهاء في دلالة السكوت على القبول على قولين:
القول الأول: سكوت الناظر وصمته يعدُّ قبولًا للنظارة.
وبه قال الحنفية، والشافعية؛ فلو لم يتكلم الناظر، والتزم الصمت تجاه الإيجاب ممن يملك تولية الناظر، وحاول إجراء ما أُسند إليه من أعمال النظارة .. يكون قد قبل النظارة دلالة، ويكون تصرُّفه صحيحًا، يعني يكون سكوته دليلًا على الرضا.
أما لو رد الناظر النظارة بعد الإيجاب؛ فلا يبقى حكم للإيجاب، ولا تنعقد النظارة وإن قبل بعد ذلك، ما لم يجدد الإيجاب والقبول.
جاء في الفتاوى الهندية نقلًا عن الذخيرة: "قبول الوكيل ليس بشرط لصحة الوكالة، ولكن إذا ردَّ الوكيل الوكالة ترتد، وقال أبو بكر الدمياطي من الشافعية: ولا يُشترط من الوكيل القبول لفظًا، بل الشرط عدم الردِّ منه؛ فلو ردَّها - كأن قال: لا أقبل أو: لا أفعل - بَطَلت"
(1)
.
القول الثاني: سكوت الناظر وإباؤه عن القبول لفظًا يعدُّ ردًّا للنظارة.
وإليه ذهب الحنابلة؛ فقال البهوتي: ولو أبي الوكيل أن يقبل الوكالة فكعزله نفسه؛ كالموصى له إذا لم يقبل الوصية ولم يردها؛ يُحكم عليه بالرد، وعلى قياس ذلك باقي العقود الجائزة
(2)
.
وهذا ما يؤخذ من عبارات المالكية؛ حيث إنهم لا يذكرون السكوت وعدم الردِّ؛ مما يدل على قبول الوكيل
(3)
.
(1)
شرح مجلة الأحكام العدلية، علي حيدر، 3/ 528، المادة (1451)، والفتاوي الهندية، 3/ 560، وإعانة الطالبين، الدمياطي، 3/ 100.
(2)
انظر: كشاف القناع، البهوتي، 3/ 462، وكشف المخدرات، البعلي، 2/ 447.
(3)
انظر: منح الجليل، عليش، 6/ 369، ومواهب الجليل، الحطاب، 5/ 190 - 191.