الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من السنة والمعقول:
1 -
السنة: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارَيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدعُو لَهُ"
(1)
.
وجه الدلالة:
دلَّ الحديث من وجه على أن العين الموقوفة لو ذهبت منافعها في القُرب فإن التصرُّف (بالتَّعيين) ما زال باقيًّا حكما للواقف، فإن فُقد الواقف فَلِوصيه، فإن فُقد فالحاكم ولي من لا ولي له
(2)
.
2 -
المعقول: قالوا: إن القيِّم نائب عن الواقف، بمنزلة الوكيل له في نصيبه ليعمل للموقوف عليهم، باعتبار أنه جعل منفعتهم كمنفعته، فاشتراط رأيه في نصب قيِّم آخر بعد موت الأول يحقق المقصود بالوقف ولا يغيِّره، وكذلك العين وإن زالت بالوقف عن ملكه حقيقة؛ فهي باقية على ملكه حكمًا
(3)
.
أدلة أصحاب القول الثاني: القائلون بأن الواقف إذا شَرَط النظر لشخص حال الوقف، لا بعد تمام الوقف، فمات الناظر في حياة الواقف؛ فتولية غيره إلى القاضي، لا إلى الواقف:
المعقول: قالوا: إن الواقف لا نظر له، كما أنه لا يملك تعيينًا ولا عزلًا بعد أن جعل النظر في حال الوقف لغيره
(4)
.
(1)
رواه مسلم في صحيحه، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، حديث رقم 3084.
(2)
انظر: تيسير العلَّام شرح عمدة الأحكام، أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح بن حمد بن محمد بن حمد البسام، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه وصنع فهارسه: محمد صبحي بن حسن حلاق، مكتبة الصحابة - الإمارات، مكتبة التابعين - القاهرة، ط 10، 1426 هـ/ 2006 م، 533 بتصرُّف.
(3)
انظر: المبسوط، محمد بن أحمد السرخسي، 12/ 44، ولسان الحكام في معرفة الأحكام، ابن الشحنة، 1/ 299.
(4)
انظر: أسنى المطالب في شرح روض الطالب، زين الدين أبو يحيى زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري السنيكي، 2/ 473، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد بن أحمد الشربيني، 2/ 395، وإعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين، عثمان الدمياطي البكري، 3/ 185.
أدلة أصحاب القول الثالث: القائلون بأن الناظر بالشرط إذا مات في حياة الواقف لم يملك الواقف نصب غيره بدون شرط ولاية النصب لنفسه، وانتقل الأمر إلى الموقوف إليه إن كان معيَّنًا محصورًا، وإن كان الموقوف غير معيَّن فالأمر فيه إلى الحاكم.
بالمعقول: قالوا: إذا مات الناظر المشروط له فليس للواقف ولاية النصب؛ لانتفاء ملكه، فلا يملك النصب ولا العزل؛ لأن الوقف سبب يُزيل ملك الواقف إلى من يصحُّ تمليكه، على وجه لم يخرج المال عن ماليته، فوجب أن ينقل الملك إليه؛ كالهبة والبيع؛ ولأنه لو كان تمليك المنفعة المجرَّدة لم يلزم؛ كالعارية
(1)
والسُّكنى، ولم يزل ملك الواقف عنه؛ كالعارية
(2)
.
الحال الثالث: أن يكون الواقف ميتًا عند موت الناظر، والوقف على غير معيَّن:
فإذا كان الواقف ميتًا عند موت الناظر، وكان الوقف على غير معيَّن؛ كالوقف على المساكين والمساجد. . ونحوهما، أو على من لا يمكن حصرهم واستيعابهم؛ فالنظر فيه للحاكم قولًا واحدًا عند الفقهاء من الحنفية
(3)
، والمالكية
(4)
، والشافعية
(5)
، والحنابلة
(6)
والزيدية، والإمامية
(7)
.
(1)
سُمِّيت عارية لتعرِّيها عن العوض، وهي تمليك المنافع بغير عوض. انظر: معجم لغة الفقهاء، محمد رواس قلعجي وحامد صادق قنيبي، 300.
(2)
انظر: المغني، ابن قدامة عبد الله بن أحمد المقدسي، 5/ 350.
(3)
انظر: المبسوط، محمد بن أحمد السرخسي، 12/ 44، ولسان الحكام في معرفة الأحكام، ابن الشحنة، 1/ 299.
(4)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد الدسوقي، 4/ 88، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل، محمد بن عبد الرحمن الحطاب، 6/ 37.
(5)
انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد بن أحمد الشربيني، 3/ 394، والسراج الوهاج، محمد الزهري الغمراوي، 1/ 307.
(6)
انظر: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، مصطفى بن سعد الرحيباني السيوطي، 4/ 331، ومنتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات، ابن النجار محمد بن محمد الفتوحي، 3/ 414.
(7)
انظر: التاج المذهب الأحكام المذهب، صفي الدين أحمد بن قاسم الصنعاني، 3/ 320، وشرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي، تعليق: صادق الحسيني الشيرازي، مؤسسة مطبوعات إسماعليان، 1/ 152.