الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاتجاه الثاني: منع بيع العقارات الموقوفة مطلقًا:
وهي الرواية الثانية المنقولة في المذهب الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، والزيدي، والإمامي، والإباضي، والظاهري الذي توسَّع في منع التصرُّف في الوقف مطلقًا.
فجاء عمن الحنفية: "ومن المشايخ من لم يجوز بيع الوقف تعطل أو لم يتعطل"
(1)
.
وجاء عن المالكية: "ولا يُباع الحبس وإن خرب"
(2)
.
وجاء عن الشافعية: "ولا يُباع موقوف؛ وإن خرب، كشجرة جفت أو قلعتها نحو ريح ودابة زمنت، ومسجد انهدم وتعذرت إعادته إدامة للوقف في عينه، ولأنه يمكن الانتفاع بأرض المسجد كصلاة واعتكاف، وبجذع الشجرة بإجارة وغيرها، وبلحم الدابة إن أُكلت، ولو ماتت ودُبغ جلدها عاد وقفًا"
(3)
.
وجاء عن الحنابلة: "ويحرم، ولا يصح بيعه ولا هبته ولا المناقلة به"
(4)
.
وجاء عن الزيدية: "لا يُباع الوقف"
(5)
.
وجاء في ظاهر مذهب الإمامية عدم مشروعية بيع الوقف مطلقًا عقار وغيره، ومثاله قول الفقيه الطوسي:"إذا وقف وقفًا وشرط فيه أن يبيعه أي وقت شاء؛ كان الوقف باطلًا؛ لأنه خلاف مقتضاه؛ لأن الوقف لا يُباع"
(6)
، وجاء عنهم أيضًا في مسألة بيع النخلة إذا انقلعت أو انكسرت:"وقيل: لا يجوز لإمكان الانتفاع بالإجارة للتسقيف وشبهه"
(7)
، وجاء عنهم أيضًا:"لا يجوز إخراج الوقف عن شرطه، ولا بيعه"
(8)
.
(1)
لسان الحكام في معرفة الأحكام، إبراهيم بن أبي اليمن، 296.
(2)
الثمر الداني في تقريب المعاني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، صالح بن عبد السميع الآبي الأزهري، المكتبة الثقافية، بيروت، د. ت، 559.
(3)
نهاية الزين في إرشاد المبتدئين، نوري الجاوي، دار الفكر، بيروت، 272.
(4)
كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 4/ 292.
(5)
انظر: شرح التجريد في فقه الزيدية، أبو الحسن السيد أحمد، منشورات دار أسامة دمشق، ط 1، 1405 هـ/ 1985 م، 4/ 268.
(6)
المبسوط في فقه الإمامية، الطوسي، 3/ 300، وتحرير الأحكام، الحلي، 3/ 316.
(7)
مسالك الأفهام، الشهيد الثاني، 5/ 400.
(8)
المهذب البارع من شرح المختصر النافع، ابن فهد الحلي، تحقيق: الشيخ مجتبي العراقي، مؤسسة النشر الإسلامية، 1407 هـ، 3/ 47.
وجاء عن الإباضية: "الوقف لا يجوز بيعه، ولا يجوز شراؤه، ولو لمن أراد أن يجعله وقفًا"
(1)
، وجاء عنهم أيضًا:"ولا يباع ما وقف أبدًا ولو كان يهلك"
(2)
.
وجاء عن الظاهرية قول ابن حزم: "مسألة: ومن حبس وشرط أن يباع إن احتيج صح الحبس - لما ذكرنا من خروجه بهذا اللفظ إلى الله تعالى - وبطل الشرط؛ لأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى، وهما فعلان متغايران، إلا أن يقول: لا أحبس هذا الحبس إلا بشرط أن يباع، فهذا لم يحبس شيئًا؛ لأن كل حبس لم ينعقد إلا على باطل فلم ينعقد أصلًا وبالله تعالى التوفيق"
(3)
.
وعلَّل الفقهاء قولهم بمنع بيع العين الموقوفة عملًا بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يُبَاعَ أَصْلُهَا، وَلَا يُوهَبَ، وَلَا يُورَثَ"
(4)
، واحتجوا أيضًا بعمل الصحابة، وقالوا: إن هذا "قول أكثر أهل العلم، منهم عمر، وعلي، وابن عباس، وعبد الله بن عمر، رضي الله عنه "
(5)
.
وعلَّلوا المنع ببقاء أوقاف السلف على حالها مما يدل على منع بيعها
(6)
، ويعللون قولهم بالمنع بما ضبطوه من القواعد الكلية للوقف من أنه:"يمتنع كل ما غير الوقف بالكلية من اسمه الذي كان عليه حال الوقف، بخلاف ما يبقى الاسم معه، نعم إن تعذر المشروط جاز إبداله"
(7)
.
(1)
خلاصة الوسائل، عيسى بن صالح الحارثي، 4/ 75.
(2)
المرجع السابق، 4/ 75 وما بعدها.
(3)
المحلى، ابن حزم، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار الجيل ودار الآفاق الجديدة، 9/ 183.
(4)
الجامع الصحيح (سنن الترمذي)، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إحياء التراث العربي، بيروت، باب في الوقف، 3/ 659، قال أبو عيسى:"هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، لا نعلم بين المتقدمين منهم في ذلك اختلافًا في إجازة وقف الأرضين وغير ذلك".
(5)
المغني، ابن قدامة، 2/ 580.
(6)
حاشية الصاوي، 4/ 30.
(7)
نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، الرملي، 5/ 390.