الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي فقه الزيدية: "من عمَّر في عرصة الوقف حانوتًا أو نحوها بأمر المتولي؛ فإن عمَّر للوقف كانت غرامته وقيمة مواد البناء دينًا له على الوقف"
(1)
.
فالشخصية الاعتبارية للوقف كما تؤهله أن يعوض عن الضرر الواقع عليه؛ تثبت عليه أيضًا حقوقًا للغير إن كان الضرر منه.
سادسًا: دفع زكاة العين الموقوفة:
يقصد بالعين الزكوية، مجموع الأموال التي يجب فيها الزكاة كالحيوانات مثل الغنم والإبل .. والنقود والذهب والفضة إن توافرت شروط الزكاة فيها.
وإن مسألة إخراج الناظر للزكاة في هذه الأعيان مرهون بمدى قول الفقهاء بوجوب إخراجها منه من عدمه عند تحقق شروط الزكاة، وللفقهاء في هذه المسألة ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: عدم وجوب الزكاة في الأعيان الزكوية الموقوفة:
وذلك على اختلاف في تحديد ما يشمله القول بوجوب الزكاة فيه من عدمه في الأعيان الموقوفة على قولين:
القول الأول: عدم وجوب الزكاة في الأعيان الزكوية الموقوفة في المصالح العامة:
يذهب فقهاء الشافعية والحنابلة، والإمامية في القول المختار عندهم، وإحدى الروايتين عند الزيدية إلى القول بأن الأعيان الموقوفة ذاتها لا زكاة فيها ولو كانت زكوية.
فجاء عن الشافعية: "قال أصحابنا: إذا كانت الماشية موقوفة على جهة عامة كالفقراء أو المساجد أو الغزاة أو اليتامى وشبه ذلك، فلا زكاة فيها بلا خلاف؛ لأنه ليس لها مالك معيَّن"
(2)
.
(1)
التاج المذهب، صفي الدِّين أحمد بن قاسم الصنعاني، 3/ 324.
(2)
المجموع شرح المهذب، النَّوَوِي، دار الفكر، 5/ 340.
وجاء عن الحنابلة في تقييدهم لشروط الزكاة: "الرابع: تمام الملك؛ فلا زكاة في دَيْن الكتابة ولا في السائمة وغيرها الموقوفة على غير معيَّن كالمساكين أو على مسجد ورباط .. ونحوهما"
(1)
.
والقول بعدم إخراج الزكاة من الأعيان الوقفية الزكوية منقول عن بعض التابعين، إذ جاء عن طاوس ومكحول قولهما:"لا زكاة فيما حُبس على مسجد، وهذا هو القياس؛ لأنه إن قدَّر أنه باقٍ على ملك المحبس لم تجب فيه زكاة؛ لأن الميت غير مخاطب بالزكاة"
(2)
.
وجاء عن الإمامية: "لا زكاة في المال الموقوف لعدم تمكنه من التصرُّف بأنواعه ولعدم اختصاص أحد به"
(3)
.
وعند الزيدية: أنه يصحُّ عن الزكاة والعشر لتجويزه صرف سهم منها في عمارة المساجد ونحوها، وقيل: لا يصح؛ لاعتبار التمليك في المصرف فيها، والراجح: أن ذلك في غير سبيل الله
(4)
.
القول الثاني: عدم ثبوت الزكاة في الأعيان الموقوفة الزكوية مطلقًا:
وإليه ذهب فقهاء الحنفية، والحنابلة، والإمامية، والإباضية، ومنه لا يتعيَّن على ناظر الوقف إخراجها.
فجاء عن الحنفية: "وأما الشرائط التي ترجع إلى المال: فمنها الملك، فلا تجب الزكاة في سوائم الوقف والخيل المسبلة لعدم الملك، وهذا؛ لأن في الزكاة تمليكًا، والتمليك في غير الملك لا يتصوره"
(5)
.
(1)
الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، شرف الدِّين أَبُو النجا موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي الْمَقْدِسِي الصّالحي، تحقيق: عبد اللطيف مُحَمَّد موسى السبكي، دار المعرفة بيروت، د. ت، 1/ 243.
(2)
التاج والإكليل لمختصر خليل، المَوّاق، 2/ 332.
(3)
تذكرة الفقهاء، الحلي، 5/ 25، وتحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، الحلي، تحقيق: آية الله جعفر السبحاني، مؤسسة الإمام الصادق، إيران، ط 1، 1420 هـ، 3/ 308.
(4)
انظر: البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، المهدي لدين الله أحمد بن يَحْيَى المرتضى، 5/ 154.
(5)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدِّين الكاساني، دار الكتاب العربي، 1983 م، بيروت، 2/ 9.