الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العهد فيُنْتَسَى الوقف، أو يفلس الواقف فيتصرف فيه لنفسه، أو يموت فيتصرف فيه ورثته، وهذا لا يمنع الجواز إذا حصل الأمن من ذلك"
(1)
.
2 - اشتراط النظارة لأشخاص معينين:
لا خلاف بين الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والإمامية والزيدية في جواز وصحة اشتراط النظارة لأشخاص معينين، ولكن إذا ماتوا أو فقدوا الأهلية أو وقع خلل في الشروط المطلوبة في الناظر من الأمانة؛ فإن الأمر يعود إلى القاضي بتعيين من يراه مناسبًا للنظارة
(2)
.
وتثبت النظارة لمن عينه الواقف؛ سواء شرط له النظارة بالاسم أو بالوصف؛ جاء في كشاف القناع: " (ويرجع إلى شرطه)؛ أي الواقف (أيضًا في الناظر فيه)؛ أي الوقف، سواء شرطه لنفسه أو للموقوف عليه أو لغيرهما؛ إما بالتعيين كفلان، أو بالوصف كالأرشد أو الأعلم أو الأكبر"
(3)
.
وسُئل هلال: أرأيت إذا قال: على أنّ ولايتها إلى أبي عبد الله ما أقام بالبصرة؟ قال: هو على ما قال، والولاية إليه ما كان مقيمًا
(4)
.
3 - اشتراط تعدد النظار:
اتفق الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على جواز أن يشترط الواقف كون الناظر واحدًا، أو متعددًا، وعلى أنه إذا اشترط الواقف أن يكون تعدد
(1)
فتح الباري، ابن حجر، 5/ 383، وانظر: المدونة، مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1994 م، 6/ 100 - 11.
(2)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 409، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 88، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج الشربيني، 2/ 392، وكشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 4/ 265، وشرح الأزهار، ابن مفتاح، 3/ 488، ومفتاح الكرامة، العاملي، 9/ 40 - 41.
(3)
كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 4/ 265.
(4)
انظر: أحكام الوقف، هلال، 111.
التصرف في الوقف باتفاق النظّار؛ صح هذا الشرط ووجب اتباعه، ولا ينفذ تصرف أحدهم عنده اتباعا لشرط الواقف
(1)
.
وتتعلق بتعدد النُّظَّار مسائل:
المسألة الأولى: اختلف الفقهاء في ما إذا أسند النظر إلى شخصين دون بيان لكيفية نفوذ تصرفهما على قولين:
القول الأول: ذهب أبو حنيفة، والشافعية والحنابلة إلى أنه لا يصح تصرف أحدهما مستقلا عن الآخر، لأن الواقف لم يرض برأي أحدهما
(2)
.
القول الثاني: ذهب أبو يوسف (من الحنفية) إلى جواز أن ينفرد كل من الناظرين بالتصرف، جاء في الإسعاف: لو جعل الواقف ولاية الوقف إلى رجلين فإنه يجوز انفرادهما بالتصرف عنده؛ أي عند أبي يوسف
(3)
.
ومن صور التعدد ما يأتي:
أ - قال الحنفية: لو جَعل الواقف النظر لرجل، ثم جعل رجلًا آخر وصيًّا؛ كانا ناظرين، ويكون الوصي شريكًا للمتولي في أمر الوقف، إلّا أن يخصص بأن يقول: وقفت أرضي على كذا، وجعلت ولايتها لفلان، وجعلت فلانًا وصيي في تركاتي وجميع أموري، فحينئذ ينفرد كل منهما بما فوّض إليه
(4)
، وقد علق عليه
(1)
انظر: في هذه المسألة: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 3/ 409، وشرح الخرشي، 8/ 193، وعقد الجواهر الثمينة، ابن نجم المالكي، 3/ 430، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، الرملي، 5/ 398 - 399، وكشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 4/ 272، وشرح منتهي الإرادات ابن النجار، 2/ 505.
(2)
انظر: الإسعاف في أحكام الوقف، الطرابلسي، 50، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، الشربيني،2/ 394، وكشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 4/ 272.
(3)
انظر: الإسعاف في أحكام الوقف، الطرابلسي، 50.
(4)
انظر: المرجع السابق، 50.
ابن عابدين الحنفي بقوله: "ولعل وجهه أن تخصيص كل منهما بشيء في مجلس واحد قرينة على عدم المشاركة"
(1)
.
ب - ولو وجد كتابان لوقف واحد في كل كتاب اسم متول، وتأريخ الثاني متأخر، فإنهما يشتركان
(2)
.
المسألة الثانية: لو أسند الواقف النظارة لغيره بأفعل التفضيل؛ كأفضل أولاده أو أرشدهم، وتحقق الوصف في أكثر من واحد؛ فذهب الحنفية إلى أنهم لا يشتركون في النظارة، وإنما تكون النظارة لأكبرهم سنًّا
(3)
.
ومما ذكره الشافعية في هذا الباب من صور التعدد: أنه لو أن الواقف شرط أن يكون الناظر هو الأرشد من أولاده، فالأرشد، فأثبت كل منهم أنه الأرشد، فإنهم يشتركون في النظر، ولا يستقل أحدهم بالتصرف، لأن الأرشدية قد سقطت بتعارض البينات، وبقي أصل الرشد، وإن وُجدت الأرشدية في بعض منهم اختص بالنظر
(4)
.
وبهذا أفتى شيخ الإسلام الملا أبو السعود من الحنفية
(5)
.
المسألة الثالثة: إذا أوصى الواقف بالنظارة لاثنين؛ فقبل أحدهما وردّ الآخر أو مات؛ فهل يضم القاضي آخر بدله أو لا؟ للفقهاء في هذا قولان:
القول الأول: للشافعية
(6)
، والحنابلة
(7)
، وهو أن القاضي يضم آخر إلى مَن قبل؛ لأن الواقف لم يرض إلا باثنين.
(1)
رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 3/ 409 - 410.
(2)
انظر: المرجع السابق، 3/ 410.
(3)
انظر: الإسعاف في أحكام الوقف، الطرابلسي، ص 71.
(4)
انظر: مغني المحتاج في معرفة معاني المنهاج، الشربيني، 2/ 394.
(5)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 4/ 457.
(6)
انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج، الشربيني، 2/ 394.
(7)
انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 4/ 273.