الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو المعتمد من مذهب المالكية
(1)
، وهو وجه عند الحنابلة
(2)
، حيث قالوا: والوقف المؤقت يُتصور في وقف الأعيان مدة من الزمن، أو لتحقيق غاية وقتية ينحلّ الوقف بعدها، كما يتصور في وقف منافع أعيان الأموال، ومنافع الإنسان؛ سواء كان مستأجرًا للقيام بها، أو كان عم يؤديه الواقف لها
(3)
.
أدلة هذا القول
(4)
:
ذكر القائلون بجواز تأقيت الوقف جملة من الحجج العقلية ونحوها؛ تسند ما ذهبوا إليه، ومن ذلك:
أن هذا النوع من الوقف يحقق زيادة عدد الواقفين؛ مما يستتبع زيادة عدد المنتفعين بالوقف، وتلك مصلحة معتبرة في عموم الشريعة.
- أن الوقف عبارة عن تمليك منافع الموقوف إلى الموقوف عليهم، وقد جاز وقف المنافع مؤبدا؛ فيجوز مؤقتا بالأولى
(5)
وذلك لأن هذا الغرض يتحقق لهم بالتأقيت أيضًا.
- الوقف صدقة لم يرد عن الشارع ما يمنع من تأقيتها؛ إذ الذي ورد عنه هو منع التصرف فيها بعوض أو بغيره مدة وقفها، وحظر تأقيت الوقف إنما يكون بنصّ يحرمه، فلما لم يرد نص يدلّ بمنطوقه ولا مفهومه على هذا الحظر، كان باقيًا على أصل المشروعية
(6)
.
(1)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 79، وجواهر الإكليل شرح مختصر الشيخ خليل، صالح عبد السميع الأبي، 2/ 208.
(2)
انظر: الإنصاف، المرداوي الحنبلي، 7/ 56.
(3)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 79/ 4، والإنصاف، المرداوي الحنبلي، 7/ 56.
(4)
انظر: المرجعين السابقين.
(5)
انظر: شرح السير الكبير، محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي، الشركة الشرقية للإعلانات، 1971 م،5/ 217.
(6)
انظر: بحث الوقف المؤقت (بحث مقدم إلى المؤتمر الثاني للوقف عن الصيغ التنموية والرؤى المستقبلية للوقف)، د. ماجدة محمود هزاع، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1427 هـ، 17.
- القول بجواز التأقيت؛ يساهم في تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي الذي هو من مبادئ الشريعة الإسلامية؛ فكلما كثُر الواقفون وإن بشرط التأقيت؛ كثُر المشمولون بخير هذه الأوقاف.
- الوقف المؤقت يحقق الكفاية والوفرة بالنسبة لبعض ضرورات الحياة وحاجياتها لقطاع كبير من أفراد المجتمع.
- الوقف المؤقت يخفف العبء عن كاهل الدولة التي تطالب دائما بالوفاء بحاجات المجتمع الضرورية والحاجية، ويعمل على توفيرِ كثير من بنود ميزانيتها لتوجَّه إلى أغراض يتحقق بها صلاح المجتمع والأمة.
- الوقف المؤقت يعمق روح الانتماء والترابط والتآزر بين أفراد المجتمع؛ بما يُفيضهن من خير ومنافع تشمل عددا كثيرا من الأفراد.
- في القول بجواز الوقف المؤقت؛ توسعة على الناس في عمل الخير، وبسبب التضييق فيه؛ انصرف عنه كثير من الناس؛ لأن النفوس بطبيعتها مجبولة على التعلق بممتلكاتها، فإذا علمت أن شيئًا من ذلك سينتفع به الناس مدة ثم يرجع إلى حيّز الملكية، فإنها تنشط أكثر، في حين أنها لو علمت بخروجه كليةً من العهدة، وارتفاع اليد أبدًا عن ملكيته لأحجمت عنه إلا ما رحم ربي؛ وهذا بالطبع في غير المساجد؛ فلا ينبغي أن يقال بجواز تأقيت وقفيتها، لأنها قائمة على التأبيد.
ويستنبط من اشتراط الخليفة عمر رضي الله عنه: "أن لا يباع أصلها، ولا يوهب
…
"
(1)
. القول الثاني: الوقف لا يكون إلا مؤبدا، ولا يجوز اشتراط تأقيته.
وهو مذهب جمهور الحنفية
(2)
، وبعض المالكية
(3)
، وهو المشهور من مذهب الشافعية
(1)
صحيح البخاري، 2772، 2737، وصحيح مسلم 1632.
(2)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 3/ 506، والفتاوي الهندية 3/ 304.
(3)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 79.
والحنابلة
(1)
، ومقتضى قول ابن حزم الظاهريّ
(2)
، ومذهب الإمامية
(3)
.
أدلة هذا القول:
ذكر القائلون بعدم جواز تأقيت الوقف جملة من الحجج العقلية؛ تسند ما ذهبوا إليه، ومن ذلك:
- أن الوقف في أصله يعدّ إخراجًا دائمًا للمال على وجه القربة، فلم يجز تحديد زمنه بمدة؛ لأن المقصود من شرعية الوقف هو التصدق الدائم، وذلك مقتضي كينونة إنشائه على سبيل التأبيد لا التأقيت
(4)
.
- حقيقة الوقف إزالةُ الملك لا إلى حدٍّ؛ فلا يحتمل التوقيت؛ كالإعتاق، وجعل الدار مسجدا
(5)
.
- القول بتأبيد الوقف وعدم جواز تأقيته، يناسب الاستثمار؛ لأنه يمثل استقرارًا اللعين ويمكن من استغلالها إلى أقصى الحدود المتاحة
(6)
.
إن الأحاديث الواردة في الوقف يظهر منها إرادة التأبيد؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "حَبِّس الأصل، وسَبِّل الثمرة"
(7)
ويمكن أن يجاب عنه بأن هذه الأحاديث ليست نصًا في ذلك، كما أنها لا تدل على منع التأقيت.
(1)
انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج، 2/ 383، وكشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 14/ 378، والإنصاف، المرداوي، 7/ 56.
(2)
انظر: المحلى بالآثار، ابن حزم، 10/ 137 - 175.
(3)
انظر: شرائع الإسلام، الحلي، 2/ 449.
(4)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين،3/ 394 و 398، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 87 و 89، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، الشربيني،2/ 383 - 385، وكشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي،4/ 269 و 277 ومابعدها، والمغني، ابن قدامة،5/ 552 و 570 و 572.
(5)
انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني،6/ 220.
(6)
انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، 12/ 28.
(7)
رواه الشافعي في الأم،5/ 108 وغيره، وقال ابن الملقن في البدر المنير،7/ 99:(حديث صحيح)، ورواه النسائي، وقال الألباني في صحيح النسائي 3606:(صحيح).