الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فظاهر الوصية ليس فيها تحديد ترميم أو صيانة المسجد، فهي عامة تشمل هذه وغيرها، وجاءت الفتوى بجواز الصيانة بإعادة ما تهدم لما فيه من مصلحة حفظ كلية الدِّين التي قصدها الواقف من وقفه، ويقاس عليه غيره من الوقف.
وجاء في توصيات مجمع الفقه الإسلامي في دورته الخامسة عشرة: "يجوز استثمار المخصصات المتجمعة من الريع للصيانة وإعادة الإعمار ولغيرها من الأغراض المشروعة الأخرى"
(1)
.
فظاهر كلام الفقهاء في مسألة عمارة الوقف، أي صيانته وترميمه مبني على المصلحة الشرعية القاضية بجلب المصلحة ودفع المفسدة، فترك الوقف دون ترميم مفسدة يجب دفعها، وكذلك استمرار الوقف ومقاصده مرهون بعمارته وما لا يتم الواجب إلا به؛ فهو واجب.
ب) دفع مستحقات العمال والقائمين عليه
(2)
:
يتفق فقهاء الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والإمامية، والإباضية على أن دفع مستحقات العمال والمشرفين على الوقف والأجراء من وظائف ناظر الوقف أو وكيله.
فجاء عن الحنفية في بيان وظائف الناظر في التصرف في غلَّة الوقف فذكروا منها دفع مراتبات العمال، أو على حد تعبيرهم:"وأجرة القوام"
(3)
.
وجاء عن المالكية بيانهم أن أجرة الناظر تكون من غلَّة الوقف يجعلها له القاضي أو الواقف: "قوله: وأجرته، أي ويجعل له أجرة من ريعه"
(4)
.
(1)
انظر: قرار رقم 140 (6/ 15) بشأن الاستثمار في الوقف وفي غلاته وريعه، مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الخامسة عشرة بمسقط، سلطنة عُمان، من 14 إلى 19 المحرم 1435 هـ الموافق 6 - 11 آذار (مارس) 2004 م.
(2)
انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 254.
(3)
انظر: المرجع السابق، 5/ 254.
(4)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، مُحَمَّد بن أحمد الدسوقي، 4/ 88.
وجاء عن الشافعية: "ويصرف الموقوف، أي ريع الموقوف
…
في أجرة القيم"
(1)
.
وجاء عن الحنابلة: "في مساجد وجوامع لهم أوقاف، وفيها قوام وأئمة، ومؤذنون، فهل لقاضي المكان أن يصرف منه إلى نفسه؟ الجواب: بل الواجب صرف هذه الأموال في مصارفها الشرعية، فيصرف من الجوامع والمساجد إلى الأئمة والمؤذنين والقوام ما يستحقه أمثالهم."
(2)
.
وجاء عن الزيدية قولهم: "له صرف غلَّة الوقف في واحد من المستحقين أو أكثر من واحد بحسب ما يراه من الصّلاح ومطابقة قصد الواقف"
(3)
، ومن عناصر صلاح الوقف دفع مستحقات العمال والقائمين عليه.
وجاء عن الإمامية أن: "تقسيم الوقف حسب الواقف"
(4)
.
وجاء عن الإباضية: "وسئل عن أهل بلد أرادوا أن يوكلوا لمسجدهم وكيلا للقيام بمصالحه وعمارة أمواله، ويجعلون له العشر أجرة قيامه؛ فامتنع بعضهم من ذلك ورضي الباقون، فهل لهم أن يعطوه ذلك؟ الجواب: يقدر الجماعة لوكيل مال المسجد من غلته ما يرونه له على قدر عنائه وخدمته إن استحق العشر أو أكثر على قدر حفظه وقيامه لصلاحه من فسل أو غيره فلا بأس عليهم، والله أعلم"
(5)
، فالشاهد في كلام الشيخ: إن الجماعة تقوم بوظيفة النظارة على الوقف، ومن واجبات الناظر دفع أجرة القائم على المسجد في عمارته وتنمية أمواله.
فاستمرار مقاصد الوقف عند الفقهاء لا تتحقق إلا بدفع أجرة لمن هو قائم على تسييره من ناظر وقيم وحارس وعامل زراعي وغيرهم
…
حَتَّى يمكن محاسبتهم على ما أوكل إليهم من مسؤوليات نحو الوقف.
(1)
أسنى المطالب شرح روض الطالب، زكريا الأنصاري، 2/ 476.
(2)
الفتاوى الكبرى، ابن تيمية، 4/ 273.
(3)
شرح الأزهار، ابن مفتاح، 3/ 494.
(4)
المهذب، ابن البراج، مؤسسة النشر الإسلامي، إيران، 2/ 89.
(5)
خلاصة الوسائل، عيسى بن صالح الحارثي، 4/ 72.