الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: تراخي قبول النظارة عن الإيجاب:
لا خلاف بين الفقهاء في صحة قبول الناظر النظارة إذا صدر القبول من الناظر فور إيجاب من يملك تولية النظر، وإنما اختلفوا في صحة النظارة عند تراخي القبول عن الإيجاب على ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا يُشترط لصحة النظارة فورية القبول من الناظر؛ فتصح النظارة مع تراخي القبول كما تصح مع فوريته.
وإليه ذهب الحنفية، والمالكية في قول، والشافعية في المذهب، والحنابلة، والإمامية، والزيدية في الأصح
(1)
.
فعند الحنفية: "قبول الوكيل ليس بشرط لصحة الوكالة استحسانًا، ولكن إذا ردَّ الوكيل الوكالة ترتد"
(2)
، وكذا:"إذا وكَّل رجلًا غائبًا، وأخبره رجل بالوكالة؛ يصير وكيلًا"
(3)
.
وذهب الشافعية إلى أنه: "يصح قبولها (أي الوكالة) على الفور والتراخي، بأن يوكله في بيع شيء فيبيعه بعد سنة، أو يبلغه أنه وكَّله منذ شهر فيقول: قبلت"
(4)
.
وعند المالكية: "لا بد من قبول التوكيل؛ فإن تراخي قبوله بزمن طويل فيتخرَّج فيه قولان"
(5)
.
(1)
انظر: منح الجليل، عليش، 6/ 368، وأسنى المطالب، الأنصاري، 2/ 266، والتنبيه في الفقه الشافعي، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزابادي الشيرازي، تحقيق: مركز الخدمات والأبحاث الثقافية، عالم الكتب، القاهرة، ط 1، 1403 هـ/1983 م، 108، والمهذب، الشيرازي، 1/ 350، وكشاف القناع، البهوتي، 3/ 462، والفتاوى الهندية، 3/ 560، والبحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضي، 5/ 55، وتحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، الحلي، 3/ 22، والروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية، زين الدين الجبعي العاملي، 5/ 14.
(2)
الفتاوي الهندية، 3/ 560.
(3)
المرجع السابق، 3/ 561.
(4)
كشاف القناع، البهوتي، 3/ 462.
(5)
منح الجليل، عليش، 6/ 368.
وقال ابن قدامة من الحنابلة بعد أن ذكر ما تصحُّ به الوكالة: "يجوز القبول على الفور والتراخي؛ نحو أن يبلغه أن رجلًا وكلَّه في بيع شيء منذ سنة؛ فيبيعه، أو يقول: قبلت، أو يأمره بفعل شيء فيفعله بعد مدة طويلة؛ لأن قبول وكلاء النبي صلى الله عليه وسلم لوكالته كان بفعلهم، وكان متراخيًا عن توكيله إياهم؛ ولأنه إذن في التصرُّف، والإذن قائم ما لم يرجع عنه، فأشبه الإباحة"
(1)
.
وعند الإمامية: "يجوز مطلقًا، سواء تأخَّر عن الإيجاب، أو قارن"
(2)
.
وعند الزيدية: "في التراخي وجهان
…
أصحهما: يصحّ، ما لم يرد"
(3)
.
القول الثاني: يُشترط لصحة النظارة فورية القبول، فإن وقع القبول فورًا فتصح النظارة، وإلا بَطَل الإيجاب؛ لأنه عقد في حال الحياة، فكان القبول فيه على الفور.
وإليه ذهب المالكية في قول ثانٍ، والقاضي أبو حامد المروروذي من الشافعية، والزيدية في مقابل الأصح.
فقد قال ابن عرفة وابن شاس من المالكية: "لا بدَّ في الصيغة من القبول؛ فإن وقع بالفور فواضح، وإن تأخَّر ففي لغوه قولان على الروايتين في لغو التخيير بانقضاء المجلس"
(4)
.
ونقل في المهذب عن القاضي أبي حامد المروروذي من الشافعية أنه قال: "لا يجوز إلا على الفور؛ لأنه عقد في حال الحياة؛ فكان القبول فيه على الفور؛ كالبيع"
(5)
.
(1)
المغني، ابن قدامة، 5/ 202.
(2)
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية، زين الدين الجبعي العاملي، 5/ 14.
(3)
البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضي، 5/ 55.
(4)
منح الجليل، عليش، 6/ 368، والبهجة في شرح التحفة، التسولي، 1/ 348، والمهذب، الشيرازي، 1/ 350، والبحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضي، 5/ 55.
(5)
النظم المستعذب في شرح غريب المهذب بهامش المهذب في فقه الإمام الشافعي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطال الركبي، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، 1416 هـ/ 1955 م، 2/ 164.