الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس عزل الناظر
قال القرافي المالكي: "العزل هو فسخ الولاية وردُّ المتولي كما كان قبلها؛ كفسخ العقود في البيع وغيره"
(1)
، وعزل الناظر إما أن يكون من قِبله بمعنى أنه يعزل نفسه عن النظارة، أو يكون من قبل ممن يملك تولية الناظر.
أولًا: عزل الناظر نفسه:
اختلف الفقهاء فيما يترتب على عزل الناظر نفسه على قولين:
القول الأول: الناظر لا ينعزل بمجرد عزل نفسه، وإليه ذهب أكثر الحنفية، وأكثر الشافعية
(2)
.
فمن كتب الحنفية؛ جاء في القنية: "الناظر المشروط له النظر إذا عزل نفسه لا ينعزل إلا أن يخرجه الواقف أو القاضي"
(3)
.
وفي البزازية: "المتولي من جهة الحاكم امتنع من العمل ولم يرفع الأمر بعزل نفسه إلى الحاكم لا يخرج عن التولية"
(4)
.
وفي الفتاوى الهندية: "لو قال متولي من جهة الواقف عزلت نفسي لا ينعزل إلا أن يقول له أو للقاضي فيخرجه"
(5)
.
وجاء في الغرر البهية تعليقًا على عبارة البهجة الوردية "بل ينصب الحاكم ناظرًا": وقضية هذا أنه انعزل بعزل نفسه، لكن قال السبكي: الذي أراه أنه لا ينعزل، لكن لا يجب عليه النظر، بل له الامتناع ورفع الأمر إلى القاضي ليقيم غيره مقامه، وعليه فتولية الحاكم غيره كما مرَّ ليس لانعزاله، بل لامتناعه"
(6)
.
(1)
الذخيرة، القرافي 10/ 127.
(2)
انظر: حاشية ابن عابدين، 4/ 526، والغرر البهية في شرح البهجة الوردية، الأنصاري، 3/ 377.
(3)
حاشية ابن عابدين، 4/ 428.
(4)
البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 254.
(5)
الفتاوى الهندية، 2/ 413.
(6)
الغرر البهية شرح البهجة الوردية، الأنصاري، 3/ 377.
وقال القليوبي من الشافعية بعد أن ذكر أن النظر بعد زوال أهلية الناظر ينتقل إلى الحاكم: عُلم مما ذكر أن الناظر بشرط الواقف لا ينعزل ولو بعزل نفسه أو غيره، ولا يبدل بغيره
(1)
.
وعبَّر السبكي عن الخلاف بين الشافعية في المسألة بقوله: "الخامسة هل له أن يعزل نفسه بعد أن قبل؟ إن جعلناه كالوكيل فله ذلك ولكنه بعيد، وإن جعلناه كالموقوف عليه وهو الذي مال إليه ابن الرفعة فلا، ولا ينفذ عزله كما لو أسقط الموقوف إليه حقه بعد قبوله لا يسقط، وقال ابن الصلاح: لو عزل نفسه ليس للواقف نصب غيره، ولم يصرح ابن الصلاح بأن ذلك بعد القبول، فجاز أن يكون قبل القبول فيكون ردًّا، وجاز أن يكون مراده بالعزل امتناعه من النظر، وجاز أن يكون يعتقد أنه كالوكيل؛ فإن كان كذلك خالفناه"
(2)
.
القول الثاني: للناظر عزل نفسه، وإليه ذهب العلامة قاسم من الحنفية، والمالكية وبعض الشافعية، وهو ما يؤخذ من عبارات الحنابلة والزيدية.
قال الدسوقي من المالكية: "للناظر عزل نفسه، ولو ولاه الواقف"
(3)
.
وقال ابن عابدين من الحنفية: "للمتولي عزل نفسه عند القاضي، وأن من العزل الفراغ لغيره عن وظيفة النظر أو غيره، وأنه لا ينعزل بمجرد عزل نفسه؛ خلافًا للعلامة قاسم"
(4)
.
وإلى ذلك ذهب بعض الشافعية، كما حكى الإمام السبكي الخلاف في فتاواه
(5)
.
(1)
انظر: حاشية القليوبي، 3/ 110.
(2)
فتاوى السبكي، أبو الحسن تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي، دار المعارف، د. ت، 2/ 134 - 135.
(3)
حاشية الدسوقي، 4/ 88.
(4)
حاشية ابن عابدين، 4/ 519.
(5)
انظر: فتاوى السبكي، 2/ 134 - 135.