الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقد جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي ما يتضمن دعم زيادة الرأسمالية للأصول الموقوفة من خلال القول بمشروعية:
أ - إقامة شركة بين جهة الوقف بقيمة أعيانه وبين أرباب المال بما يوظفونه لتعمير الوقف.
ب - تقديم أعيان الوقف - كأصل ثابت - إلى من يعمل فيها بتعميرها من ماله بنسبة من الريع.
ج - تعمير الوقف بعقد الاستصناع مع المصارف الإسلامية، لقاء بدل من الريع.
د - إيجار الوقف بأجرة عينية هي البناء عليه وحده، أو مع أجرة يسيرة"
(1)
.
وكذا قولهم بجواز وقف الأسهم والصكوك واستعمال عوائدها في أغراض الوقف
(2)
.
ودعوتهم القائمين على الوقف: "الأخذ بعقد البناء والتشغيل والإعادة في تعمير الأوقاف"
(3)
، لما فيه من مصالح أهمها إعادة تأهيل الأرض الوقفية.
الاتجاه الثاني: منع التصرُّف في الأصول الموقوفة لزيادة قيمتها الرأسمالية احترامًا لشرط الواقف:
(1)
قرار رقم: 30 (5/ 4) بشأن سندات المقارضة وسندات الاستثمار، مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18 - 23 جمادى الآخر 1408 هـ الموافق 6 - 11 شباط (فبراير) 1988 م.
(2)
انظر: قرار رقم 181 (7/ 19)، بشأن وقف الأسهم والصكوك والحقوق المعنوية والمنافع، مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة) من 1 إلى 5 جمادي الأولى 1430 هـ، الموافق 26 - 30 نيسان (إبريل) 2009 م.
(3)
انظر: قرار رقم 182 (8/ 19)، بشأن تطبيق نظام البناء والتشغيل والإعادة (b .o. t) في تعمير الأوقاف والمرافق العامة، مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة) من 1 إلى 5 جمادى الأولى 1430 هـ، الموافق 26 - 30 نيسان (إبريل) 2009 م.
منع فقهاء المدارس الفقهية في الرواية الثانية عنهم النظار التصرُّف في الأصول الموقوفة لزيادة رأسمالها إلا في حدود ما يشترطه الواقف في إجارة الأصول الموقوفة أو ما دعت إليه الضرورة أو بما تقرر من عرف صحيح (كإجارة المثل)، ويمكن حصر اجتهاداتهم فيما يأتي:
القول الأول: منع زيادة القيمة الرأسمالية للوقف بتغيير صورة الانتفاع منه:
منع فقهاء الشافعية، والإمامية، والإباضية تغيير صورة الوقف مراعاة للضابط الكلي من وجوب "احترام شرط الواقف".
فجاء في ظاهر - الرواية الثانية - عن الشافعية، منعهم التصرُّف بالزيادة في الأصول الموقوفة بغية زيادة رأسمالها إلا في حدود ما اشترطه الواقف أو بإذنه أو ما دعت إليه الضرورة، إذ قالوا:"ولا تغييره عن هيئته، كجعل البستان دارًا أو حمَّامًا إلا إن شرط الواقف العمل بالمصلحة؛ فيجوز التغيير بحسبها عملا بشرطه"
(1)
.
والقول بالمنع بالتصرف بالزيادة في ظاهر - الرواية الثانية - عن الإمامية احتراما الشرط الواقف ولإمكانية الانتفاع به على الهيئة التي حددها، إذ قال صاحب منهاج الصالحين:"فلا يجوز - التغيير - مع إمكان الانتفاع به على الوجه الذي وقف عليه"
(2)
.
وهو ظاهر الرواية الثانية عن الإباضية إذ جاء عن في كتاب الفتاوى للشيخ الخليلي: "هناك قطعة أرض للوقف، مقام على جزء منها دكان، وهناك جزء خالٍ من ذلك؟ يريد أحد الأشخاص بناء منزل مكان الدكان، وقد رأينا أن البنيان أفضل وأغلى وأجدى من الأرض - إذ العائد من البنيان أكبر من العائد من الأرض - فما رأي سماحتكم في ذلك؟ الجواب: لا بدَّ في ذلك من مراعاة مصلحة الموقوف له، فإن تعينت المصلحة فلا حرج في ذلك"
(3)
.
(1)
أسنى المطالب في شرح روض الطالب، الأنصاري، 2/ 476.
(2)
منهاج الصالحين، السيد محمد سعيد الحكيم، 2/ 28.
(3)
الفتاوى، أحمد الخليلي بن حمد الخليلي، الأجيال للتسويق، مسقط، ط 1، 1424 هـ/ 2004 م، 4/ 213.
فالشاهد قوله: "فإن تعينت المصلحة" فيدل على الفتوى بالتغيير مرهونة بقيام ضرورة لذلك.
القول الثاني: منع المراجعة الدورية لإجارة الأصول الموقوفة:
جاءت بعض الفتاوى الفقهية بمنع التصرُّف في شرط الواقف في المراجعة الدورية للأصول الموقوفة، والتي يمكن حصرها إجمالًا في الآتي:
تحديد مدة الإجارة: منع فقهاء الحنفية، والزيدية، والإمامية التصرُّف في شرط الواقف في تحديد مدة الإجارة ولو لزيادة رأسماله احترامًا لشرط الواقف.
فجاء - في الرواية الأولى - عن الحنفية القول بمنع مخالفة شرط الواقف في تحديد مدة الإجارة للأعيان الموقوفة، إذ جاء عنهم:"لا تجوز إجارة الوقف أكثر من المدة التي شرطها الواقف؛ لأنه يجب اعتبار شرط الواقف، لأنه ملكه أخرجه بشرط معلوم ولا يخرج إلا بشرطه"
(1)
.
وجاء عن متأخري فقهائهم - وهي الرواية الثانية عنهم - الاجتهاد بتقييدها بأن لا تكون: "أكثر من سنة"
(2)
.
وجاء عن الزيدية تحديدها بأن تكون: "دون ثلاث سنين"
(3)
، ولعل الاجتهاد بالتحديد خرج مخرج الاحتياط للأصلح للوقف حتى لا يذهب رسمه.
وجاء عن الإمامية: "فإن كان الواقف قد قدر أن يؤجره مدة معينة؛ لم يجز التخطي"
(4)
.
يظهر مما سبق، أن المدارس الفقهية تتفق على أن من وظائف ناظر الوقف العمل على الزيادة الرأسمالية للوقف وإن لم يشيروا إليها صراحة لكن قولهم بتحديد مدة
(1)
المحيط البرهاني، ابن مازه، دار إحياء التراث العربي، 5/ 746.
(2)
المرجع السابق، 5/ 746.
(3)
السيل الجرار، الشوكاني، 3/ 333.
(4)
تذكرة الفقهاء، الحلي، 2/ 316.