الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الحلي من الإمامية: "فإن قلنا: إنه ملك للموقوف عليه؛ كان له (أي النظر) "
(1)
.
ولا يُتصوَّر عزل الموقوف عليه الناظر عند الحنفية
(2)
والشافعية
(3)
؛ إذ لا يقولون بثبوت الولاية له على الوقف، وهو ما ذهب إليه أيضًا بعض الإمامية
(4)
، فهم في المجمل يرون أنه لا ولاية للموقوف عليه في نصب الناظر مطلقًا
(5)
.
د) عزل القاضي الناظر:
الأصل أن القاضي بما له من ولاية عامة يتولى النظر على جميع الأوقاف، وبناء على هذا الأصل قرر الفقهاء أنه لو شرط الواقف عند إنشاء الوقف أن ليس للسلطان ولا القاضي أن يخرج الأموال الموقوفة من يده ويوليها غيره؛ فهذا الشرط باطل؛ لأنه مخالف لحكم الشرع؛ لأن الشرع أطلق للقاضي إخراج من كان متَّهمًا؛ دفعًا للضرر عن الفقراء
(6)
.
قال ابن عابدين الحنفي نقلًا عن الأشياه: "لا يجوز للقاضي عزل الناظر لمشروط له النظر بلا خيانة، ولو عزله لا يصير الثاني متوليًا، ويصح عزل الناظر بلا خيانة لو منصوب القاضي"
(7)
.
وذكر البدر القرافي المالكي: "أن القاضي لا يعزل الناظر إلا بجنحة"
(8)
.
(1)
تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، الحلي، 3/ 314.
(2)
الدر المختار مع حاشية ابن عابدين، 3/ 409 - 410، وأحكام الوقف، هلال بن يحيى البصري الحنفي المعروف بـ "هلال الرأي"، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، ط 1، 1355 هـ، 102 - 103.
(3)
نهاية المحتاج، الرملي، 5/ 397 - 399.
(4)
مفتاح الكرامة، الحسيني العاملي، 9/ 42.
(5)
انظر: النظارة على الوقف، خالد عبد الله شعيب، 84.
(6)
المحيط البرهاني، ابن مازة، 5/ 733، ولسان الحكام في معرفة الأحكام، ابن الشحنة، 299، وكشاف القناع، البهوتي، 6/ 325.
(7)
حاشية ابن عابدين، 4/ 438.
(8)
حاشية الصاوي على الشرح الصغير، 4/ 119.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي تعليقًا على عبارة المنهاج "وللواقف عزل من ولاه ونصب غيره إلا أن يشرط نظره حال الوقف": "فليس له عزله ولو لمصلحة؛ لأنه لا تغيير لما شرطه، كما ليس لغير ذلك؛ ولأنه لا نظر له حينئذ"
(1)
.
وقال المرتضى من الزيدية بعد أن ذكر من له الولاية على الوقف بالترتيب: "ثم الإمام والحاكم، ولا يعترضان من مرَّ إلا لخيانة"
(2)
.
ويستدلُّ الفقهاء على ما ذهبوا إليه من أن القاضي لا يملك عزل الناظر المشروط له النظر إلا بسبب موجب للعزل بأن ولاية القاضي متأخرة عن المشروط له ووصيه
(3)
.
ثم اختلف الفقهاء في حقِّ القاضي في عزل الناظر الذي نصب من قبله من حيث الإطلاق والتقييد على ثلاثة أقوال:
القول الأول: حقُّ القاضي في عزل الناظر المنصوب من قبله مطلقًا؛ وإليه ذهب بعض الحنفية، وهو ما يؤخذ من إطلاق عبارات الحنابلة.
جاء في البحر الرائق: "فإن قلت هل للقاضي عزل من ولاه بغير جنحة؟ قلت نعم"
(4)
.
وقال في موضع آخر: "إن للقاضي عزل منصوب قاض آخر بغير خيانة إذا رأى المصلحة"
(5)
.
وقال في الأشباه والنظائر: "ويصح عزل الناظر بلا خيانة إن كان منصوب القاضي"
(6)
.
القول الثاني: القاضي ليس له أن يعزل المنصوب من قِبله بلا سبب يوجب عزله؛ وإليه ذهب المالكية والشافعية.
(1)
مغني المحتاج، الشربيني الشافعي، 2/ 395.
(2)
البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، المهدي لدين الله أحمد بن يحيى المرتضى، 4/ 165.
(3)
انظر: حاشية ابن عابدين، 4/ 423.
(4)
البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 253.
(5)
المرجع السابق، 5/ 261.
(6)
الأشباه والنظائر، ابن نجيم، 195.
قال التُّسُولى من المالكية: "إذا عين المحبس ناظرًا فليس له عزله لتعلق حق المحبس عليهم بنظره لهم حتى يثبت ما يوجب تأخيره من تقصيره وتفريطه قاله في المعيار عن ابن لب قال: وهذا بمنزلة مقدم القاضي على النظر في أمر المحجور أو المحبس فلا يعزله أحد لا القاضي الذي ولاه ولا غيره إلا أن يثبت ما يوجب عزله"
(1)
.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري من الشافعية: "إذا أقام ناظرًا لم يكن له عزله بلا سبب، ولو عزله لم ينعزل بل لو عزله الإمام لم ينعزل؛ لأنه في هذه الحالة ليس نائب القاضي ولا الإمام وإنما أقامه القاضي لمصلحة الوقف والمسلمين بخلاف ما إذا كان النظر للقاضي بشرط الواقف"
(2)
.
القول الثالث: عزل القاضي من ولَّاه مقيَّد بالمصلحة، وإليه ذهب بعض الحنفية
(3)
.
فقد جاء في الخانية: "لو أن قيِّمين في وقف أقام كل قيم قاضي بلدة غير قاضي بلدة أخرى هل يجوز لكل واحد منهما أن يتصرَّف بدون الآخر، قال الشيخ الإمام إسماعيل الزاهد: ينبغي أن يجوز تصرف كل واحد منهما ولو أن واحدًا من هذين القاضيين أراد أن يعزل القيم الذي أقامه القاضي الآخر، فإن رأي القاضي المصلحة في عزل الآخر كان له ذلك وإلا فلا"
(4)
، وقال ابن نجيم بعد نقل عبارة الخانية:"وفيه دليل على أن للقاضي عزل منصوب قاضٍ آخر بغير خيانة إذا رأى المصلحة"
(5)
.
(1)
البهجة شرح التحفة، التسولي، 2/ 377.
(2)
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية، الأنصاري، 5/ 220.
(3)
انظر: البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 254، ومنحة الخالق على البحر الرائق، 5/ 254، والفتاوى الهندية، 2/ 413.
(4)
البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 261.
(5)
البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، 5/ 261.