الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك شروطه الخاصة بتصرف الناظر في الوقف من حيث الاستعمال والاستغلال، ومن حيث التصرف في ريع الوقف
(1)
، ومن حيث إصدار القرارات التي تصدر منه، حيث اتفق الفقهاء على أنه يتبع شروط الواقف في النظر إلى الوقف ما دام الشرط صحيحًا، لأن الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه جعل وقفه إلى ابنته حفصة تليه ما عاشت، ثم إلى ذوي الرأي من أهلها
(2)
، قال ابن قدامة:"ولأن مصرف الوقف يتبع فيه شرط الواقف، فكذلك الناظر فيه"
(3)
.
1 - اشتراط النظارة للواقف نفسه:
اختلف الفقهاء في جواز اشتراط الواقف النظارة لنفسه على قولين:
القول الأول: لجمهور الفقهاء؛ الحنفية
(4)
، والشافعية
(5)
، والحنابلة
(6)
، والزيدية
(7)
، والإمامية
(8)
وهو أنه يجوز للواقف أن يشترط النظارة لنفسه ويكون عند اشتراطها ناظرًا على الوقف.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
1 -
بفعل الصحابة رضي الله عنه؛ حيث كانوا يتولون النظارة على أوقافهم. قال الشافعي: "أخبرني غير واحد من آل عمر، وآل علي؛ أن عمر ولِيَ صدقته حتى مات،
(1)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، 3/ 384، وفتح القدير، ابن الهمام، 6/ 230 - 231، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 88، ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، الشربيني، 2/ 393، والمغني، ابن قدامة، 5/ 646.
(2)
السنن الكبرى، البيهقي، 6/ 161.
(3)
المغني، ابن قدامة، 5/ 646 - 647.
(4)
انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي، علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني أبو الحسن برهان الدين، تحقيق: طلال يوسف، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 5/ 442.
(5)
انظر: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي، دار الفكر، بيروت، 1404 هـ/ 1984 م، 5/ 397.
(6)
انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، 4/ 265.
(7)
انظر: البحر الزخار، البزار، 4/ 165.
(8)
انظر: مفتاح الكرامة، العاملي، 9/ 40.
وجعلها بعده إلى حفصة، وولي علي صدقته حتى مات، ووليها بعده الحسن بن علي رضي الله عنهما، وأن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وليت صدقتها حتى ماتت، وبلغني عن غير واحد من الأنصار أنه ولي صدقته حتى مات"
(1)
.
2 -
وبأن هذا شرط من الواقف، وشرط الواقف معتبر يجب العمل به كنص الشارع
(2)
.
3 -
ولأن اشتراط الواقف النظر لنفسه لا ينافي الوقف؛ بل ربما كان أدخل في جريانه
(3)
.
القول الثاني: للمالكية، وهو أنه لا يجوز للواقف أن يشترط النظر لنفسه على الوقف؛ فإن شرط النظر لنفسه وكان الموقوف عليه قد حاز الموقوف؛ كان الوقف باطلا، وإن كان الموقوف لا يزال تحت يد الواقف ولم يحزه الموقوف عليه ولم يحصل مانع للوقف كمرض الواقف أو موته أو فلسه؛ صح الوقف، وأجبر الواقف على أن يجعل النظر لغيره، لكن يجوز أن يكون الواقف ناظرًا إذا كان الوقف على صغار ولده أو من في حجره، فإن الواقف هو الذي يتولى حيازة وقفهم والنظر لهم
(4)
.
قال الموّاق في شرح المختصر نقلًا عن ابن شاس: "لا يجوز للرجل أن يُحبِّس ويكون هو وليَّ الحبس"
(5)
، واستدلوا على ذلك بأن حوز الوقف شرط لصحته؛ قياسًا على الهبة والصدقة، واشتراط الواقف النظر لنفسه ينافي الحوز
(6)
، قال ابن بطال: "وإنما منع مالك من ذلك سدًّا للذريعة؛ لئلا يصير كأنه وقف على نفسه، أو يطول
(1)
الأم، الشافعي، 4/ 59، وانظر، السنن الكبرى، البيهقي، 6/ 161 - 162.
(2)
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ (الحاشية: شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس بن إسماعيل بن يونس الشِّلْبِيُّ)، عثمان بن علي بن محجن البارعي، فخر الدين الزيلعي الحنفي، المطبعة الكبرى الأميرية، بولاق، القاهرة، ط 1، 1313 هـ، 3/ 329، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، الرملي، 5/ 397.
(3)
انظر: مفتاح الكرامة، العاملي، 9/ 42.
(4)
انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، 4/ 81.
(5)
مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي، المعروف بالحطاب العيني المالكي، دار الفكر، بيروت، ط 3، 1992 م، 6/ 374.
(6)
انظر: الذخيرة، القرافي، 6/ 318 - 329.