الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للموقوف عليه جملة من الشروط بحثها الفقهاء، وفيما يأتي أهمها:
المبحث الأول اشتراط القربة
هنالك قولان لدى المذاهب الفقهية في اشتراط القرية هما:
القول الأول: اشترط في الوقف أن يكون على قرية وطاعة: وإلى ذلك ذهب الحنفية، ورأي عند الشافعية، ورأي عند الحنابلة، كما ذهب إليه الزيدية، والإمامية.
القول الثاني: أن لا يكون الوقف على معصية (ويدخل فيه بعضهم المباح، والمكروه لدى بعضهم): وإلى ذلك ذهب المالكية، والشافعية في المذهب، والحنابلة في المذهب، والإباضية.
وتفصيل ذلك على النحو الآتي:
القول الأول: الذي يشترط أن يكون الوقف على قربة وطاعة:
أولًا: الحنفية:
المذهب أنه لا بد أن يكون الوقف قربة في ذاته
(1)
، فلو وقف على الأغنياء وحدهم لم يجز
(2)
لأنه ليس بقرية أما لو جعل آخره للفقراء فإنه يكون قرية في الجملة، لكن هنالك من صرح بأن في التصدق على الغني نوع قربة دون قربة الفقير
(3)
.
(1)
انظر: الفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، دار الفكر، ط 2، 1410 هـ / 1990 م، 2/ 353، ورد المحتار على الدر المختار (الدر المختار للحصفكي شرح تنوير الأبصار للتمرتاشي" بأعلى الصفحة، يليه مفصولًا بفاصل "حاشية ابن عابدين عليه المسمى "رد المحتار")، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، ط 2، 1412 هـ / 1992 م،/ 4/ 339 و 341.
(2)
انظر: الفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، دار الفكر، ط 2، 1410 هـ 1990 م، 2/ 404.
(3)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، 4/ 338.
ولذلك اتجه فقهاء المذهب ليصح الوقف أن يذكر في مصرف الوقف مصرفًا فيه حاجة حقيقة كالفقراء، أو استعمالا بين الناس كاليتامى والزمني لأن الغالب فيهم الفقر، وعند ذاك يصح للأغنياء والفقراء منهم إن كانوا يحصون وإلا فلفقرائهم فقط. وروي عن محمد أن ما لا يحصى عشرة، وعن أبي يوسف مائة، وقيل أربعون، وقيل ثمانون، والفتوى أنه مفوض إلى رأي الحاكم
(1)
. ولذلك أجاز فقهاء المذهب أيضًا الوقف على طلبة العلم لأن الغالب فيهم الفقر
(2)
، وكذلك الأمر في الصوفية لأن الفقر فيهم أغلب (وإن كان منهم من لا يصح الوقف عليهم لسوء حالهم ولكونهم من أهل البدع فلا يكون قرية) فلفظ الصوفية إنما يراد به في العادة من كانوا على طريقة مرضية، أما غيرهم فليسوا منهم حقيقة وإن سموا أنفسهم بهذا الاسم، فإذا أطلق الاسم لا يدخلون فيه فيصح الوقف ويستحقه أهل ذلك الاسم حقيقة، وحينئذ تكون علة الصحة غلبة وصف الفقر عليهم
(3)
.
ومن الأمور التي رأي فقهاء المذهب عدم الوقف عليها ما فيها بدعة مثل: وَقَفَ ضَيْعَةً على من يَقْرَأُ عِنْدَ قَبْرِهِ فَلا يَصِحُّ
(4)
.
كما لا يصح وقف مسلم أو ذمي على بيعة: أما بالنسبة للمسلم فلعدم كونه قرية في ذاته، وأما بالنسبة للذمي فلعدم كونه قربة عندنا وعنده لكن لو وقف الذمي على بيعة فإذا خربت يكون للفقراء ابتداء، ولو لم يجعل آخره للفقراء كان ميراثا عنه
(5)
.
(1)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، 4/ 365، والفتاوى الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، 2/ 370 - 371 و 466 بالنسبة للتساوي بين الفقراء والأغنياء عند ذكر الحاجة.
(2)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، 4/ 366.
(3)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، 4/ 456، 457، والفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، 2/ 371.
(4)
انظر: الفتاوي الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، 2/ 371.
(5)
انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، 4/ 342.