الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}
30514 -
عن أبي هريرة، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أُبَيٍّ وهو يصلي، فدعاه:«أيْ أُبَيُّ» . فالتفت إليه أُبَيٌّ، ولم يُجِبْه، ثم إن أُبَيًّا خَفَّف الصلاة، ثم انصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليك، أيْ رسولَ الله. قال:«وعليك، ما منعك إذ دعوتك أن تجيبني؟» . قال: يا رسول الله، كنت أصلي. قال:«أفَلَمْ تَجِدْ فيما أُوحِي إلَيَّ أن {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}؟» . قال: بلى، يا رسول الله، لا أعود
(1)
. (ز)
30515 -
عن أبي سعيد بن المُعَلّى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المسجد وأنا أصلي، فدعاني فصليتُ ثم جئت فقال:«ما منعك أن تجيب حين دعوتك؟ أما سمعت الله عز وجل يقول: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ}»
(2)
. (ز)
30516 -
عن عروة بن الزبير -من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر- في قوله:{إذا دعاكم لما يحييكم} ، أي: للحرب التي أعزَّكم الله بها بعد الذُّلّ، وقوّاكم بها بعد الضعف، ومَنَعَكم بها من عدوِّكم بعد القَهْر منهم لكم
(3)
. (7/ 82)
30517 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: {إذا دعاكم لما يحييكم} ، قال: للحقِّ
(4)
. (7/ 82)
(1)
أخرجه الترمذي 5/ 147 - 148 (3092)، وابن خزيمة 2/ 87 (861)، والحاكم 1/ 745 (2051)، وابن جرير 11/ 106 واللفظ له.
قال الترمذي: «حديث حسن صحيح» .
(2)
أخرجه البخاري 6/ 17 (4474)، 6/ 61 - 62 (4647)، 6/ 81 (4703)، 6/ 187 (5006)، وابن جرير 14/ 124 - 125، وابن أبي حاتم 5/ 1679 (8947) واللفظ له.
(3)
أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام 1/ 669 - ، وابن أبي حاتم 5/ 1680.
(4)
تفسير مجاهد ص 353، وأخرجه ابن جرير 11/ 104، وابن أبي حاتم 5/ 1679. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.
30518 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {إذا دعاكم لما يحييكم} ، قال: هو هذا القرآن؛ فيه الحياة، والثِّقة، والنجاة، والعِصْمَة في الدنيا والآخرة
(1)
. (7/ 82)
30519 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} ، قال: أما {يحييكم} فهو الإسلام، أحياهم بعد موتهم، بعد كفرهم
(2)
. (ز)
30520 -
عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- {إذا دعاكم لما يحييكم} ، يقول: للحرب الذي أعزكم الله بها بعد الذل، وقواكم بعد الضعف، ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم
(3)
[2777]. (ز)
[2777] أفادت الآثار اختلاف المفسرين في قوله تعالى: {إذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ} على أقوال: الأول: إذا دعاكم للإيمان. وهو قول السدي. الثاني: إذا دعاكم للحق. وهو قول مجاهد. الثالث: إذا دعاكم إلى ما في القرآن. وهو قول قتادة. الرابع: إذا دعاكم إلى الحرب وجهاد العدوّ. وهو قول ابن إسحاق.
ورجَّح ابنُ جرير (11/ 105، 106) مستندًا إلى السنة القول الثاني، وجعل القول الثالث والرابع داخلَيْن في معنى القول الثاني، فقال:«معناه: استجيبوا لله وللرسول بالطاعة إذا دعاكم الرسول لما يحييكم من الحق. وذلك أن ذلك إذا كان معناه، كان داخلًا فيه الأمر بإجابتهم لقتال العدوّ والجهاد، والإجابة إذا دعاكم إلى حكم القرآن، وفي الإجابة إلى كل ذلك حياة المجيب. أما في الدنيا، فيقال: الذكر الجميل، وذلك له فيه حياة، وأما في الآخرة، فحياة الأَبَد في الجِنان والخلود فيها» .
ووجَّه ابنُ عطية (4/ 162) الأقوال الثلاثة الأولى، فقال:«وهذا إحياءٌ مستعارٌ؛ لأنه من موت الكفر والجهل» . ووجَّه القول الرابع قائلًا: «وهو يُحْيي بالعزة والغلبة والظفر، فَسَمّى ذلك حياة، كما تقول: حَيِيَتْ حال فلان إذا ارتفعت، ويُحيي أيضًا كما يُحيي الإسلام والطاعة وغير ذلك بأنه يؤدي إلى الحياة الدائمة في الآخرة» .
ووجَّه ابنُ القيم (1/ 441) جميع الأقوال، فقال:«وهذه كلها عبارات عن حقيقة واحدة: وهي القيام بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرًا وباطنًا» . وعلَّق على القول الرابع قائلًا: «الجهاد من أعظم ما يحييهم به في الدنيا، وفي البرزخ، وفي الآخرة. أما في الدنيا: فإن قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد. وأما في البرزخ: فقد قال تعالى: {ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أمْواتًا بَلْ أحْياءٌ عِنْدَ رَبهم يرْزقُونَ} [آل عمران: 169]. وأما في الآخرة: فإن حظ المجاهدين والشهداء من حياتها ونعيمها أعظم من حظ غيرهم» .
وانتقد ابنُ جرير (11/ 106) مستندًا إلى مخالفة ظاهر لفظ الآية القولَ الأول، قائلًا:«وأما قول من قال: معناه: الإسلام، فقولٌ لا معنى له؛ لأن الله قد وصفهم بالإيمان بقوله: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ}، فلا وجْه لأن يُقال للمؤمن: استَجِبْ لله وللرسول إذا دعاك إلى الإسلام والإيمان» . ثم ذكر بسنده روايتين لحديث أبي هريرة حين دعا النبي صلى الله عليه وسلم أُبَيَّ بن كعب وهو يصلي فلم يُجِبْه، فلما انتهى من صلاته اعتذر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان يصلي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«أفلم تجد فيما أوحي إليّ أن {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ}؟» . قال: بلى، يا رسول الله، لا أعود. ثم ذكر (11/ 107) بأن في هذا الحديث:«ما يُبِينُ عن أن المعنيَّ بالآية هم الذين يدعوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما فيه حياتهم بإجابتهم إليه من الحق بعد إسلامهم؛ لأن أُبَيًّا لا شك أنه كان مسلمًا في الوقت الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا في هذين الخبرين» .ووافقه ابنُ عطية (4/ 162).
وزاد ابنُ عطية قولًا عن النقاش أنه قال: «المراد: إذا دعاكم للشهادة» . ثم علّق بقوله: «فهذه صلة حياة الدنيا بحياة الآخرة» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 105، وابن أبي حاتم 5/ 1680. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.
(2)
أخرجه ابن جرير 11/ 104، وابن أبي حاتم 5/ 1680.
(3)
أخرجه ابن جرير 11/ 105، وابن أبي حاتم 5/ 1680.