الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد علمت أنه لم يُطْلِعْك عليه إلا عالمُ السَّرائر، وأشهد ألا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، وكفرت بما سواه. وأمر ابنَيْ أخيه فأسلما، ففيهما نزلت:{يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِمَن فِي أيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرى} ،
…
فقال العباس بعد ذلك: لقد أعطاني الله خصلتين ما من شيء هو أفضل منهما؛ أما أحدهما فالذهب الذي أخذ مني فآتاني الله خيرًا منه عشرين عبدًا، وأما الثانية فتنجيز موعود الله الصادق وهو المغفرة، فليس أحد أفضل من هذا. ومن كان من أسارى بدر وليس له فدًى فإنه يُدْفَع إليه عشرة غلمان يعلمهم الكتاب، فإذا حَذَقُوا
(1)
بَرِئَ الأسير من الفِداء، وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون
(2)
. (ز)
تفسير الآية:
31439 -
عن أبي موسى: أنّ العلاء بن الحضرمي بعَث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمالٍ من البحرين بثمانين ألْفًا، فما أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مالٌ أكثرُ منه، فنُثِر على حَصير، وجاء الناس، فجعَل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعْطِيهم، وما كان يومئذٍ عددٌ ولا وزْنٌ، فجاء العباس، فقال: يا رسول الله، إني أعْطَيتُ فِدائي وفِداءَ عَقِيل يومَ بدر، أعْطِني مِن هذا المال. فقال:«خُذْ» . فحَثى في خَمِيصَتِه
(3)
، ثم ذهَب ينصرِفُ فلم يستطع، فرفَع رأسه، وقال: يا رسول الله، ارفَعْ عَلَيَّ. فتَبَسَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: أمّا أحَدُ ما وعَد اللهُ فَقَدْ أُنجِزَ، ولا أدري الأخرى:«قُلْ لمِن في أيدِيكم من الأُسارى إن يعلَمِ اللهُ في قلوبِكم خيرًا يؤتِكم خيرًا مما أُخِذ منكم» ، هذا خيرٌ مما أُخِذ مِنِّي، ولا أدرى ما يُصْنَعُ في المغفرة
(4)
. (7/ 209)
31440 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء الخراساني- في قوله: {إن يعلَمِ اللهُ في قلوبِكم خيرًا يؤتِكم خيرًا مما أُخِذ منكم} : إيمانًا وتصديقًا، يُخلِفْ لكم خيرًا مما أُصيبَ منكم، ويغفرْ لكم الشركَ الذي كنتُم عليه
(5)
. (7/ 211)
31441 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق العَوْفِي- {يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِمَن فِي أيْدِيكُمْ
(1)
حَذَقوا: عرفوا وأتقنوا. لسان العرب (حذق).
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 126 - 128.
(3)
الخميصة: ثوبُ خز أو صوف مُعْكم، وقيل: لا تسمى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة. النهاية (خمص).
(4)
أخرجه الحاكم 3/ 372 (5423).
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخَرِّجاه» .
(5)
أخرجه ابن جرير 11/ 286. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
مِنَ الأَسْرى} إلى قوله: {واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، يعني بذلك: مَن أُسِرَ يوم بدر، يقول: إن عملتم بطاعتي ونصحتم لرسولي أتيتكم خيرًا مما أُخِذ منكم، وغفرت لكم
(1)
. (ز)
31442 -
عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد بن سليمان- يقول في قوله: {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى} الآية، يعني: العباس وأصحابه أُسِرُوا يوم بدر، يقول الله: إن عملتم بطاعتي، ونصحتم لي ولرسولي؛ أعطيتكم خيرًا مما أُخِذَ منكم، وغفرت لكم. وكان العباس بن عبد المطلب يقول: لقد أعطانا الله خصلتين ما شيء هو أفضل منهما: عشرين عبدًا، وأما الثانية: فنحن في موعود الصادق، ننتظر المغفرة من الله سبحانه
(2)
. (ز)
31443 -
عن عامر الشعبي -من طريق داود- {يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى} ، فقال عامر: أُسِرَ يوم بدر العباس، وعَقِيل، ونَوْفَل بن الحارث بن عبد المطلب
(3)
. (ز)
31444 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: {قل لمن في أيديكم من الأسرى} الآية، قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لَمّا قَدِم عليه مالُ البحرين ثمانون ألفًا، وقد توضأ لصلاة الظهر، فما أعطى يومئذ شاكيًا، ولا حرم سائلًا، وما صلّى يومئذ حتى فَرَّقه، وأمر العباس أن يأخذ منه ويَحْتَثِي، فأخذ. قال: وكان العباس يقول: هذا خير مما أُخِذ منا، وأرجو المغفرة
(4)
. (ز)
31445 -
قال مقاتل بن سليمان: {يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِمَن فِي أيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرى} يعني: العباس وابنَيْ أخيه {إنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا} يعني: إيمانًا، كقوله:{لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا} ، يعني: إيمانًا، وهذا في هود [31]، {يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمّا أُخِذَ مِنكُمْ} من الفداء، فوعدهم الله أن يُخْلِفَ لهم أفضلَ ما أُخِذَ منهم، {ويَغْفِرْ لَكُمْ} ذنوبكم، {واللَّهُ غَفُورٌ} لِما كان منهم من الشرك من ذنوبهم، ذو تجاوز، {رَحِيمٌ} بهم في الإسلام
(5)
. (ز)
31446 -
عن محمد بن أحمد بن أبي العوام، قال: حدثنا أبي، قال: سمعت
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 286.
(2)
أخرجه ابن جرير 11/ 286، وابن أبي حاتم 5/ 1737 بنحوه.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1736.
(4)
أخرجه ابن جرير 11/ 285.
(5)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 126 - 128.