الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنزل الله:
إلى آخر الآية
(1)
. (ز)
تفسير الآية:
{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}
32342 -
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، قال: كانت العربُ يُحِلُّون عامًا شهرًا، وعامًا شهرين، ولا يُصِيبون الحجَّ إلا في كُلِّ ستةٍ وعشرين سنةً مرَّةً، وهو النسيءُ الذي ذكَر الله تعالى في كتابه، فلمّا كان عامُ حجَّ أبو بكر بالناسِ وافَق ذلك العامُ الحجَّ، فسمّاه اللهُ الحجَّ الأكبر، ثم حجَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من العام المُقْبِل، فاستقبل الناسُ الأهِلَّة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنّ الزمان قد استدار كهيئتِه يومَ خلَق الله السماوات والأرض»
(2)
. (7/ 347)
32343 -
عن عبد الله بن عمر، قال: وقَف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالعَقَبة، فقال:«إنّ النسيءَ من الشيطان زيادةٌ في الكفر، يُضَلُّ به الذين كفروا، يُحِلُّونه عامًا، ويُحَرِّمونه عامًا» . فكانوا يُحرِّمون المحرَّم عامًا ويَسْتَحِلُّون صَفَرَ، ويُحَرِّمون صفرَ عامًا ويَسْتَحِلُّون المُحَرَّم، وهو النَّسِيء
(3)
. (7/ 348)
32344 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- {إنما النسيء زيادة في الكفر} ، قال: المُحَرَّمُ كانوا يُسَمُّونه: صفر، وصفرُ يقولون: صَفَران؛ الأوَّلُ والآخِرُ، يُحِلُّ لهم مرةً الأول، ومَرَّةً الآخِر
(4)
. (7/ 349)
32345 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- {إنما النسيء زيادة في
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 456.
(2)
أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار 4/ 90 - 91 (1457)، والطبراني في الأوسط 3/ 196 (2909)، من طريق
الصلت بن مسعود الجحدري، عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، حدثنا داود بن أبي هند، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده به.
قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن شعيب إلا داود بن أبي هند، ولا عن داود إلا محمد بن عبد الرحمن، تفرَّد به الصلت» . وقال الهيثمي في المجمع 7/ 29 (11038): «رجاله ثقات» .
(3)
أخرجه أبو يعلى -كما في إتحاف الخيرة المهرة 6/ 307 (5908) -، وابن أبي حاتم 6/ 1794 (10019) واللفظ له. وهو جزء من الحديث المتقدم في تفسير قوله تعالى:{إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا} عن ابن عمر في خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حِجة الوداع بمنًى، وتقدم تخريجه هناك.
(4)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1794.
الكفر}، قال: فهو المُحَرَّم، كان يُحَرَّم عامًا، وصفر عامًا، وزيد صفر آخَرُ في الأشهر الحرم، وكانوا يُحَرِّمون صفرًا مرَّةً، ويُحِلُّونه مرَّةً، فعاب اللهُ ذلك، وكانت هوازِنُ وغَطَفان وبنو سليم تفعله
(1)
. (ز)
32346 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- قال: {النسيء} أنّ جُنادة بن عوف بن أُميّة الكِناني كان يُوافي الموسمَ كلَّ عام، وكان يُكْنى: أبا ثُمامة، فينادي: ألا إنّ أبا ثُمامة لا يُحابُ
(2)
، ولا يُعابُ، ألا وإنّ صفرَ الأول العامَ حلالٌ، فيُحِلُّه للناس، فيُحَرِّمُ صفرَ عامًا، ويُحرِّمُ المُحَرَّمَ عامًا، فذلك قوله تعالى:{إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا} إلى قوله: {الكافرين} . وقوله: {إنما النسيء زيادة في الكفر} يقول: يَتْرُكون المحرّم عامًا [2944]، وعامًا يُحَرِّمُونَه، {ليواطئوا}: ليشبهوا
(3)
. (7/ 348)
32347 -
عن عبد الله بن عباس، قال: كانت النَّسَأَةُ حيًّا مِن بني مالك مِن كنانة مِن بني فُقَيْمٍ، فكان آخرُهم رجلًا يُقالُ له: القَلَمَّسُ، وهو الذي أنسَأ المحرَّم، وكان ملِكًا، كان يُحِلُّ المحرَّمَ عامًا ويُحَرِّمِه عامًا، فإذا حرَّمه كانت ثلاثةُ أشهرٍ متوالية؛ ذو القَعدة وذو الحِجة والمحرَّم، وهي العِدَّةُ التي حرَّم اللهُ في عهد إبراهيم عليه السلام، فإذا أحلَّه دخَل مكانَه صفرٌ في المحرم لِيُواطِئَ العِدَّة، يقول: قد أكملتُ الأربعةَ كما كانت؛ لأنِّي لم أُحِلَّ شهرًا إلا وقد حرَّمتُ مكانَه شهرًا. فكانت على ذلك العَرَبُ مَن يَدِينُ للقَلَمَّسِ بمُلْكِه، حتى بعَث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فأكملَ الحُرُم، ثلاثة أشهر متوالية، ورجبُ شهرُ مُضَرَ الذي بين جُمادى وشعبان
(4)
. (7/ 350)
32348 -
عن أبي وائل شقيق بن سلمة -من طريق منصور- قال: كان الناسِئُ رجلًا
[2944] علَّقَ ابنُ جرير (11/ 452) على قول ابن عباس هذا بقوله: «هذا التأويلُ مِن تأويل ابن عباس يدُلُّ على صِحَّة قراءة مَن قرأ: (النَّسْيُ)، بترك الهمزة وترك المدّ، وتوجيهه معنى الكلام إلى أنه: فَعْلٌ من قول القائل: نسيت الشيء أنساه، ومن قول الله: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67]، بمعنى: تركوا الله فتركهم» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 452.
(2)
الحَوْبُ: الإثم. النهاية (حوب).
(3)
أخرجه ابن جرير 11/ 451 - 452، وابن أبي حاتم 6/ 1793 - 1794.وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن مردويه.
(4)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
مِن كنانةَ ذا رأيٍ يأخذون مِن رأيه، رأسًا فيهم [2945]، فكان عامًا يجعلُ المحرمَ صفرَ، فيُغِيرون فيه، ويستحِلُّونه، فيُصِيبون فيَغْنَمون، وكان عامًا يُحَرِّمُه
(1)
. (7/ 351)
32349 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- {إنما النسيء زيادة في الكفر} ، قال: حَجُّوا في ذي الحِجَّة عامين، ثم حَجُّوا في المُحَرَّم عامين، ثم حجُّوا في صفر عامين، فكانوا يَحُجُّون في كل سنةٍ في كل شهرٍ عامين، حتى وافقت حجة أبي بكر الآخِر مِن العامين في ذي القعدة قبل حجة النبي صلى الله عليه وسلم بسنة، ثم حجَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن قابلٍ في ذي الحجة، فذلك حين يقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته:«إنّ الزمان قد استدار كهيئته يومَ خلق الله السموات والأرض»
(2)
. (ز)
32350 -
عن مجاهد بن جبر، في قوله:{إنما النسيء زيادة في الكفر} ، قال: فرَض الله الحجَّ في ذي الحجة، وكان المشركون يُسَمُّون الأشهر: ذو الحجة، والمحرم، وصفر، وربيعٌ، وربيعٌ، وجُمادى، وجُمادى، ورجبُ، وشعبان، ورمضان، وشوّال، وذو القَعدة، وذو الحِجة، ثم يَحُجُّون فيه، ثم يسكُتون عن المحرَّم، فلا يذكُرونه، ثم يعودون فيسمُّون صفرَ صفرَ، ثم يسمُّون رجبَ جمادى الآخرة، ثم يسمُّون شعبان رمضان، ورمضانَ شوال، ويسمُّون ذا القَعدةِ شوال، ثم يسمُّون ذا الحجة ذا القَعدة، ثم يسمُّون المحرَّمَ ذا الحِجة، ثم يحُجُّون فيه، واسمُه عندَهم ذو الحجة، ثم عادوا مثلَ هذه القصة، فكانوا يحُجُّون في كلِّ شهرٍ عامًا، حتى وافَق حجةُ أبي بكرٍ الآخرةَ من العام في ذي القعدة، ثم حجَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم حجتَه التي حجَّ فيها فوافَق ذا الحجة، فذلك حين يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في خطبته:«إنّ الزمان قد استدار كهيئتِه يوم خلَق الله السماواتِ والأرض»
(3)
[2946]. (7/ 352)
[2945] علَّقَ ابنُ عطية (4/ 310) على قول أبي وائل: كان الناسِئُ رجلًا من بني كنانة. بقوله: «هذا ضعيف» .
[2946]
استغرب ابنُ كثير (7/ 201) قول مجاهد هذا، واسْتَدْرَكَ عليه مستندًا لدلالة العقل، وظاهر القرآن بقوله:«هذا الذي قاله مجاهد فيه نظر أيضًا، وكيف تصِحُّ حجة أبي بكر وقد وقعت في ذي القعدة؟!، وأنّى هذا، وقد قال الله تعالى: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله} الآية، وإنّما نُودِي بذلك في حجة أبي بكر، فلو لم تكن في ذي الحجة لما قال تعالى: {يوم الحج الأكبر}؟! ولا يلزم مِن فِعْلِهم النسيءَ هذا الذي ذكره مِن دوران السنة عليهم، وحجهم في كلّ شهر عامين؛ فإنّ النسيء حاصل بدون هذا» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 453، وابن أبي حاتم 6/ 1794.
(2)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 149 (1085)، وابن جرير 3/ 486 - 487، 11/ 455 - 456 مرسلًا.
(3)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 149 (1085)، وابن جرير 11/ 454 - 455، وابن أبي حاتم 6/ 1795 (10021) دون ذكر المرفوع مرسلًا.
32351 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جريج- {إنما النسيء زيادة في الكفر} ، يقول: ازدادوا به كفرًا إلى كفرهم
(1)
. (ز)
32352 -
عن الضحاك بن مزاحم، في قوله:{إنما النسيء زيادة في الكفر} : وهو جنادةُ بن عوف بن أميةَ الكِناني، ويُكْنى: أبا ثُمامة، كان يُوافِي الموسم كلَّ عامٍ، فيُنادِي: ألا إنّ أبا ثمامةَ لا يُحابُ، ولا يُعابُ. فيقول: ألا إنّ صفرَ الأولَ حلالٌ. وكان طوائفُ من العرب إذا أرادوا أن يُغِيروا على بعضِ عدوِّهم أتَوْه، فقالوا: أحِلَّ لنا هذا الشهر. يعنون: صفرَ، وكانت العربُ لا تقاتلُ في الأشهرِ الحرم، فيُحِلُّه لهم عامًا، ويُحَرِّمُه عليهم في العام الآخر، ويُحَرِّمُ المحرَّمَ في قابلٍ، {ليواطئوا عدة ما حرم الله} يقول: ليجعلوا الحُرُمَ أربعةً، غيرَ أنهم جعلوا صفرَ عامًا حلالًا وعامًا حرامًا
(2)
. (7/ 349)
32353 -
عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد بن سليمان- يقول في قوله: {إنما النسيء زيادة في الكفر} : النسيء: المُحَرَّم، وكان يُحَرِّم المحرمَ عامًا، ويُحَرِّم صفرًا عامًا، فالزيادة صَفَر، وكانوا يُؤَخِّرون الشهورَ حتى يجعلون صفر المحرم، فيُحِلُّوا ما حرَّم الله، وكانت هوازن وغطفان وبنو سليم يُعَظِّمونه، هم الذين كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية
(3)
. (ز)
32354 -
عن طاووس بن كيسان، قال: الشهرُ الذي نزَعه اللهُ من الشيطان: المُحَرَّم
(4)
. (7/ 349)
32355 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {إنما النسيء زيادة الكفر} الآية، قال: عمَد أناسٌ مِن أهلِ الضلالة فزادوا صفرَ في أشهرِ الحُرُم، وكان يقومُ قائمُهم في الموسم، فيقول: ألا إنّ آلهتَكم قد حرَّمَت المُحَرَّم. فيُحَرِّمونه
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 457، وابن أبي حاتم 6/ 1794.
(2)
عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(3)
أخرجه ابن جرير 11/ 454.
(4)
عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
ذلك العام، ثم يقومُ في العام المقبل، فيقول: ألا إنّ آلهتَكم قد حرَّمت صفر. فيُحَرِّمونه ذلك العام، وكان يُقالُ لهما: الصَّفرانِ. وكان أوَّلَ من نسَأ النسيءَ بنو مالكٍ من كنانة، وكانوا ثلاثةً؛ أبو ثُمامة صفوانُ بن أمية، أحدُ بني فُقَيمِ بن الحارث، ثم أحدُ بني كنانة
(1)
. (7/ 351)
32356 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في الآية، قال: كان رجلٌ من بني مالك بن كنانة يقالُ له: جُنادةُ بن عوف، يُكنى: أبا أمامة، يُنسِئُ الشهور، وكانت العرب يَشْتَدُّ عليهم أن يمكُثوا ثلاثةَ أشهرٍ لا يُغِيرُ بعضُهم على بعضٍ، فإذا أراد أن يُغيرَ على أحدٍ قام يومَ مِنًى، فخطَب، فقال: إنِّي قد أحلَلتُ المُحرَّمَ وحرَّمتُ صفرَ مكانَه. فيقاتِلُ الناسُ في المحرم، فإذا كان صفرُ غمدوا السيوف، ووضَعوا الأسِنَّة، ثم يقومُ في قابلٍ فيقول: إنِّي قد أحلَلت صفرَ وحرَّمت المحرم. فيواطِئوا أربعةَ أشهرٍ، فيُحِلُّوا المحرَّم
(2)
. (7/ 352)
32357 -
قال محمد بن السائب الكلبي: {النسيء} هو المُحَرَّم، كانوا يسمونه: صفرَ الأول، وكان الذي يُحِلُّه للناس جنادةُ بن عوف الكناني، كان يُنادي بالموسم: إنّ الصفر الأول حلالٌ. فيُحِلُّه للناس، ويُحَرِّم صفر مكان المحرم؛ فإذا كان العامُ المقبل حَرَّم المُحَرَّم وأَحَلَّ صفرَ
(3)
. (ز)
32358 -
قال مقاتل بن سليمان: {إنما النسيء زيادة} يعني به: في المحرم زيادة {في الكفر} ، وذلك أنّ أبا ثمامة الكناني -اسمه: جبارة
(4)
بن عوف بن أمية بن فُقَيْم بن الحارث، وهو أولُّ مَن ذبح لغير الله الصفرة
(5)
في رجب- كان يقف بالموسِم، ثم يُنادِي: إنّ آلهتكم قد حرَّمَتْ صفرَ العام. فيُحَرِّمون فيه الدماءَ والأموالَ، ويَسْتَحِلُّون ذلك في المُحَرَّم، فإذا كان مِن قابلٍ نادى: إنّ آلهتكم قد حرَّمَت المحرم العام. فيُحَرِّمون فيه الدماء والأموال، فيأخذ به هوازن، وغطفان، وسُليم، وثقيف، وكنانة. فذلك قوله:{إنما النسيء} يعني: ترك المحرم {زيادة في الكفر}
(6)
. (ز)
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 457. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1795.
(3)
ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 2/ 204 - 205 - .
(4)
كذا في المطبوع، وفي المصادر الأخرى (جنادة).
(5)
كذا في المطبوع.
(6)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 170.