الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير الآية:
32553 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قوله: {لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون} ، أمّا قلبوا لك الأمور: فقلَّبوها ظهرًا لبطن؛ كيف يصنعون؟!
(1)
. (ز)
32554 -
قال مقاتل بن سليمان: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الفِتْنَةَ مِن قَبْلُ} يعني: الكفر في غزوة تبوك، {وقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ} ظهرًا لبطن كيف يصنعون، {حَتّى جاءَ الحَقُّ} يعني: الإسلام، {وظَهَرَ أمْرُ اللَّهِ} يعني: دين الإسلام، {وهُمْ كارِهُونَ} للإسلام
(2)
. (ز)
32555 -
عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- {وقلبوا لك الأمور} أي: لِيُخَذِّلوا عنك أصحابك، ويَرُدُّوا عليك أمرَك، {حتى جاء الحق وظهر أمر الله}
(3)
. (ز)
قصة ذلك مع سياق غزوة تبوك
32556 -
عن عاصم بن عمر بن قتادة =
32557 -
ومحمد ابن شهاب الزهري =
32558 -
ويزيد بن رومان =
32559 -
وعبد الله بن أبي بكر، كلٌّ قد حَدَّث في غزوة تبوك ما بلغه عنها، وبعض القوم يُحَدِّثُ ما لم يُحَدِّثْ بعضٌ، وكُلٌّ قد اجتمع حديثُه في هذا الحديث -من طريق ابن إسحاق-: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالتَّهَيُّؤ لغزو الروم، وذلك في زمان عُسْرَةٍ من الناس، وشِدَّةٍ مِن الحَرِّ، وجَدْبٍ من البلاد، وحين طاب الثِّمار، وأُحِبَّت الظِّلال، والناس يُحِبُّون المقامَ في ثمارهم وظلالهم، ويكرهون الشُّخُوص عنها، على الحال من الزمان الذي هم عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قَلَّما يخرج في غزوة إلا كَنّى عنها، وأخبر أنّه يريد غير الذي يَصْمِدُ له
(4)
، إلا ما كان من غزوة تبوك، فإنّه بَيَّنها للناس لِبُعْدِ الشُّقَّة، وشِدَّة الزمان، وكثرة العدو الذي صَمَد له؛ لِيَتَأَهَّب الناس لذلك أُهْبَتَه. وأمر الناس بالجهاد، وأخبرهم أنّه يريد الروم، فتجهز الناس على ما
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1809.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 173.
(3)
أخرجه ابن جرير 11/ 489.
(4)
أي: يقصده. لسان العرب (صمد).
في أنفسهم من الكُرْه لذلك الوجه؛ لِما فيه، مع ما عَظَّموا من ذِكْرِ الروم وغزوِهم. ثم إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جَدَّ في سفره، فأمر الناس بالجهاد والانكِماشِ
(1)
، وحضَّ أهل الغِنى على النفقة والحُمْلانِ في سبيل الله. فلمّا خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ضرب عسكره على ثَنِيَّة الوداع، وضرب عبد الله بن أُبَيّ بن سلول عسكره على ذي حِدَةٍ أسفل منه، نحو ذُبابٍ؛ جبل بالجَبّانَةِ
(2)
أسفل من ثَنِيَّة الوداع، وكان -فيما يزعمون- ليس بأقَلِّ العَسْكَرَيْن، فلمّا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلَّف عنه عبد الله بن أُبَيٍّ فيمَن تَخَلَّف من المنافقين وأهل الرَّيْب، وكان عبد الله بن أُبَيٍّ أخا بني عوف بن الخزرج، وعبد الله بن نَبْتَلٍ أخا بني عمرو بن عوف، ورِفاعة بن زيد بن التابوت أخا بني قينقاع، وكانوا من عظماء المنافقين، وكانوا مِمَّن يكيد للإسلام وأهله
(3)
. (ز)
32560 -
عن عاصم بن عمر بن قتادة =
32561 -
وعبد الله بن أبي بكر بن حزمٍ: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قلَّما كان يخرُجُ في وجهٍ من مغازيه إلّا أظهر أنّه يريدُ غيرَه، غيرَ أنّه في غزوة تبوك قال:«يا أيها الناسُ، إنِّي أُريدُ الروم» . فأعلَمَهم، وذلك في زمان البأس، وشِدَّةٍ مِن الحَرِّ، وجَدْب البلادِ، وحين طابت الثمارُ، والناسُ يُحِبُّون المقام في ثمارهم وظلالهم، ويكرهون الشُّخوص عنها، فبينما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في جهازه إذ قال للجَدِّ بن قيس:«يا جَدُّ، هل لك في بنات بني الأصفر؟» . قال: يا رسول الله، لقد علِم قومي أنّه ليس أحدٌ أشدَّ عجبًا بالنساء مِنِّي، وإنِّي أخافُ إن رأيتُ نساءَ بني الأصفر أن يفتِنَّني، فأْذَن لي، يا رسول الله. فأعرض عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقال:«قد أذِنتُ» . فأنزل الله عز وجل: {ومنهُم من يقُولُ ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطُوا} . يقولُ: ما وقع فيه من الفتنة بتخلُّفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغبته بنفسه عن نفسه أعظمُ مِمّا يخافُ مِن فتنة نساء بني الأصفر، {وإنّ جهنَّم لمحيطة بالكافرين} يقول: من ورائه. وقال رجلٌ من المنافقين: لا تنفروا في الحَرِّ. فأنزل الله عز وجل: {قُلْ نارُ جهنَّم أشدُّ حرًا لو كانُوا يفقهُون} . قال: ثُمَّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جَدَّ في سفره، وأمَرَ الناس بالجهاز، وحضَّ أهل الغنى على النفقة والحُمْلان
(4)
في سبيل الله، فحمل رجالٌ من أهل الغِنى،
(1)
الانكماش: الإسراع والعزم والجد. ينظر اللسان (كمش).
(2)
الجَبّانة -بالتشديد-: الصحراء. لسان العرب (جبن).
(3)
أخرجه ابن جرير 11/ 489.
(4)
الحُمْلان: ما يُحمل عليه من الدواب. لسان العرب (حمل).
واحتسبوا، وأنفَق عثمانُ في ذلك نفقةً عظيمةً، لم يُنفِق أحدٌ أعظمَ منها، وحمل على مائتي بعيرٍ
(1)
. (7/ 396)
32562 -
عن عروة =
32563 -
وموسى بن عقبة، قالا: ثُمَّ إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تجهَّزَ غازيًا الشامَ، فأذَّن في الناس بالخروج، وأمرهم به، وكان ذلك في حرٍّ شديدٍ لياليَ الخريف، والناس خارِفُونَ
(2)
في نخيلهم، فأبطأ عنه ناسٌ كثيرٌ، وقالوا: الرومُ، ولا طاقة بهم. فخرج أهل الحَسَبِ، وتخلَّف المنافقون، وحدَّثوا أنفسهم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَرجعُ إليهم أبدًا، فاعتلُّوا، وثبَّطوا مَن أطاعه، وتخلَّف عنه رجال من المسلمين بأمرٍ كان لهم فيه عذرٌ؛ منهم السقيمُ، والمُعْسِرُ، وجاء سِتَّةُ نفرٍ كلُّهم مُعْسِرٌ يَسْتَحْمِلُونه، لا يُحِبُّون التَّخَلُّف عنه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا أجد ما أحْمِلكم عليه» . فتَولَّوا وأعينهم تفيض من الدمَّع حَزَنًا ألّا يجدُوا ما يُنفقون؛ منهم من بني سَلِمةَ عمرُو بنُ عَنَمَة، ومِن بني مازن بن النجار أبو ليلى عبدُ الرحمن بنُ كعب، ومِن بني حارثةَ عُلْبةُ بنُ زيدٍ، ومِن بني عمرو بن عوفٍ سالم بنُ عميرٍ، وهَرَمِيُّ بنُ عبد الله، وهم يُدْعَون: بني البكّاء، وعبدُ الله بنُ عمرٍو رجلٌ مِن بني مُزَينةَ، فهؤلاء الذين بَكَوْا، واطَّلع الله عز وجل أنّهم يُحِبُّون الجهادَ، وأنّه الجِدُّ من أنفسهم، فعذرهم في القرآن، فقال:{ليسَ على الضُّعفاء ولا على المرضى ولا على الَّذين لا يجدُون ما يُنفقُون حرجٌ إذا نصحُوا لله ورسُوله} الآية واللتين بعدها. وأتاه الجَدُّ بن قيس السَّلَمِيُّ وهو في المسجد، معه نفرٌ، فقال: يا رسول الله، ائْذَن لي في القعود؛ فإني ذو ضَيْعةٍ وعِلَّةٍ فيها عُذرٌ لي. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «تجهَّز؛ فإنّك مُوسِرٌ، لعلَّك أن تُحْقِبَ
(3)
بعضَ بناتِ بني الأصفر». فقال: يا رسول الله، ائْذن لي، ولا تَفْتِنِّي. فنزلت:{ومنهُم من يقوُلُ ائذَن لي ولا تفتنِّي} وخمسُ آياتٍ معها، يتبعُ بعضُها بعضًا. فخرَج رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه، وكان مِمَّن تخلَّف عنه غَنْمَةُ بنُ وديعة من بني عمرو بن عوف، فقيل له: ما خلَّفك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت مُوسِرٌ؟! فقال: الخوضُ واللعبُ. فأنزل الله فيه وفيمن تخلَّف من المنافقين: {ولئن سألتهُم ليقُولُن إنمّا
(1)
أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام 2/ 516، 517، 518 - مُفَرَّقًا، والبيهقي في دلائل النبوة 5/ 213 - 214 واللفظ له مرسلًا.
(2)
خارفون في نخيلهم: أي: أقاموا فيه وقت اختراف -جني- الثمار وهو الخريف. النهاية (خرف).
(3)
احْتَقَبه: أردفه خلفه على حقيبة الرَّحْل. النهاية (حقب).