الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
(66)}
31351 -
عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- {والله مع الصابرين} ، يعني: من المسلمين في النصر لهم
(1)
. (ز)
31352 -
قال مقاتل بن سليمان: {واللَّهُ مَعَ الصّابِرِينَ} في النصر لهم على عدوهم، فأمر الله أن يقاتل الرجل المسلم وحدَه رجلين من المشركين، فمن أسَرَه المشركون بعد التخفيف فإنه لا يُفادى من بيت المال إذا كان المشركون مثل المؤمنين، وإن كان المشركون أكثر من الضعف فإنه يُفادى من بيت المال. فينبغي للمسلمين أن يُقاتِلُوا الضعف من المشركين إلى أن تقوم الساعة، وكانت المنزلة قبل التخفيف لا يفتدى الأسير إلا على نحو ذلك
(2)
. (ز)
{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
(67)}
قراءات:
31353 -
عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ:«أن تَكُونَ لَهُ أسْرى»
(3)
[2869]. (7/ 197)
نزول الآية:
31354 -
عن عبد الله بن مسعود -من طريق ابنه أبي عبيدة- قال: لما كان يومُ بدر جِيءَ بالأُسارى، وفيهم العباس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما تَرَوْن في هؤلاء الأُسارى؟» . فقال أبو بكر: يا رسول الله، قومُك وأهلُك، اسْتَبْقِهم لعلَّ الله أن يتوبَ عليهم. وقال عمر: يا رسول الله، كَذَّبوك وأخرَجوك وقاتَلوك، قَدِّمْهم فاضْرِبْ
[2869] ذكر ابنُ عطية (4/ 240) أن هذه القراءة على التأنيث مراعاة للفظ الأسرى.
_________
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1730.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 125.
(3)
أخرجه الحاكم 2/ 261 (2942).
قال الحاكم: «صحيح» .
و «أن تَكُونَ لَهُ» بالتاء قراءة متواترة، قرأ بها أبو عمرو، ويعقوب، وقرأ بقيّة العشرة {أّن يَّكُونَ لَهُ} بالياء. انظر: النشر 2/ 277، والإتحاف ص 300.
أعناقَهم. وقال عبد الله بن رَواحَة: يا رسول الله، انظُرْ واديًا كثير الحطب فأضْرِمْه عليهم نارًا. فقال العباس وهو يسمع ما يقول: قَطَعْتَ رحِمَك. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يَرُدَّ عليهم شيئًا، فقال أناس: يأخُذ بقول أبي بكر. وقال أناس: يأخذ بقول عمر. وقال أناس: يأخذ بقول عبد الله بن رَواحَة. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«إنّ الله ليُلَيِّنُ قلوبَ رجال حتى تكون ألينَ مِن اللبن، وإنّ الله ليُشَدِّدُ قلوبَ رجال فيه حتى تكونَ أشدَّ مِن الحجارة، مَثَلُك يا أبا بكر مَثَلُ إبراهيم عليه السلام، قال: {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} [إبراهيم: 36]، ومَثَلُك يا أبا بكر كمَثَلِ عيسى عليه السلام، قال: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} [المائدة: 118]، ومَثَلُك يا عمر كمَثَلِ نوح عليه السلام إذ قال: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} [نوح: 26]، ومَثَلُك يا عمر كمَثَلِ موسى عليه السلام إذ قال: {ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم} [يونس: 88]، أنتم عالةٌ فلا يَنفَلِتَنَّ منهم أحدٌ إلا بفِداءٍ أو ضرْبةِ عُنُقٍ» . فقال عبد الله: يا رسول الله، إلّا سهيلَ ابن بَيْضاء، فإني سمِعتُه يذكُرُ الإسلام. فسكَت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأيتُني في يومٍ أخوفَ مِن أن تقعَ عليَّ الحجارةُ من السماء في ذلك اليوم، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا سهيلَ ابن بَيْضاء. فأنزل الله تعالى: {ما كان لنبيٍّ أن تكونَ له أسرى حتّى يُثْخِنَ في الأرضِ} إلى آخر الآيتين
(1)
. (7/ 198)
31355 -
عن أبي أيوب الأنصاري: [أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم] أخَذَ قبضةً من التراب، فرمى بها في وجوه القوم؛ فانهزَمُوا، فأنزل الله:{وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} . فقَتَلْنا وأسَرْنا، فقال عمر: يا رسول الله، ما أرى أن يكون لك أسْرى، فإنّما نحن داعُون مُؤَلِّفُون. فقلنا معشرَ الأنصار: إنما يَحمِلُ عمرَ على ما قال حسدٌ لنا. فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استَيقَظ، ثم قال:«ادعُوا لي عمر» . فدُعِيَ له، فقال له:
(1)
أخرجه أحمد 6/ 138 - 140 (3632)، 6/ 142 (3634)، والترمذي 5/ 317 - 318 (3338) مختصرًا، والحاكم 3/ 24 (4304)، وابن جرير 11/ 273 - 274، وابن أبي حاتم 5/ 1731 - 1732 (9151). وأورده الثعلبي 4/ 371.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه» . وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخَرِّجاه» . ووافقه الذهبي. وقال أبو نعيم في الحلية 4/ 208: «هذا حديث غريب من حديث أبي عبيدة، لم يروه عنه إلا عمرو بن مرة» . وقال الهيثمي في المجمع 6/ 87 (10008 - 10010): «رواه أحمد
…
ورواه أبو يعلى بنحوه، ورواه الطبراني أيضًا، وفيه أبو عبيدة، ولم يسمع من أبيه، ولكن رجاله ثقات». وقال الألباني في الإرواء 5/ 48:«منقطع، أبو عبيدة لم يسمع من أبيه» .
«إن الله قد أنزَلَ عليَّ: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى}» الآية
(1)
. (7/ 25)
31356 -
عن أبي هريرة، في هذه الآية، قال: استشارَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر، فقال: يا رسول الله، قد أعطاك الله الظَّفَرَ، ونصَرك عليهم، فَفادِهمْ، فيكونَ عونًا لأصحابِك. واستشارَ عمر، فقال: يا رسول الله، اضرِبْ أعناقَهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«رحِمكُما الله، ما أشبهَكُما باثنين مَضَيا قبلَكما؛ نوح وإبراهيم؛ أما نوحٌ فقال: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} [نوح: 26]، وأما إبراهيم فإنه يقول: ربِّ {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} [إبراهيم: 36]» وفادى بهم
(2)
. (7/ 197)
31357 -
عن عبد الله بن عباس، قال: استشارَ النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمرَ في أُسارى بدر، فقال أبو بكر: يا رسول الله، اسْتَبْقِ قومَك، وخُذِ الفداءَ. وقال عمر: يا رسول الله، اقتُلْهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو اجْتَمَعْتُما ما عَصَيْتُكما» . فأنزل الله: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} الآية
(3)
. (7/ 200)
31358 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي زُمَيْل- قال: لَمّا أسروا الأسارى -يعني: يوم بدر- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين أبو بكر، وعمر، وعلي؟» . قال: «ما ترون في الأسارى؟» . فقال أبو بكر: يا رسول الله، هم بنو العَمِّ والعَشِيرة، وأرى أن تأخذ منهم فِدْيَة تكون لنا قُوَّةً على الكفار، وعسى الله أن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما ترى يا ابن الخَطّاب؟» . فقال: لا والذي لا إله إلا هو، ما أرى الذي رأى أبو بكر، يا نبي الله، ولكن أرى أن تُمَكِّنَنا منهم، فتُمَكِّنَ عليًّا من عَقِيلٍ فيضرب عنقه، وتُمَكِّن حمزةَ من العباسِ فيضربَ عنقه، وتمكنني من فلان -نَسِيبٍ لعمر- فأضربَ عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولم يَهْوَ ما قلت. قال عمر: فلما كان من الغد جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو وأبو بكر قاعدان يبكيان، فقلت: يا رسول الله، أخبرني من
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير 4/ 174 - 175 (4056).
قال الهيثمي في المجمع 6/ 74 (9950): «وإسناده حسن» . وقال الألباني في الصحيحة 7/ 1020: «وأما ما رواه الطبراني في الكبير
…
فلا يثبت إسناده، وإن حَسَّنَه الهيثميُّ؛ لأن فيه ابن لهيعة، وهو ضعيف، هذا إن سَلِم من شيخ الطبراني بكر بن سهل؛ فقد ضَعَّفَه النسائي». وقد تقدم بتمامه مع تخريجه في نزول قوله تعالى:{كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} الآية.
(2)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(3)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أبكي للذي عَرَضَ عليَّ أصحابُك من أخْذِهِمُ الفِداءَ، ولقد عُرِضَ عَلَيَّ عذابُكم أدْنى من هذه الشجرة» -شجرة قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله عز وجل:{ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} إلى قوله: {حلالا طيبا} ، وأحلَّ الله الغنيمة لهم
(1)
. (ز)
31359 -
عن عبد الله بن عمر: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لَمّا أسَر الأسرى يوم بدر استشار أبا بكرٍ، فقال: قومُك وعترتك -أو وعشيرتُك- فخلِّ سبيلَهم. فاستشارَ عمر، فقال: اقتُلْهم. ففاداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله:{ما كان لنبيٍّ أن تكونَ له أسرى} الآية. فلَقِي رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر، فقال:«كاد أن يُصيبَنا في خلافِك شرٌ -أو بلاء-»
(2)
. (7/ 201)
31360 -
عن عبد الله بن عمر، قال: لَمّا أُسِر الأُسارى يوم بدر أُسِر العباس فيمَن أُسِر؛ أسَرَه رجلٌ مِن الأنصار، وقد وعَدَتْه الأنصار أن يقتلوه، فبلَغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لَمْ أنَمِ الليلةَ مِن أجلِ عَمِّي العباس، وقد زَعَمتِ الأنصارُ أنهم قاتِلوه» . فقال له عمر: فآتِيهم؟ قال: «نعم» . فأتى عمرُ الأنصار، فقال لهم: أرْسِلوا العباس. فقالوا: لا واللهِ، لا نُرْسِلُه. فقال لهم عمر: فإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم رِضًا. قالوا: فإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم رِضًا فخُذْه. فأخَذه عمر، فلما صارَ في يدِه قال له: يا عباس، أسلِمْ، فواللهِ، لَأَن تُسْلِمَ أحبُّ إلَيَّ مِن أن يُسْلِمَ الخَطّابُ، وما ذاك إلا لِما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعْجبُه إسلامُك. قال: فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر، فقال أبو بكر: عَشِيرتُكَ، فأرسِلْهم. فاستشار عمر، فقال: اقتلهم. ففاداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله:{ما كان لنبيٍّ أن تكونَ له أسرى} الآية
(3)
. (7/ 202)
31361 -
عن أنس، قال: استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الأُسارى يوم بدر، فقال: إنّ اللهَ قد أمْكَنَكم منهم. فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم. فأَعْرَضَ عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا أيُّها الناس،
(1)
أخرجه مسلم 3/ 1385 (1763) مطولًا، وابن جرير 11/ 275 - 276.
(2)
أخرجه أبو نعيم في الحلية 1/ 43، والحاكم 2/ 359 (3270).
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخَرِّجاه» .
(3)
أخرجه الحاكم 2/ 359 (3270) مختصرًا دون قصة العباس، وابن مردويه واللفظ له -كما في تفسير ابن كثير 4/ 89 - .
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخَرِّجاه» . وقال الذهبي: «صحيح على شرط مسلم» .