الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نزل بهم ببدر، {فَأَمْكَنَ} اللهُ {مِنهُمْ} النبيَّ عليه السلام، يقول: إن خانوا أمْكَنْتُكَ منهم، فقتلتَهم، وأَسَرْتَهم، كما فعلت بهم ببدر، {واللَّهُ عَلِيمٌ} بخلقه {حَكِيمٌ} في أمره، حَكَم أن يُمَكِّنَه منهم
(1)
. (ز)
31453 -
قال يعقوب الزهري -من طريق إسحاق بن الحجاج- قوله: {وإن يريدوا خيانتك} ، يعني: الأسرى
(2)
. (ز)
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
(72)}
تفسير الآية إجمالًا، والنسخ فيها
31454 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في قوله: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله} ، قال: إنّ المؤمنين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثِ منازل؛ منهم المؤمنُ المهاجر المُباينُ لقومِه في الهجرة، خرَج إلى قومٍ مؤمنين في ديارهم وعقارِهم وأموالِهم. وفي قوله:{والذين ءاووا ونصروا} قال: آوَوْا ونصَروا، وأعلَنوا ما أعلَن أهلُ الهجرة، وشَهَروا السيوف على مَن كذَّب وجحَد، فهذان مؤمنان، جعَل الله بعضَهم أولياء بعض. وفي قوله:{والذين آمنوا ولم يهاجروا} قال: كانوا يَتوارثون بينَهم إذا تُوفِّيَ المؤمنُ المهاجر بالولاية في الدين، وكان الذي آمَن ولم يهاجِرْ لا يَرِثُ مِن أجلِ أنه لم يُهاجرْ ولم يَنْصُرْ، فبَرَّأ الله المؤمنين المهاجرين مِن ميراثِهم، وهي الولاية التي قال الله:{ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق} ، وكان حقًّا على المؤمنين الذين آوَوْا ونصَروا إذا اسْتَنْصَروهم في الدين أن ينصُرُوهم إن قوتِلوا، إلا أن يَسْتَنْصِروا على قومٍ بينَهم وبينَ النبي صلى الله عليه وسلم ميثاقٌ، ولا نصرَ لهم عليهم إلا على العدوِّ الذي لا ميثاقَ لهم، ثم أنزَل الله تعالى بعدَ ذلك أن ألحِقْ كلَّ ذي رحمٍ برحِمِه مِن المؤمنين الذين آمنوا ولم يُهاجِروا، فجعَل لكلِّ إنسانٍ مِن المؤمنين نصيبًا مفروضًا،
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 128 - 130.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1738.
لقوله: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم}
(1)
. (7/ 212)
31455 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين المسلمين مِن المهاجرين والأنصار، فآخى بين حمزة بن عبد المطلب وبين زيد بن حارثة، وبين عمر بن الخطاب ومعاذ بن عفراء، وبين الزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود، وبين أبي بكر الصديق وطلحة بن عبيد الله، وبين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، وقال لسائر أصحابه: تآخَوْا، وهذا أخي. يعني: علي بن أبي طالب. قال: فأقامَ المسلمون على ذلك حتى نزَلت سورة الأنفال، وكان مما شَدَّد الله به عَقْدَ نبيِّه صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى:{إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا} إلى قوله: {لهم مغفرة ورزق كريم} ، فأَحْكَم الله تعالى بهذه الآيات العَقْدَ الذي عَقَدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه مِن المهاجرين والأنصار، يَتوارثُ الذين تآخَوْا دونَ مَن كان مُقِيمًا بمكة مِن ذوي الأرحام والقَرابات، فمكَث الناسُ على ذلك العَقْدِ ما شاء الله، ثم أنزَل الله الآية الأخرى فنَسَخَت ما كان قبلَها، فقال:{والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام} والقَرابات، ورجَع كلُّ رجلٍ إلى نَسَبِه ورَحِمِه، وانقطَعَت تلك الوِراثة
(2)
. (7/ 213)
31456 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض} يعني: في الميراث، جعل الله الميراثَ للمهاجرين والأنصار دون الأرحام، {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء} ما لكم من ميراثِهم شيءٌ حتى يهاجِروا، {وإن استنصروكم في الدين} يعني: إن استَنصَر الأعرابُ المسلمون المهاجرين والأنصارَ على عدوٍّ لهم فعليهم أن يَنصُروهم، {إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق} فكانوا يَعْمَلون على ذلك، حتى أنزل الله هذه الآية:{وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} ، فنَسَخَت التي قبلها، وصارت المواريثُ لِذَوِي الأرحام
(3)
. (7/ 214)
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 290 - 291 واللفظ له، وابن أبي حاتم 5/ 1738 - 1740 (9185 - 9192) مفرقًا.
(2)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(3)
أخرجه ابن جرير 11/ 290، وابن أبي حاتم 5/ 1739 - 1740 (9187) مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
31457 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء الخراساني- في قوله: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا} ، قال: كان المهاجر لا يَتَولّى الأعرابيَّ ولا يَرِثُه وهو مؤمن، ولا يَرِثُ الأعرابيُّ المهاجرَ، فنسَخَها هذه الآية:{وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}
(1)
. (7/ 215)
31458 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- قال: الثلاث الآيات خواتيم الأنفال فيهِنَّ ذِكْرُ ما كان من ولاية رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مهاجري المسلمين وبين الأنصار في الميراث، ثم نسخ ذلك آخرُها:{وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم}
(2)
. (ز)
31459 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا} ، قال: نزلت هذه الآية فتَوارَث المسلمون بالهجرة، فكان لا يَرِثُ الأعرابيُّ المسلمُ من المهاجرِ المسلمِ شيئًا، ثم نُسِخ ذلك بعدُ في سورة الأحزاب [6]:{وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين} ، فخلَط اللهُ بعضَهم ببعض، وصارت المواريثُ بالمِلَلِ
(3)
. (7/ 215)
31460 -
عن عبد الله بن كثير -من طريق ابن جريج- قوله: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا} إلى قوله: {بما تعملون بصير} ، قال: بَلَغَنا أنّها كانت في الميراث، لا يتوارث المؤمنون الذين هاجروا والمؤمنون الذين لم يهاجروا. قال: ثم نزل بعدُ: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم} ، فتوارثوا ولم يهاجروا
(4)
. (ز)
31461 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط-: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض} في الميراث، {والذين آمنوا ولم يهاجروا} وهؤلاء الأعراب {ما لكم من ولايتهم من شيء} في الميراث، {وإن استنصروكم في الدين} يقول: بأنهم مسلمون {فعليكم النصر إلا
(1)
أخرجه أبو عبيد في ناسخه ص 321، وابن أبي حاتم 5/ 1743. وعزاه السيوطي إلى أبي داود، وابن المنذر.
(2)
أخرجه ابن جرير 11/ 291.
(3)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 262، وابن جرير 11/ 292 - 294، والنحاس في ناسخه ص 474. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.
(4)
أخرجه ابن جرير 11/ 291.
على قوم بينكم وبينهم ميثاق}، {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} في الميراث، {والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم} الذين توارثوا على الهجرة في كتاب الله، ثم نسختها الفرائض والمواريث، فتَوارَثَ الأعرابُ والمهاجرون
(1)
[2876]. (ز)
31462 -
عن زيد بن أسْلَم -من طريق القاسم-، أنّه قال: وقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وهاجَرُوا وجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ والَّذِينَ آوَوْا ونَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ والَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِن ولايَتِهِمْ مِن شَيْءٍ حَتّى يُهاجِرُوا} ، فكان الأعرابيُّ لا يرث المُهاجِرِيَّ
(2)
. (ز)
31463 -
قال مقاتل بن سليمان: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} يعني: صدّقوا بتوحيد الله {وهاجَرُوا} إلى المدينة {وجاهَدُوا} العدوَّ {بِأَمْوالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فهؤلاء المهاجرون، ثم ذكر الأنصار، فقال:{والَّذِينَ آوَوْا} النبيَّ صلى الله عليه وسلم {ونَصَرُوا} النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ثم جمع المهاجرين والأنصار، فقال:{أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ} في الميراث؛ لِيُرَغِّبَهم بذلك في الهجرة، فقال الزبير بن العوام ونفرٌ معه: كيف يَرِثُنا غيرُ أوليائنا وأولياؤنا على ديننا، فمن أجل أنهم لم يهاجروا لا ميراث بيننا، فقال الله بعد ذلك:{والَّذِينَ آمَنُوا} يعني: صدّقوا بتوحيد الله {ولَمْ يُهاجِرُوا} إلى المدينة {ما لَكُمْ مِن ولايَتِهِمْ مِن شَيْءٍ} في الميراث؛ {حَتّى يُهاجِرُوا} إلى المدينة
(3)
. (ز)
[2876] على هذا القول فالموالاة التي ذكرتها الآية: هي في الميراث. وذكر ابنُ عطية (4/ 246 بتصرف) أن هناك من جعلها المؤازرة والمعاونة واتصال الأيدي، وذكر أنّه لازِمٌ مِن دلالة اللفظ. ثم علَّق بقوله: «ومن ذَهَبَ إلى أنها في التَّآزر والتعاون فإنما يَحمل نفْي الله تعالى ولايتهم عن المسلمين على أنها صفة الحال، لا أنّ الله حَكم بأن لا ولاية بين المهاجرين وبينهم جملة، وذلك أن حالهم إذا كانوا متباعدي الأقطار تقتضي أن بعضهم إنْ حَزَبه حازب لا يجد الآخر ولا ينتفع به، فعلى هذه الجهة نفي الولاية، وعلى التأويلين ففي الآية حض للأعراب على الهجرة،
…
ومن رأى الولاية في الموارثة فهو حكْم من الله ينفي الولاية في الموارثة، قالوا: ونسخ ذلك قوله تعالى: {وأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلى بِبَعْضٍ} ».
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 293.
(2)
أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن 3/ 73 - 74 (161).
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 130.