الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعذبهم وإما يتوب عليهم}: وهم الثلاثة الذين خُلِّفوا، وأرجأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أمرَهم حتى أتَتْهم توبتُهم مِن الله
(1)
. (ز)
33512 -
قال مقاتل بن سليمان: {إمّا يُعَذِّبُهُمْ وإمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} فيُتَجاوز عنهم، {واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
(2)
. (ز)
النسخ في الآية:
33513 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: {إما يعذبهم} ، يقول: يُمِيتُهم على معصيتهم، وإمّا يتوب عليهم، فأَرْجَأَ أمرَهم، ولم يذكرهم بتوبةٍ حين تاب على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ونسَخَها فقال:{وعلى الثلاثة الذين خلفوا} الآية [التوبة: 118]
(3)
. (ز)
33514 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ، في قوله:{إمّا يُعَذِبُهُم} يقول: يُمِيتُهم على معصية، {وإمّا يتوب عليهم} فأَرْجَأَ أمرَهم، ثم نسخها فقال:{وعلى الثلاثة الذين خلفوا} [التوبة: 118]
(4)
. (7/ 522)
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
(107)}
نزول الآية:
33515 -
عن أبي رُهْمٍ كُلثوم بن الحُصين الغِفاري -وكان مِن الصحابة الذين بايعوا تحت الشجرة-، قال: أقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بذي أوان، بينه وبين المدينة ساعة من نهار، وكان من مسجد ضرار
(5)
قد أتَوه وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله، إنّا بنينا مسجدًا لذى العِلَّةِ والحاجة واللَّيْلَة الشّاتية واللَّيْلَة المَطِيرة، وإنّا نُحِبُّ أن تأتينا فتُصَلِّي لنا فيه. قال:«إنِّي على جَناح سفر، ولو قدِمنا -إن شاء الله- أتَيناكم، فصَلَّيْنا لكم فيه» . فلمّا نزل بذى أوانٍ أتاه خبر المسجد، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مالكَ بنَ الدُّخْشُم أخا بني سالم بن عوف، ومَعْنَ بن عَدِيٍّ أو أخاه عاصم بن عَدِيِّ
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 672، وابن أبي حاتم 6/ 1878.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 195.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1878.
(4)
عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ، وابن أبي حاتم.
(5)
في سيرة ابن هشام: أصحاب مسجد الضرار.
أحد بَلْعَجْلان، فقال:«انطَلِقا إلى هذا المسجد الظالم أهلُه، فاهدِماه، وحَرِّقاه» . فخرجا سريعين حتى أتَيا بني سالم بن عوف، وهم رهط مالك بن الدُّخْشُم، فقال مالك لمعن: أنظِرنى حتى أخرُج إليك. فدخل إلى أهله، فأخذ سَعَفًا مِن النخل، فأشعل فيه نارًا، ثم خرجا يَشْتَدّان وفيه أهله، فحَرَّقاه، وهَدَماه، وتَفرَّقوا عنه، ونزل فيهم من القرآن ما نزل:{والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا} إلى آخر القصة
(1)
. (7/ 525)
33516 -
عن الزهري =
33517 -
ويزيد بن رومان =
33518 -
وعبد الله بن أبي بكر =
33519 -
وعاصم بن عمر بن قتادة، وغيرهم، قالوا: أقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم -يعني: مِن تبوك- حتى نزل بذي أوان -بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار-، وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يَتَجَهَّز إلى تبوك،
…
إلخ كالرواية السابقة. وزاد في آخره: وكان الذين بَنَوْه اثنَي عشر رجلًا: خِذامُ بن خالد من بني عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف -ومن داره أخرج مسجد الشِّقاق-، وثعلبة بن حاطب مِن بني عبيد وهو إلى بني أمية بن زيد، ومُعَتِّبُ بن قُشَير من بني ضُبَيْعَةَ بن زيد، وأبو حبيبة بن الأزْعر من بني ضُبَيعة بن زيد، وعبّاد بن حُنيف أخو سَهل بن حُنيف من بني عمرو بن عوف، وجارية بن عامر وابناه: مُجَمِّعُ بن جارية، وزيد بن جارية، ونَبْتَلُ بن الحارث وهم من بني ضُبيعة، وبَحْزَجُ وهو إلى بني ضُبيعة، وبِجادُ بن عثمان وهو من بني ضُبيعة، ووديعة بن ثابت وهو إلى بني أمية، رهط أبي لُبابة بن عبد المنذر
(2)
. (ز)
33520 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: {والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا} ، قال: هم أُناسٌ مِن الأنصار ابْتَنَوْا مسجدًا، فقال لهم أبو عامر: ابنُوا
(1)
أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام 2/ 529 - 530 - ، وابن مردويه -كما في تخريج أحاديث الكشاف 2/ 101 - .
قال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف 2/ 101: «ذكره ابن هشام في السيرة عن ابن إسحاق، ولم يتجاوز به، وذكره الثعلبي مِن غير سند ولا راو، وذكره الواحدي في أسباب النزول وعزاه للمفسرين، ورواه ابن مردويه في تفسيره من حديث محمد بن إسحاق قال: ذكر ابن شهاب الزهري، عن ابن أكيمة الليثي، عن ابن أخي أبي رُهم الغفاري، أنه سمع أبا رهم الغفاري
…
». وذكره.
(2)
أخرجه ابن جرير 11/ 672 - 674.
مسجدَكم، واستمِدُّوا بما استطعتم مِن قُوَّة وسلاح، فإنِّي ذاهبٌ إلى قيصر ملك الروم، فآتي بجند من الروم، فأُخرِجُ محمدًا وأصحابه. فلمّا فرَغوا من مسجدِهم أتَوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: قد فَرَغنا مِن بناء مسجدنا، فنُحِبُّ أن تُصَلِّي فيه، وتدعو بالبَرَكة. فأنزل الله:{لا تقم فيه أبدًا}
(1)
. (7/ 522)
33521 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قال: لَمّا بنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مسجد قُباء خرج رجالٌ مِن الأنصار؛ منهم بَحْزَجٌ جدُّ عبد الله بن حُنَيف، ووَديعة بن خذام، ومُجمِّع بن جارية الأنصارى، فبَنَوا مسجد النفاق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبَحْزَجٍ:«ويلك، يا بَحْزَجُ! ما أردتَ إلى ما أرى؟» . قال: يا رسول الله، واللهِ، ما أردتُ إلا الحُسْنى. وهو كاذب، فصَدَّقَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأراد أن يَعذِرَه؛ فأنزل الله:{والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله} . يعني: رجلًا يُقال له: أبو عامر، كان مُحاربًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد انطلق إلى هرقل، وكانوا يَرصُدُون إذا قدِم أبو عامر أن يُصَلِّيَ فيه، وكان قد خرج من المدينة محارِبًا لله ولرسوله
(2)
. (7/ 523)
33522 -
عن عبد الله بن عباس، قال: دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مالكَ بن الدُّخْشُم، فقال مالك لعاصم: أنظِرنى حتى أخرُجَ إليك بنارٍ من أهلي. فدخل على أهله، فأخذ سَعَفاتٍ مِن نار، ثم خرجوا يشتَدُّون حتى دخلوا المسجد وفيه أهلُه، فحَرَّقوه، وهدموه، وخرج أهلُه فتَفَرَّقوا عنه؛ فأنزل الله في شأن المسجد وأهله:{والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا} إلى قوله: {عليم حكيم}
(3)
. (7/ 524)
33523 -
عن سعيد بن جبير، قال: ذُكِر: أنّ بنى عمرو بن عوف ابتَنَوْا مسجدًا، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيَهم فيُصَلِّي في مسجدهم، فأتاهم فصلّى فيه، فلمّا رأوا ذلك إخوتُهم بنو غَنْم بن عوف حسَدوهم، فقالوا: نَبنِي نحن أيضًا مسجدًا كما
(1)
أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 5/ 262 - 263، وابن جرير 11/ 675 - 676، وابن أبي حاتم 6/ 1878 (10060)، 6/ 1881 (10074) مُفَرَّقًا، من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس.
إسناده جيد. وينظر: مقدمة الموسوعة.
(2)
أخرجه ابن جرير 11/ 676، وابن أبي حاتم 6/ 1879 (10066)، 6/ 1880 (10071) مفرقًا، وابن مردويه -كما في تخريج أحاديث الكشاف 2/ 101 - 102 - ، من طريق العوفي، عن ابن عباس.
الإسناد ضعيف، لكنها صحيفة صالحة ما لم تأت بمنكر أو مخالفة. وينظر: مقدمة الموسوعة.
(3)
عزاه السيوطي إلى ابن إسحاق، وابن مردويه.
بنى إخواننا، فنُرسِل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيُصَلِّي فيه، ولعلَّ أبا عامر أن يَمُرَّ بنا فيُصَلِّي فيه. فبَنَوْا مسجدًا، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم فيُصَلِّي في مسجدهم، كما صلّى في مسجد إخوتهم، فلمّا جاء الرسول قام ليأتيهم، أو هَمَّ أن يأتيهم؛ فأنزل الله:{والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا} إلى قوله: {لا يزال بُنيانُهُم الذي بنوا ريبة في قلوبهم} إلى آخر الآية
(1)
. (7/ 524)
33524 -
قال الحسن البصري، في قوله تعالى:{والذين اتخذوا مسجدا ضرارا} إلى قوله: {والله عليم حكيم} : إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حين غزوة تبوك نزل بين ظهراني الأنصار، وبنى مسجد قباء، وهو الذي أُسِّس على التقوى، وكان المنافقون مِن الأنصار بَنَوْا مسجِدًا، فقالوا: نميل به، فإن أتانا محمدٌ فيه وإلا لم [
…
]
(2)
، ونخلو فيه لحوائجِنا، ونبعث إلى أبي عامر الرّاهب -لِمُحارب مِن محاربي الأنصار كان يُقال له: أبو عامر الراهب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسره- فيأتينا، فنستشيره في أمورنا. فلمّا بَنَوا المسجد؛ وهو الذي قال الله عز وجل:{الذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين} أي: بين جماعة المؤمنين {وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل} يعني: أبا عامر، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر الوحي لا يأتيهم ولا يأتونه، فلمّا طال ذلك عليه دعا بقميصه ليأتيهم، فإنّه ليَزُرَّهُ
(3)
عليه إذ أتاه جبريل، فقال:{لا تقم فيه أبدا} يعني: ذلك المسجد، {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم} يعني: مسجد قباء {أحق أن تقوم فيه}
(4)
. (ز)
33525 -
عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: كان الذين بَنَوْا اثني عشر رجلًا؛ خِذام بن خالد بن عبيد بن زيد، وثعلبة بن حاطب، وهَزّالُ بن أمية، ومُعَتِّب بن قُشَير، وأبو حبيبة بن الأزْعَر، وعَبّادُ بن حُنَيف، وجارية بن عامر، وابناه مُجَمِّعٌ وزيد، ونَبْتَلُ بن الحارث، وبحزج بن عثمان، ووَديعة بن ثابت
(5)
. (7/ 526)
33526 -
قال مقاتل بن سليمان: {وتَفْرِيقًا بَيْنَ المُؤْمِنِينَ} نزلت في اثني عشر رجلًا من المنافقين، وهم من الأنصار كلهم من بني عمرو بن عوف، منهم: حرح بن خِشْف
(6)
،
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(2)
كذا في المصدر.
(3)
يزُرّه: يشدُّ أزراره عليه. ينظر: لسان العرب (زرر).
(4)
ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 2/ 231 - .
(5)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1879 - 1880. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(6)
في نسخة دار الكتب العلمية 2/ 70: حرج بن خشف.
وحارثة بن عمرو، وابنه زيد بن حارثة، ونفيل بن الحرث، ووديعة بن ثابت، وحزام بن خالد، ومُجَمِّع بن حارثة، قالوا: نبني مسجدًا نتحدَّث فيه، ونخلو فيه، فإذا رجع أبو عامر الراهب اليهودي من الشام -أبو حنظلة غسيل الملائكة- قلنا له: بنيناه لتكون إمامَنا فيه. فذلك قوله: {وإرْصادًا لِمَن حارَبَ اللَّهَ ورَسُولَهُ مِن قَبْلُ}
(1)
. (ز)
33527 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل} ، قال: مسجد قباء، كانوا يصلون فيه كلُّهم، وكان رجل من رؤساء المنافقين؛ أبو عامر أبو حنظلة غسيل الملائكة، وصيفي، وأخوه، وكان هؤلاء الثلاثة مِن خيار المسلمين، فخرج أبو عامر هاربًا هو وابن عبدِ ياليل من ثقيف، وعلقمة بن علاثة من قيس، مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى لحقوا بصاحب الروم. فأما علقمة وابنُ عبد ياليل فرجعا، فبايعا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأسلما، وأما أبو عامر فتَنَصَّر وأقام. قال: وبنى ناسٌ مِن المنافقين مسجد الضرار لأبي عامر، قالوا: حتى يأتي أبو عامر يصلي فيه. {وتفريقا بين المؤمنين} يفرقون بين جماعتهم؛ لأنّهم كانوا يُصَلُّون جميعًا في مسجد قباء، وجاءوا يخدعون النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، رُبَّما جاء السيلُ، فقطع بيننا الوادي، ويحول بيننا وبين القوم، فنُصَلِّي في مسجدنا، فإذا ذهب السيل صلينا معهم. قال: وبَنَوْه على النِّفاق. قال: وانهار مسجدُهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وألقى الناسُ عليه النَّتَنَ والقُمامة؛ فأنزل الله: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين} لئلّا يُصَلِّي في مسجد قباء جميعُ المؤمنين، {وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل} أبي عامر، {وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون}
(2)
[3049]. (ز)
[3049] قال ابنُ عطية (4/ 405 - 406): «وقوله: {بين المؤمنين} يريد: بين الجماعة التي كانت تُصَلِّي في مسجد قباء، فإنّ مَن جاوز مسجدهم كانوا يصرفونه إليه، وذلك داعية إلى صرفه عن الإيمان. وقيل: أراد بقوله: {بين المؤمنين} جماعةَ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا بحسب الخلاف في المسجد المُؤَسَّس على التقوى» .
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 195 - 196.
(2)
أخرجه ابنُ جرير 11/ 679.