الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ
وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
(30)}
نزول الآية:
32139 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن إسحاق بسنده- قال: أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سلّامُ بن مِشْكمٍ، ونعمانُ بن أوْفى أبو أنس، وشَأْسُ بن قيسٍ، ومالكُ بن الصَّيْف، فقالوا: كيف نتَّبِعُك وقد ترَكت قِبلَتَنا، وأنت لا تزعُمُ أنّ عُزَيرًا ابنُ الله؟! فأنزل الله في ذلك:{وقالت اليهود} الآية
(1)
. (7/ 317)
تفسير الآية:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ}
32140 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في قوله: {وقالت اليهود عزير ابن الله} : وإنما قالوا: هو ابن الله؛ مِن أجل أنّ عزيرًا كان في أهل الكتاب، وكانت التوراة عندهم، فعَمِلوا بها ما شاء الله أن يَعمَلوا، ثم أضاعوها، وعمِلوا بغير الحقِّ، وكان التابوتُ فيهم، فلمّا رأى اللهُ أنهم قد أضاعوا التوراة، وعمِلوا بالأهواء؛ رفع اللهُ عنهم التابوت، وأنساهم التوراة، ونسَخَها من صدورهم، وأرسَل عليهم مرضًا، فاستطلَقَتْ بُطونُهم منه، حتى جعل الرجلُ يمشي كبِدُه، حتى نسُوا التوراة، ونُسِخَت من صدورهم، وفيهم عُزَيْرٌ، فمكثوا ما شاء الله أن يَمكُثوا بعدما نُسِخت التوراةُ من صدورهم، وكان عُزَيرٌ قَبْلُ من علمائهم، فدعا عزيرٌ اللهَ وابتهل إليه أن يَرُدَّ إليه الذي نُسِخ من صدره، فبينما هو يُصَلِّي مبتهِلًا إلى الله نزل نورٌ من الله
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 409، وابن أبي حاتم 6/ 1781 (10043)، من طريق ابن إسحاق، عن ابن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس به. وأورده الثعلبي 5/ 30.
إسناده جيد. وينظر: مقدمة الموسوعة.
فدخَل جوفَه، فعاد إليه الذي كان ذهب مِن جوفِه من التوراة، فأذَّن في قومه، فقال: يا قومِ، قد آتانِيَ اللهُ التوراةَ، وردَّها إلَيَّ. فعَلِق
(1)
يُعلِّمُهم، فمكَثوا ما شاء الله أن يَمْكُثوا وهو يُعلِّمُهم، ثم إنّ التابوت نزَل عليهم بعد ذلك وبعد ذهابه منهم، فلمّا رأوُا التابوت عرَضُوا ما كان فيه على الذي كان عُزَيرٌ يعلِّمهم، فوجدوه مثله، فقالوا: واللهِ، ما أُوتِيَ عزيرٌ هذا إلّا أنّه ابنُ الله
(2)
. (7/ 318)
32141 -
عن عبد الله بن عباس، قال: كُنَّ نساءُ بني إسرائيل يجتمِعنَ باللَّيل فيُصَلِّينَ، ويَعْتَزِلنَ، ويذْكُرْنَ ما فضَّل اللهُ به بني إسرائيل وما أعطاهم، ثم سُلِّط عليهم شرُّ خلقِه بختُنَصَّرَ، فحرَق التوراة، وخرَّب بيت المقدس، وعزيرٌ يومئذٍ غلامٌ، فقال عزيرٌ: أوَكان هذا؟! فلَحِق الجبالَ والوحشَ، فجعل يتعبَّدُ فيها، وجعل لا يُخالِطُ الناسَ، فإذا هو ذاتَ يومٍ بامرأةٍ عند قبرٍ وهي تبكي، فقال: يا أمَةَ الله، اتَّقِي الله، واحتسِبي، واصبِري، أمّا تعلَمِين أنّ سبيلَ الناسِ إلى الموت؟! فقالت: يا عزيرُ، أتَنْهاني أن أبكيَ وأنت قد خلَّفت بني إسرائيل ولحقِت بالجبال والوحش؟! قالت: إنِّي لستُ بامرأةٍ، ولكني الدنيا، وأنّه سيَنبُعُ في مُصَلّاك عينٌ، وتَنبُتُ شجرةٌ، فاشرَبْ مِن ماء العين، وكُلْ مِن ثمرة الشجرة، فإنّه سيأتيك مَلَكان فاتركهما يَصْنَعان ما أرادا. فلمّا كان مِن الغد نبَعت العينُ، ونبتَت الشجرةُ، فشَرِب من ماء العين، وأكَل مِن ثمرة الشجرة، وجاءه مَلَكان ومعهما قارورةٌ فيها نورٌ، فأوْجَراهُ ما فيها، فألهمه اللهُ التوراةَ، فجاء فأملاه على الناس، فعند ذلك قالوا: عُزيرٌ ابن الله. تعالى اللهُ عن ذلك
(3)
. (7/ 319)
32142 -
عن كعب الأحبار، قال: دعا عُزَيرٌ ربَّه أن يُلَقّى التوراة كما أنزَل على موسى في قلبه، فأنزَلها الله عليه، فبعد ذلك قالوا: عزيرٌ ابن الله
(4)
. (7/ 320)
32143 -
عن عبد الله بن عبيد بن عمير -من طريق ابن جُرَيْج- قوله: {وقالت اليهود عزير ابن الله} ، قال: قالها رجل واحد، قالوا: إنّ اسمه: فنحاص. وقالوا: هو الذي قال: {إن الله فقير ونحن أغنياء} [آل عمران: 181]
(5)
. (ز)
32144 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: إنّما قالت اليهود:
(1)
عَلِق فلان يفعل كذا: ظلَّ. اللسان (علق).
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1781.
(3)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر.
(4)
عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(5)
أخرجه ابن جرير 11/ 408.
عُزَيرٌ ابن الله. لأنّهم ظهرت عليهم العمالقةُ، فقتلوهم، وأخذوا التوراةَ، وهرب علماؤهم الذين بَقُوا، فدفنوا كتب التوراة في الجبال، وكان عُزَيرٌ يتعبَّدُ في رءوس الجبال، لا ينزِلُ إلّا في يوم عيدٍ، فجعل الغلامُ يبكي، ويقول: ربِّ، تركتَ بني اسرائيل بغير عالِم. فلم يزل يبكيهم حتى سقط أشفارُ عينَيه، فنزل مرةً إلى العيد، فلمّا رجع إذا هو بامرأةٍ قد مثَلَت له عند قبرٍ من تلك القبور تبكي، وتقول: يا مُطْعِماه، يا كاسِياه. فقال لها: ويحَكِ! مَن كان يُطْعِمُكِ أو يَكْسُوكِ أو يَسْقِيكِ قبلَ هذا الرجل؟ قالت: الله. قال: فإنّ اللهَ حيٌّ لم يَمُتْ. قالت: يا عزيرُ، فمَن كان يُعلِّمُ العلماءَ قبل بني اسرائيل؟ قال: الله. قالت: فلِمَ تبكي عليهم؟! فلمّا عرَف أنه قد خُصِمَ ولّى مُدْبِرًا، فدعَته، فقالت: يا عُزيرُ، إذا أصبحت غدًا فائتِ نهَرَ كذا وكذا، فاغتسِلْ فيه، ثم اخرُجْ، فصَلِّ ركعتين، فإنّه يأتيك شيخٌ، فما أعطاك فخُذْه. فلمّا أصبَح انطَلق عزيرٌ إلى ذلك النهَر، واغتَسَلْ، ثم خرَج، فصلّى ركعتين، فأتاه شيخٌ، فقال: افتحْ فمَك. ففتَح فمَه، فألقى فيه شيئًا كهيئة الجمرة العظيمة، مجتمِعٌ كهيئة القوارير، ثلاثَ مراتٍ، فرجَع عزيرٌ وهو من أعلم الناس بالتوراة، فقال: يا بني إسرائيل، إنِّي قد جئتُكم بالتوراة. فقالوا: ما كُنتَ كذّابًا! فعمَد فربَط على كلِّ أُصبُعٍ له قلمًا، ثم كتب بأصابعه كلِّها، فكتب التوراة، فلمّا رجع العلماءُ أُخبِروا بشأن عُزَيْرٍ، واستخرَج أولئك العلماءُ كُتبَهم التي كانوا دفنوها من التوراة في الجبال، وكانت في خَوابي
(1)
مدفونةٍ، فعرضوها بتوراة عُزَيرٍ، فوجَدوها مثلها، فقالوا: ما أعطاكَ اللهُ إلّا وأنت ابنُه
(2)
. (7/ 320)
32145 -
عن محمد ابن شهاب الزهريِّ، قال: كان عُزَيْرٌ يقرأُ التوراةَ ظاهرًا، وكان قد أُعطِي مِن القوة ما إن كان لَينْظُرُ البدرَ في شرَفِ السَّحاب، فعند ذلك قالت اليهود: عزيرٌ ابن الله
(3)
. (7/ 320)
32146 -
قال مقاتل بن سليمان: {وقالت اليهود عزير ابن الله} ، وذلك أنّ اليهود قتلوا الأنبياء بعد موسى، فرفع الله عنهم التوراة، ومحاها من قلوبهم، فخرج عزيرٌ يسيح في الأرض، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال له: أين تذهب؟ قال: لطلب العلم. فعلَّمه جبريلُ التوراةَ كلها، فجاء عزير بالتوراة غضًّا إلى بني إسرائيل، فعلّمهم،
(1)
خَوابي: جمع خابية وهي الحُبَّ، والحُبُّ: الجَرَّة الضخمة التي يُجعل فيها الماء. اللسان (خبأ) و (حبب).
(2)
أخرجه ابن جرير 11/ 410 - 411، وابن أبي حاتم 6/ 1781 - 1782.
(3)
عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.