الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
33049 -
عن الربيع بن أنس =
33050 -
ومقاتل بن حيان، نحوه
(1)
. (ز)
33051 -
عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر الرازي- قوله: {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين} ، قال: جهاد المنافقين ألّا تَظْهَر منهم معصيةٌ إلا أُطْفِيت، ولا حدًّا إلا أُقِيم
(2)
. (ز)
33052 -
قال مقاتل بن سليمان: {يا أيُّها النَّبِيُّ جاهِدِ الكُفّارَ والمُنافِقِينَ} يعني: كُفّار العرب بالسيف، {واغْلُظْ عَلَيْهِمْ} على المنافقين باللسان، ثم ذكر مُسْتَقَرَّهم في الآخرة:{وماواهُمْ جَهَنَّمُ} يعني: مصيرهم جهنم، يعني: كلا الفريقين، {وبِئْسَ المَصِيرُ} يعني: حين يصيرون إليها
(3)
. (ز)
النسخ في الآية:
33053 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ، في قوله:{جاهِدِ الكُفّارَ} قال: بالسيفِ، {والمنافِقِينَ} قال: بالقولِ باللسانِ، {واغْلُظْ عَلَيهِم} قال: على الفريقين جميعًا. ثم نسَخها، فأنزَل بعدها:{قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِنَ الكُفّارِ وليَجِدُوا فِيكُم غِلظَةً} [التوبة: 123]
(4)
. (7/ 443)
{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
(74)}
نزول الآية، وتفسيرها
33054 -
عن كعب بن مالك، قال: لَمّا نزَل القرآنُ فيه ذِكْرُ المنافقين قال الجُلاسُ: واللهِ، لَئِن كان هذا الرجلُ صادِقًا لَنَحْنُ شرٌّ مِن الحميرِ. فسمِعه عميرُ بن سعدٍ، فقال: واللهِ، يا جُلاسُ، إنّك لَأَحَبُّ الناسِ إلَيَّ، وأحسنُهم عندي أشَرًا، وأعزُّهم عليَّ أن يَدخُلَ عليه شيءٌ يكرَهُه، ولقد قلتَ مقالةً لَئِن ذكَرتُها لتَفضحَنَّك، ولئن
(1)
علَّقه ابن أبي حاتم 6/ 1841 - 1842.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1841.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 182.
(4)
عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
سَكَتُّ عنها لَتُهْلِكَنِّي، ولَأحدهما أشَدُّ عَلَيَّ مِن الأُخرى. فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكَر له ما قال الجُلاسُ، فحلَف باللهِ ما قال، ولقد كذَب عليَّ عُمَيرٌ. فأنزَل اللهُ:{يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا ولَقَد قالُوا كَلِمَةَ الكُفرِ} الآية
(1)
.
(7/ 443)
33055 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالِسًا في ظلِّ شجرةٍ، فقال:«إنّه سيَأتيكم إنسانٌ ينظُرُ إليكم بعَيْنَيْ شيطانٍ، فإذا جاء فلا تُكلِّموه» . فلم يَلبَثوا أن طلَع رجلٌ أزرقُ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«علامَ تَشتُمُني أنت وأصحابُك؟» . فانطلَق الرجلُ، فجاء بأصحابهِ، فحلَفوا باللهِ ما قالوا، حتى تجاوَز عنهم؛ فأنزل الله:{يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا} الآية
(2)
. (7/ 445)
33056 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن إسحاق بسنده- قال: كان الجُلاسُ بن سويد بن الصّامِت مِمَّن تخلَّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وقال: لَئِن كان هذا الرجلُ صادِقًا لَنَحْن شَرٌّ من الحميرِ. فرفَع عميرُ بنُ سعدٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحلَف الجُلاسُ باللهِ لقد كذَب عَلَيَّ، وما قُلْتُ. فأنزَل الله:{يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا} الآية. فزعَموا أنّه تاب، وحسُنت توبتُه
(3)
. (7/ 444)
33057 -
عن أنس بن مالك -من طريق عبد الله بن الفضل- قال: سمِع زيدُ بنُ أرقمَ رجلًا مِن المنافقين يقولُ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يَخطُبُ: إن كان هذا صادقًا لَنَحْن شَرٌّ مِن الحمير. فقال زيدٌ: هو -واللهِ- صادقٌ، ولأنت شَرٌّ مِن الحمار. فرُفِع ذلك إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فجَحَد القائلُ؛ فأنْزَل اللهُ:{يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا} الآيةَ. فكانت الآيةُ
(1)
أخرجه ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام 1/ 519 - 520 - ، وابن أبي حاتم 6/ 1843.
(2)
أخرجه أحمد 4/ 231 - 232 (2407، 2408)، 5/ 316 - 317 (3277)، والحاكم 2/ 524 (3795)، وابن جرير 11/ 571 - 572. وأورده والثعلبي 5/ 69.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه» . وقال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف 3/ 432: «رواه أحمد، وابن أبي شيبة، والبزار في مسانيدهم، ورواه الطبراني في معجمه، والبيهقي في دلائل النبوة، والواحدي في أسباب النزول، والطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما، وهذا سند جيد، وابن مردويه أيضًا» . وقال الهيثمي في المجمع 7/ 122 (11408): «رواه أحمد، والبزار، ورجال الجميع رجال الصحيح» .
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1843، من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس.
قال السيوطي في الإتقان 6/ 2336 عن هذه الطريق: «هي طريق جيدة، وإسنادها حسن، وقد أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرًا» .
في تصديقِ زيدٍ
(1)
[2999]. (7/ 444)
33058 -
عن عروةَ بن الزبير -من طريق ابنه هشام-: أنّ رجلًا مِن الأنصار -يُقال له: الجُلاسُ بن سُويدٍ- قال ليلةً في غزوة تبوك: واللهِ، لَئِن كان ما يقول مُحَمَّدٌ حقًّا لَنَحْنُ شرٌّ مِن الحمير. فسمعه غلامٌ يُقال له: عمير بنُ سعدٍ، وكان ربيبَه، فقال له: أيْ عمِّ، تُبْ إلى الله. وجاء الغلامُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فأرسل النبيُّ صلى الله عليه وسلم إليه، فجعل يحلفُ ويقولُ: واللهِ، ما قلتُهُ، يا رسول الله. فقال الغلامُ: بلى، واللهِ، لقد قلتَه، فتُبْ إلى الله، ولولا أن ينزل القرآن فيجعلني معك ما قلتُه. فجاء الوحيُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فسكتوا فلا يتحرَّك أحدٌ، وكذلك كانوا يفعلون، لا يتحرَّكون إذا نزل الوحيُ، فرُفِع عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:{يحلفُون باللهِ ما قالُوا ولقد قالوا كلمةَ الكُفْرِ} إلى قوله: {فإن يتوبوا يكُ خيرًا لهُمْ} . فقال: قد قلتُه، وقد عرض الله عَلَيَّ التوبة، فأنا أتوب. فقُبِل ذلك منه، وكان له قتيٌل في الإسلام، فوَداه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاه ديتَه، فاستغنى بذلك، وكان هَمَّ أن يَلحقَ بالمشركين، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم للغلام:«وفَتْ أُذنُك»
(2)
. (7/ 445)
33059 -
عن الضحاك بن مُزاحِم، في قوله:{يحلفون بالله ما قالوا} ، قال: هم الذين أرادوا أن يدفعوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم ليلةَ العقبة، وكانوا قد أجمعوا أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم معه في بعض أسفاره، فجعلوا يلتمسون غِرَّته، حتى أخذ في عَقَبَةٍ، فتقدَّم بعضُهم، وتأخَّر بعضُهم، وذلك ليلًا، قالوا: إذا أخذ في العَقَبَة دفعناه عن راحلته في الوادي. فسمع حذيفةُ وهو يسوق النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وكان قائدُه تلك الليلة عمارَ بن ياسر، وسائقُه حذيفةَ بن اليمان، فسمع حذيفةُ أخفافَ الإبل، فالتَفَتَ، فإذا هو بقومٍ مُتَلَثِّمِين، فقال: إليكم إليكم، يا أعداء الله. فأَمْسَكوا، ومضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى نزل منزِلَه الذي أراد، فلمّا أصبح أرسل إليهم كلِّهم، فقال:«أردتُم كذا وكذا؟» . فحلفوا باللهِ ما قالوا، ولا أرادُوا الذي سألهم عنه، فذلك قولُه: {يحلفون
[2999] علَّق ابنُ عطية (4/ 365) على هذا القول بقوله: «والإشارة بكلمة الكفر إلى قوله: إن كان ما يقول محمد حقًّا فنحن شر من الحمر. لأنّ التكذيب في قُوَّة هذا الكلام» .
_________
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1842 - 1843، والبيهقي في الدلائل 4/ 57. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ، وابن مردويه.
(2)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف 10/ 46 (18303)، وابن سعد في الطبقات الكبرى 4/ 277 - 278 في ترجمة عمير بن سعد، وابن جرير 11/ 569 - 570، وابن أبي حاتم 6/ 1846 (10403).
باللهِ ما قالوا ولقدْ قالوا كلمةَ الكُفرِ} الآية
(1)
[3000]. (7/ 447)
33060 -
عن حذيفة بن اليمان، قال: كنتُ آخِذًا بخِطام ناقةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أقود به وعَمّارٌ يسوقُه، أو أنا أسوقُه وعمارٌ يقودُه، حتى إذا كُنّا بالعقبة فإذا أنا باثني عشر راكبًا قد اعترضوا فيها. قال: فأنبهتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فصرخ بهم، فولَّوا مدبرين، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هل عرفتم القومَ؟» . قلنا: لا، يا رسول الله، كانوا مُتَلَثِّمين، ولكِنّا قد عرفنا الرِّكابَ. قال:«هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة، هل تدرُون ما أرادُوا؟» . قلنا: لا. قال: «أرادوا أن يَزحَموا رسول الله في العَقَبَة، فيُلْقُوه منها» . قلنا: يا رسول الله، ألا تَبْعَثُ إلى عشائرهم حتى يَبْعَثَ إليك كلُّ قومٍ برأسِ صاحبهم؟ قال:«لا، إنِّي أكْرَه أن تَحَدَّث العربُ بينها: أنّ محمدًا قاتَل بقومٍ، حتى إذا أظهره اللهُ بهم أقبل عليهم يقتُلُهم» . ثم قال: «اللَّهُمَّ، ارْمِهم بالدُّبَيْلَةِ
(2)
». قلنا: يا رسول الله، وما الدُّبَيْلَةُ؟ قال:«شِهابٌ مِن نار، يَقَعُ على نِياطِ قلب أحدِهم، فيهلِكُ»
(3)
. (7/ 451)
33061 -
قال الحسن البصري: لَقِي رجلٌ من المنافقين رجلًا من المسلمين؛ فقال: إن كان ما يقول محمدٌ حقًّا فنحن شَرٌّ مِن الحُمُر. فقال المسلم: أنا أشهد أنّه لَحَقٌّ، وأنّك شَرٌّ مِن حمار. ثم أخبر بذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأرسل النبيُّ إلى المنافق: أقُلْتَ كذا؟ فحلف باللهِ ما قاله، وحلف المسلمُ لقد قاله؛ فأنزل الله عز وجل:{يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم} بعد إقرارهم، {وهموا بما لم ينالوا}
(4)
. (ز)
[3000] علَّق ابنُ كثير (7/ 240) على هذا القول بقوله: «وذلك بين فيما رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة من حديث محمد بن إسحاق، عن الأعمش عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن حذيفة بن اليمان
…
» وساق الأثر التالي.
_________
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1844 (10111). وأورده الواحدي في أسباب النزول ص 251 - 252.
(2)
الدُّبْلة والدُّبَيْلَة: هي خُراج ودُمَّل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالبًا. والدُّبَيلة: الداهية. لسان العرب (دبل).
(3)
أخرجه الطبراني في الأوسط 8/ 102 (8100)، والبيهقي في دلائل النبوة 5/ 260 - 261 واللفظ له.
قال الهيثمي في المجمع 1/ 109 - 110 (422): «رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبد الله بن سلمة، وثَّقه جماعة، وقال البخاري: لا يتابع على حديثه» . وقال السيوطي في الخصائص الكبرى 1/ 463 مُعَلِّقًا على رواية البيهقي: «سند صحيح» .
(4)
ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 2/ 220 - .
33062 -
عن محمد بن سيرين، قال: قال رجلٌ من المنافقين: لَئِن كان محمدٌ صادِقًا فيما يقول لَنَحْنُ شَرٌّ مِن الحمير. فقال له زيدُ بن أرقم: إنّ محمدًا لَصادقٌ، ولأنت شَرٌّ مِن الحمار. فكان فيما بينهما ذلك كلامٌ، فلمّا قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فأتاه الآخَرُ، فحلف بالله ما قال؛ فنزلت:{يحلفونَ بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكُفرِ} . فقال رسول صلى الله عليه وسلم لزيد بن أرقمَ: «وفَتْ أُذُنك»
(1)
. (7/ 447)
33063 -
عن محمد بن سيرين -من طريق هشام بن حسّان- قال: لَمّا نزل القرآنُ أخذ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بأُذُن عمير، فقال:«وفَتْ أذنُك، يا غلامُ، وصدَّقك ربُّك»
(2)
. (7/ 446)
33064 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: ذُكِر لنا: أنّ رجلين اقتتلا؛ أحدُهما مِن جُهينةَ، والآخرُ مِن غِفارٍ، وكانت جُهَيْنةُ حلفاءَ الأنصارِ، فظهَر الغِفاريُّ على الجُهَنيِّ، فقال عبد الله بن أُبَيٍّ للأوسِ: انصُروا أخاكم، واللهِ، ما مثَلُنا ومثَلُ محمدٍ إلا كما قال القائل: سمِّنْ كلبَك يأكلْكَ. واللهِ، لَئِن رجَعنا إلى المدينةِ ليُخرِجن الأعزُّ منها الأذلَّ. فسعى بها رجلٌ من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأَرْسَل إليه فسأله، فجعَل يحلِفُ باللهِ ما قاله؛ فأنزَل الله:{يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا} الآية
(3)
[3001]. (7/ 445)
33065 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: {يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا ولَقَد قالُوا كَلِمَةَ الكُفرِ} ، قال: نزَلت في عبد الله بن أبيِّ بن سَلُول
(4)
. (7/ 445)
33066 -
قال محمد بن السائب الكلبي: نزلت في الجلاس بن سويد، وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خَطَب ذات يوم بتبوك، فذكر المنافقين، وسمّاهم رِجْسًا، وعابهم، فقال جلاس: لئن كان محمد صادقًا لنحن شَرٌّ من الحمير. فسمعه عامر بن قيس، فقال: أجل، إنّ محمدًا لَصادق، وأنتم شَرٌّ مِن الحمير. فلمّا انصرف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه عامر بن قيس، فأخبره بما قال الجلاس، فقال الجلاس: كذب
[3001] علَّق ابنُ عطية (4/ 366) على هذا القول بقوله: «والإشارة بكلمة الكفر إلى تمثيله: سمِّن كلبك يأكلك» .
_________
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.
(2)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف 10/ 47 (18304).
(3)
أخرجه ابن جرير 11/ 572، وابن أبي حاتم 6/ 1843 - 1844. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(4)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 283، وابن جرير 11/ 572.
عَلَيَّ، يا رسول الله. وأمرهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يحلفا عند المنبر، فقام الجلاس عند المنبر بعد العصر، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما قاله، ولقد كذب عَلَيَّ عامر، ثم قام عامر، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد قاله، وما كذبتُ عليه، ثم رفع يديه إلى السماء، وقال: اللَّهُمَّ، أنزِل على نبيِّك تصديق الصادق مِنّا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون:«آمين» . فنزل جبريلُ عليه السلام قبل أن يتفرَّقا بهذه الآية، حتى بلغ:{فإن يتوبوا يك خيرا لهم} . فقام الجلاس، فقال: يا رسول الله، أسْمَعُ اللهَ عز وجل قد عَرَضَ عَلَيَّ التوبةَ، صَدَق عامرُ بن قيس فيما قاله، لقد قلتُه، وأنا أستغفر اللهَ وأتوب إليه. فقَبِل رسولُ الله ذلك منه، وحَسُنَت توبته
(1)
. (ز)
33067 -
قال مقاتل بن سليمان: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا} ، وذلك أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقام في غزاة تبوك شهرين ينزل عليه القرآن، ويعيب المنافقين المتخلفين، جعلهم رجسًا، فسَمِع مَن غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم مِن المنافقين، فغضبوا لإخوانهم المُتَخَلِّفين، فقال جلاس بن سويد بن الصامت: وقد سمع عامر بن قيس الأنصاري -من بني عمرو بن عوف- الجلاس يقول: واللهِ، لَئِن كان ما يقول محمدٌ حقًّا لِإخواننا الذين خلفناهم وهم سُراتُنا وأشرافنا لَنَحْنُ أشَرُّ من الحمير. فقال عامر بن قيس للجلاس: أجلْ، واللهِ، إنّ محمدًا لصادِقٌ مُصَدَّقٌ، ولأنت أشَرُّ مِن الحمار. فلمّا قدم النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ أخبر عاصمُ بنُ عدي الأنصاريُّ عن قول عامر بما قال الجلاس، فأرسل النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى عامر والجلاس، فذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم للجلاس ما قال، فحلف الجلاس بالله ما قال ذلك، فقال عامر: لقد قاله وأعظمَ منه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما هو؟» . قال: أرادوا قتلك. فنفر الجلاس وأصحابه من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«قُوما، فاحْلِفا» . فقاما عند المنبر، فحلف الجلاس ما قال ذلك، وأنّ عامرًا كذب، ثم حلف عامر باللهِ إنّه لصادق ولقد سمع قوله، ثم رفع عامر يده فقال: اللَّهُمَّ، أنزِل على عبدك ونبيِّك تكذيب الكاذب، وصِدْقَ الصادق. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«آمين» . فأنزل في الجلاس: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا ولَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وكَفَرُوا بَعْدَ إسْلامِهِمْ} يعني: بعد إقرارهم بالإيمان، {وهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا} مِن قتل النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالعَقَبة، {وما نَقَمُوا إلّا أنْ أغْناهُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ} فقال الجلاس: فقد عرض الله عَلَيَّ التوبةَ، أجلْ، واللهِ، لقد قُلْتُه. فصدَّق عامِرًا، وتاب الجلاس،
(1)
تفسير البغوي 4/ 74 - 75.