الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}
30854 -
عن عمران بن الحُصَين، قال: أتى نافع بن الأزْرَق وأصحابه. فقالوا: هلكت يا عمران. قال: ما هلكت. قالوا بلى. قال: ما الذي أهلكني؟ قالوا: قال الله: {وقاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} . قال: قد قاتلناهم حتى نفيناهم؛ فكان الدين كله لله، إن شئتم حدثتكم حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: وأنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث جيشًا من المسلمين إلى المشركين، فلما لقوهم قاتلوهم قتالًا شديدًا، فمنحوهم أكتافهم، فحمل رجل من لُحْمَتي
(1)
على رجل من المشركين بالرُّمْح، فلما غشيه قال: أشهد أن لا إله إلا الله، إني مسلم. فطعنه فقتله، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هلكتُ. قال:«وما الذي صنعت؟» مرة أو مرتين. فأخبره بالذي صنع. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فهَلّا شققت عن بطنه، فعلمت ما في قلبه؟» . قال: يا رسول الله، لو شققت بطنه لكنت أعلم ما في قلبه. قال:«فلا أنت قَبِلْت ما تَكَلَّم به، ولا أنت تعلم ما في قلبه» . قال: فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يلبث إلا يسيرًا حتى مات، فدَفَنّاه، فأصبح على ظهر الأرض، فقالوا: لعل عدوًّا نَبَشَه. فَدَفَنّاه، ثم أمرنا غلماننا يحرسونه، فأصبح على ظهر الأرض، فقلنا: لعل الغلمان نعسوا. فدفناه، ثم حرسناه بأنفسنا، فأصبح على ظهر الأرض، فألقيناه في بعض تلك الشعاب
(2)
. (ز)
30855 -
عن أبي ظَبْيانَ، قال: جاء رجل إلى سعد، فقال له: ألا تخرج تقاتل مع الناس حتى لا تكون فتنة؟ فقال سعد: قد قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم تكن فتنة، فأما أنت وذا البُطَيْن تريدون أن أقاتل حتى تكون فتنة
(3)
. (ز)
30856 -
عن ابن عمر-من طريق نافع-: أنه أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير، فقالا: إنّ الناس قد صنعوا ما ترى، وأنت ابن عمر بن الخطاب، وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يمنعك أن تخرج؟ قال: يمنعني أن الله حَرَّم عَلَيَّ دم أخي
(1)
اللُّحْمَةُ -بالضم-: القرابَةُ. القاموس واللسان (لحم).
(2)
أخرجه ابن ماجه في سننه (ت: شعيب الأرناؤوط) 5/ 83 - 84 (3930).
قال المحقق: «إسناده ضعيف لإعضاله؛ فإن بين السميط وعمران اثنين» .
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1700، 1701.
المسلم. قالوا: أو لم يقل الله: {وقاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ؟ قال: قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة، وكان الدين كله لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة، ويكون الدين لغير الله
(1)
[2805]. (ز)
30857 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- قوله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} ، يعني: حتى لا يكون شرك
(2)
. (ز)
30858 -
عن أبي العالية الرياحي =
30859 -
ومجاهد بن جبر =
30860 -
والحسن البصري =
30861 -
وزيد بن أسلم =
30862 -
والربيع بن أنس =
30863 -
ومقاتل بن حيان، نحو ذلك
(3)
. (ز)
30864 -
عن عروة بن الزبير، وغيره من العلماء -من طريق الزهري-: أنه أنزل عليه {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} ، أي: حتى لا يُفْتَن مؤمن عن دينه
(4)
. (ز)
30865 -
عن عروة بن الزبير -من طريق هشام-: أنّ عبد الملك بن مروان كتب إليه يسأله عن أشياء، فكتب إليه عروة: سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنك كتبت إلَيَّ تسألني عن مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، وسأخبرك به، ولا حول ولا قوة إلا بالله. كان من شأن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة أنّ الله أعطاه النبوة، فنِعْم النبي، ونِعْم السيد، ونِعْم العشيرة، فجزاه الله خيرًا، وعرفنا وجهه في الجنة، وأحيانا على ملته، وأماتنا عليها، وبعثنا عليها. وإنه لَمّا دعا قومَه لِما بعثه الله له من الهدى والنور الذي أنزل عليه؛ لم ينفروا منه أول ما
[2805] علَّق ابن عطية (4/ 191) على قول ابن عمر، فقال:«فمذهب ابن عمر أن الفتنة: الشرك في هذه الآية» ، ثم رجَّحه قائلًا:«وهو الظاهر» ، ثم وجَّه هذا المعنى قائلًا:«ومن قال: المعنى: حتى لا يكون شرك. فالآية عنده يراد بها الخصوص فيمن لا تُقبَل منه جِزْيَة» .
_________
(1)
أخرجه ابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير 4/ 55، 56 - . وعلَّقه ابن أبي حاتم 5/ 1701.
(2)
أخرجه ابن جرير 11/ 178، وابن أبي حاتم 5/ 1701.
(3)
علَّقه ابن أبي حاتم 5/ 1701.
(4)
أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1701.
دعاهم إليه، وكانوا يسمعون له حتى ذكر طواغيتهم. وقدم ناس من الطائف من قريش لهم أموال، أنكر ذلك عليه ناس، واشتدوا عليه، وكرهوا ما قال، وأَغْرَوْا به من أطاعهم، فانعطف عنه عامة الناس، فتركوه، إلا من حفظه الله منهم وهم قليل. فمكث بذلك ما قدر الله أن يمكث، ثم ائْتَمَرت رءوسهم بأن يفتنوا مَنِ اتبعه عن دين الله من أبنائهم وإخوانهم وقبائلهم، فكانت فتنة شديدة الزلزال، فافتتن من افتتن، وعصم الله من شاء منهم. فلما فعل ذلك بالمسلمين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى أرض الحبشة، وكان بالحبشة ملك صالح يقال له النَّجاشِيُّ لا يظلم أحد بأرضه، وكان يُثْنى عليه مع ذلك، وكانت أرض الحبشة مَتْجَرًا لقريش يَتَّجِرُون فيها، ومساكن لتجارتهم يجدون فيها رَفاغًا
(1)
من الرزق وأمنًا ومتجرًا حسنًا. فأمرهم بها النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب إليها عامتهم لَمّا قُهِرُوا بمكة، وخافوا عليهم الفتن، ومكث هو فلم يبرح، فمكث ذلك سنوات يَشْتَدُّون على من أسلم منهم. ثم إنه فشا الإسلام فيها، ودخل فيه رجال من أشرافهم ومَنَعَتهم، فلما رَأَوْا ذلك استرخوا استرخاءة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، وكانت الفتنة الأولى هي أخرجت من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل أرض الحبشة مخافةً وفرارًا مِمّا كانوا فيه من الفِتَن والزلزال. فلما اسْتُرْخِي عنهم، ودخل في الإسلام من دخل منهم، تَحَدَّث بهذا الاسترخاء عنهم، فبلغ ذلك مَن كان بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد اسْتُرْخِي عمن كان منهم بمكة، وأنهم لا يُفْتَنون، فرجعوا إلى مكة، وكادوا يأمنون بها، وجعلوا يزدادون ويكثرون. وإنه أسلم من الأنصار بالمدينة ناس كثير، وفشا بالمدينة الإسلام، وطفق أهل المدينة يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فلما رأت قريش ذلك، تَوامَرَتْ على أن يفتنوهم، ويَشُدُّوا عليهم، فأخذوهم، وحَرَصوا على أن يفتنوهم، فأصابهم جَهْد شديد، وكانت الفتنة الآخرة، فكانت ثنتين: فتنة أخْرَجَت مَن خرج منهم إلى أرض الحبشة حين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بها وأذن لهم في الخروج إليها، وفتنة لَمّا رجعوا ورأوا من يأتيهم من أهل المدينة. ثم إنه جاء رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من المدينة سبعون نفسًا؛ رءوس الذين أسلموا، فوافَوْه بالحج، فبايعوه بالعَقَبَة، وأعَطْوَه على: أنّا منك وأنت منا، وعلى: أنّ من جاء من أصحابك أو جئتنا فإنّا نمنعك مما نمنع منه أنفسنا. فاشْتَدَّت عليهم قريش عند ذلك، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يخرجوا إلى المدينة، وهي الفتنة الآخرة التي أخْرَج فيها
(1)
عيش رافغ: واسع. النهاية (رفغ).
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أصحابَه وخرج هو، وهي التي أنزل الله فيها:{وقاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}
(1)
. (ز)
30866 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق الأعمش- {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} ، قال: يِسافُ ونائِلَةُ صنمان كانا يُعبدانِ
(2)
. (ز)
30867 -
عن الحسن البصري -من طريق فَضالة- {وقاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ، قال: حتى لا يكون بلاء
(3)
. (ز)
30868 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد-: قوله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} ، يقول: قاتلوهم حتى لا يكون شرك
(4)
. (ز)
30869 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} ، قال: حتى لا يكون شرك
(5)
. (ز)
30870 -
قال عبد الملك ابن جريج -من طريق حجاج- {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} ، أي: لا يَفْتُر مؤمن عن دينه، ويكون التوحيد لله خالصًا ليس فيه شرك، ويخلع ما دونه من الأنداد
(6)
. (ز)
30871 -
قال مقاتل بن سليمان: {وقاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ، يعني: شركًا، ويُوَحِّدوا ربهم
(7)
. (ز)
30872 -
عن سفيان الثوري، {حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ، قال: الشرك
(8)
. (ز)
30873 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} ، قال: حتى لا يكون كفر
(9)
[2806]. (ز)
[2806] علّق ابنُ عطية (4/ 191) على أقوال السلف في الآية فقال: وهذه المعاني تتلازم كلها، وقال الحسن:«حتى لا يكون بلاء» . وهذا يلزم عليه القتال في فتن المسلمين الفئة الباغية، وعلى سائر ما ذكرناه من الأقوال يكون المعتزل في فسحة، وعلى هذا جاء قول عبد الله بن عمر?:«أما نحن فقد قاتلنا حتى لم تكن فتنة، وأما أنت وأصحابك فتريدون أن نقاتل حتى تكون فتنة» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 11/ 180 - 182 مرسلًا.
قال ابن كثير (7/ 80) في تفسيره: «وهذا صحيح إلى عروة» .
(2)
أخرجه ابن جرير 11/ 183.
(3)
أخرجه ابن جرير 11/ 179.
(4)
أخرجه ابن جرير 11/ 179. وعلَّق ابن أبي حاتم 5/ 1701 نحوه.
(5)
أخرجه ابن جرير 11/ 179. وعلَّق ابن أبي حاتم 5/ 1701 نحوه.
(6)
أخرجه ابن جرير 11/ 179.
(7)
تفسير مقاتل بن سليمان 2/ 115.
(8)
تفسير سفيان الثوري ص 119.
(9)
أخرجه ابن جرير 11/ 180.