الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
56630 -
قال يحيى بن سلّام، في قوله:{فتكون من المعذبين} : وقد عصمه الله من ذلك
(1)
. (ز)
{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
(214)}
قراءات:
56631 -
عن عمرو بن مُرَّة -من طريق جرير- أنّه كان يقرأ: (وأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ورَهْطَكَ مِنهُمُ المُخْلَصِينَ)
(2)
. (11/ 312)
نزول الآية:
56632 -
عن أبي هريرة، قال: لَمّا أُنزِلَت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ؛ دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قريشًا، فاجتمعوا، فعَمَّ وخَصَّ، فقال: «يا بني كعب بن لؤي، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة، أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئًا، غير أنّ لكم رحمًا سأبُلُّها بِبِلالِها
(3)
»
(4)
. (11/ 303)
56633 -
عن عائشة، قالت: لَمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ؛ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«يا فاطمة ابنة محمد، يا صفية ابنة عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم مِن الله شيئًا، سلوني مِن مالي ما شئتم»
(5)
. (11/ 303)
56634 -
عن قبيصة بن مخارق، وزهير بن عمرو، قالا: لَمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك
(1)
تفسير يحيى بن سلّام 2/ 527.
(2)
أخرجه ابن جرير 17/ 661.
وهي قراءة شاذة.
(3)
أي: أصِلكم في الدنيا، ولا أُغنِي عنكم من اللَّه شيئًا. والبِلال جمع بَلَل. وقيل: هو كل ما بلَّ الحلق من ماء أو لبن أو غيره. النهاية (بلل).
(4)
أخرجه البخاري 4/ 6 - 7 (2753)، 6/ 111 - 112 (4771) بنحوه، ومسلم 1/ 192 (204) واللفظ له، وابن جرير 17/ 656 - 657، وابن أبي حاتم 9/ 2825 (16012)، 9/ 2826 (16014).
(5)
أخرجه مسلم 1/ 192 (205)، وابن جرير 17/ 654، وأخرجه ابن جرير 17/ 655 عن عروة بن الزبير مرسلًا مثله. وقد أورد السيوطي مرسل عروة أيضًا.
الأقربين}؛ انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رَضْمَةٍ
(1)
مِن جبل، فعلا أعلاها حجرًا، ثم قال: «يا بني عبد مَنافاه، إني نذير، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو، فانطلق يَرْبَأ
(2)
أهله، فخشي أن يسبقوه إلى أهله، فجعل يهتف: يا صباحاه يا صباحاه، أُتيتُم، أُتيتُم»
(3)
. (11/ 304)
56635 -
عن أبي موسى الأشعري، قال: لَمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ؛ وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه في أذنيه، ورفع صوته، وقال:«يا بني عبد مناف، يا صباحاه»
(4)
. (11/ 305)
56636 -
عن أنس بن مالك، قال: لَمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ؛ بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جمع أهله، فقال:«يا بني عبد مناف، أنقِذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار» . ثم التفت إلى فاطمة فقال: «يا فاطمة بنت محمد، أنقذي نفسك من النار؛ فإنِّي لا أُغْني عنكم مِن الله شيئًا، غير أنّ لكم رحمًا سأبُلُّها بِبِلالِها»
(5)
. (11/ 305)
56637 -
عن البراء بن عازب، قال: لَمّا نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ؛ صعد النبي صلى الله عليه وسلم ربوة مِن جبل، فنادى:«يا صباحاه» . فاجتمعوا، فحذَّرهم وأنذرهم، ثم قال:«لا أملك لكم من الله شيئًا، يا فاطمة بنت محمد، أنقذي نفسك مِن النار، فإني لا أملك مِن الله شيئًا»
(6)
. (11/ 305)
56638 -
عن الزبير بن العوام، قال: لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ؛ صاح على أبي قبيس: «يا آل عبد مناف، إني نذير» . فجاءته قريشٌ، فحذَّرهم، وأنذرهم
(7)
. (11/ 306)
(1)
الرَّضْمَة: واحدة الرَّضم والرِّضام، وهي دون الهِضاب. النهاية (رضم).
(2)
رَبَأ القومَ يَرْبَؤهم: اطَّلَعَ لهم على شَرَف. النهاية (ربأ).
(3)
أخرجه مسلم 1/ 193 (207)، والطبراني في الكبير 5/ 272 (5305)، وابن جرير 17/ 657 - 658، وابن أبي حاتم 9/ 2825 - 2826 (16013).
(4)
أخرجه الترمذي 5/ 407 (3463)، وابن حبان 14/ 488 (6551)، وابن جرير 17/ 658.
(5)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(6)
عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(7)
أخرجه أبو يعلى في مسنده 2/ 40 (679) مطولًا. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
قال الهيثمي في المجمع 7/ 85 (11245): «رواه أبو يعلى، من طريق عبد الجبار بن عمر الأيلي، عن عبد الله بن عطاء بن إبراهيم، وكلاهما وُثِّق، وقد ضعَّفهما الجمهور» . وقال البوصيري في إتحاف الخيرة 7/ 115 - 116 (6489): «هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة بعض رواته» .
56639 -
عن عبد الله بن عباس، قال: لَمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} جعل يدعوهم قبائل قبائل
(1)
. (11/ 306)
56640 -
عن عبد الله بن عباس، قال: لما نزلت: (وأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ورَهْطَكَ مِنهُمُ المُخْلَصِينَ)؛ خرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد على الصفا، فنادى:«يا صباحاه» . فقالوا: مَن هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. فاجتمعوا إليه، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال:«أرأيتُكم لو أخبرتكم أنّ خيلًا بالوادي تريد أن تُغِير عليكم، أكنتم مُصَدِّقِيَّ؟» . قالوا: نعم، ما جَرَّبنا عليك إلا صِدقًا. قال:«فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» . فقال أبو لهب: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟! فنزلت:{تبت يدا أبي لهب وتب}
(2)
. (11/ 306)
56641 -
عن أبي أُمامة، قال: لَمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم، فأجلسهم على الباب، وجمع نساءَه وأهله، فأجلسهم في البيت، ثم اطَّلع عليهم، فقال:«يا بني هاشم، اشتروا أنفسكم مِن النار، واسْعَوْا في فكاك رقابكم، وافْتَكُّوا أنفسكم من الله، فإني لا أملك لكم من الله شيئًا» . ثم أقبل على أهل بيته، فقال:«يا عائشة بنت أبي بكر، ويا حفصة بنت عمر، ويا أم سلمة، ويا فاطمة بنت محمد، ويا أم الزبير عمة رسول الله، اشتروا أنفسكم مِن الله، واسْعَوْا في فكاك رقابكم، فإني لا أملك لكم من الله شيئًا، ولا أغني» . فبكت عائشة، وقالت: وهل يكون ذلك يوم لا تغني عنّا شيئًا؟ قال: «نعم، في ثلاثة مواطن؛ يقول الله: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} الآيتين [الأنبياء: 47]، فعند ذلك لا أُغني عنكم مِن الله شيئًا، ولا أملك لكم مِن الله شيئًا، وعند النور، مَن شاء الله أتمَّ له نورَه، ومَن شاء أكَبَّه في الظُّلمات يغمه فيها، فلا أملك لكم من الله شيئًا، ولا أغني عنكم من الله شيئًا، وعند الصراط، مَن شاء الله سلَّمه، ومَن شاء أجازه، ومَن شاء كبكبه في النار» . قالت عائشة: قد علمنا الموازين، هي الكَفَّتان، فيُوضَع في هذه اليسرى،
(1)
أخرجه البخاري 4/ 184 - 185.
(2)
أخرجه البخاري 6/ 111 (4770)، 6/ 122 (4801)، 6/ 179 - 180 (4971، 4972)، ومسلم 1/ 193 (208)، وابن جرير 17/ 659 - 660، 24/ 715 - 716، وابن أبي حاتم 1/ 216 - 217 (1150)، 6/ 1996 (10636)، 9/ 2825 (16011)، 9/ 3072 (17379)، والثعلبي 7/ 182 - 183، 10/ 323.
فترجح إحداهما وتخف الأخرى، وقد علمنا ما النور والظلمة، فما الصراط؟ قال:«طريق بين الجنة والنار، يجوز الناس عليها، وهو مثل حدِّ الموسى، والملائكة صافَّة يمينًا وشمالًا، يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السَّعْدان، وهم يقولون: ربِّ، سَلِّمْ، سَلِّمْ. وأفئدتهم هواء، فمَن شاء الله سلَّمه، ومَن شاء كبكبه فيها»
(1)
. (11/ 308)
56642 -
عن علي بن أبي طالب -من طريق عباد بن عبد الله- قال: لَمّا نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ؛ دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا عليُّ، إنّ الله أمرني أن أُنذِر عشيرتي الأقربين، فضِقت ذَرْعًا، وعرفت أنِّي مهما أُبادئهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فَصَمَتُّ عليها حتى جاء جبريل، فقال: يا محمد، إنّك إن لم تفعل ما تُؤمَر به يعذبْك ربُّك. فاصنع لي صاعًا مِن طعام، واجعل عليه رِجْل شاة، واجعل لنا عُسًّا
(2)
مِن لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم، وأُبَلِّغ ما أُمرتُ به». ففعلتُ ما أمرني به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلًا، يزيدون رجلًا أو ينقصونه، فيهم أعمامه؛ أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب. فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعتُ لهم، فجئتُ به، فلما وضعتُه تناول النَّبي صلى الله عليه وسلم حِذْيةً
(3)
مِن اللحم، فشقَّها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة، ثم قال:«كلوا بسم الله» . فأكل القومُ حتى تهلوا عنه، ما نرى إلا آثارَ أصابعهم، واللهِ، إن كان الرجل الواحد منهم لَيأكل مثل ما قدمتُ لجميعهم، ثم قال:«اسقِ القوم، يا علي» . فجئتهم بذلك العُسّ، فشربوا منه حتى رَوَوْا جميعًا، وايمُ الله، إن كان الرجل منهم ليشرب مثله، فلما أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم بَدَرَه أبو لهب إلى الكلام، فقال: لقد سحركم صاحبُكم. فتفرَّق القوم، ولم يكلمهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان الغد، قال:«يا عليُّ، إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعتَ مِن القول، فتفرَّق القومُ قبل أن أكلمهم، فعُد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس مِن الطعام والشراب، ثم اجمعهم لي» . ففعلتُ، ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام، فقرَّبته، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا، ثم تكلَّم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا بني عبد المطلب، إنِّي -واللهِ- ما أعلم شابًّا في العرب جاء قومه بأفضلَ مِمّا جئتُكم به،
(1)
أخرجه الآجري في الشريعة 3/ 1337 - 1339 (907)، والطبراني في الكبير 8/ 225 (7890).
قال الهيثمي في المجمع 7/ 85 - 86 (11246): «رواه الطبراني، وفيه علي بن يزيد الألهاني، وهو متروك» .
(2)
العُسّ: القَدَح الكبير. النهاية (عسس).
(3)
حِذْية: قطعة. النهاية (حذا).
إنِّي قد جئتُكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيُّكم يؤازِرني على أمري هذا؟». فقلتُ وأنا أحدثهم سِنًّا: أنا. فقام القوم يضحكون
(1)
. (11/ 309)
56643 -
عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي بن أبي طالب، قال: لَمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رِجالًا مِن أهل بيته، إن كان الرهطُ منهم لَآكلًا الجذعة، وإن كان لَشاربًا فرقًا، فقدم إليهم رِجل -يعني- شاة، فأكلوا حتى شبعوا، ثم قال:«عليٌّ يَقْضِي دينِي، ويُنجِز مَوْعِدي»
(2)
. (ز)
56644 -
عن البراء بن عازب، قال: لَمّا نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ؛ جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب، وهم يومئذ أربعون رجلًا، منهم العشرة يأكلون المُسِنَّة، ويشربون العُسّ، فأمر عليًّا برِجل شاة، فصنعها لهم، ثم قرَّبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ منها بضعة، فأكل منها، ثم تتبع بها جوانب القَصْعَة، ثم قال:«ادنوا بسم الله» . فدنا القوم عشرةً عشرةً، فأكلوا حتى صدروا، ثم دعا بقعْب مِن لبن، فجرع منها جرعة، فناولهم، فقال:«اشربوا باسم الله» . فشربوا حتى رَوَوْا عن آخرهم، فقطع كلامَهم رجلٌ، فقال: لَهَدَّ ما سحركم مثل هذا الرجل! فأسكت النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومئذ، فلم يتكلم، ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب، ثم بدرهم بالكلام، فقال:«يا بني عبد المطلب، إنِّي أنا النذير إليكم مِن الله والبشير، قد جئتكم بما لم يجئ به أحدٌ؛ جئتكم بالدنيا والآخرة، فأسلِموا تسلموا، وأطيعوا تهتدوا»
(3)
. (11/ 311)
56645 -
عن عكرمة مولى ابن عباس، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا بني هاشم، ويا صفية عمة رسول الله، إنِّي لا أُغني عنكم مِن الله شيئًا، إيّاكم أن يأتينَّ الناسَ يحملون
(1)
أخرجه أحمد 2/ 225 (883)، والبزار في مسنده 3/ 19 (766) مختصرًا.
قال البزار: «هكذا رواه شريك، عن الأعمش، عن المنهال، عن عباد، عن علي بن أبي طالب?، عن النبي صلى الله عليه وسلم» . وقال ابن كثير في تفسيره 6/ 170: «تفرَّد بهذا السياق عبد الغفار بن القاسم أبي مريم، وهو متروك كذاب شيعي، اتهمه علي بن المديني وغيره بوضع الحديث، وضعَّفه الأئمة» . وقال الهيثمي في المجمع 8/ 303 (14110): «رواه البزار
…
وأحمد باختصار، والطبراني في الأوسط باختصار أيضًا، ورجال أحمد وأحد إسنادي البزار رجال الصحيح، غير شريك وهو ثقة».
(2)
أخرجه أحمد 2/ 225 (883)، وابن عساكر في تاريخ دمشق 42/ 47 واللفظ له.
قال الهيثمي في المجمع 9/ 113 (14665): «رواه أحمد، وإسناده جيد» .
(3)
أخرجه الثعلبي 7/ 182. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
إسناده ضعيف جدًّا؛ فيه صباح بن يحيى المزني، قال عنه الذهبي في الميزان 2/ 306 (3850):«متروك، بل متهم» . وفيه أيضًا زكريا بن ميسرة البصري؛ قال عنه ابن حجر في التقريب (2027): «مستور» .
الآخرة، وتأتون أنتم تحملون الدنيا، وإنّكم ترِدون على الحوض ذات الشمال وذات اليمين، فيقول القائل منكم: يا رسول الله، أنا فلان بن فلان. فأعرف الحسب، وأُنكِر الوصف، فإيّاكم أن يأتي أحدكم يوم القيامة وهو يحمل على ظهره فرسًا ذات حَمْحَمَة
(1)
، أو بعيرًا له رغاء، أو شاة لها ثُغاء، أو يحمل قَشْعًا مِن أدَمٍ
(2)
، فيختلجون مِن دوني، ويُقال لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأطيبوا نفسي، وإياكم أن ترجعوا القَهْقَرى مِن بعدي». قال عكرمة: إنّما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول حيث أنزل الله عليه: {وأنذر عشيرتك الأقربين}
(3)
. (11/ 308)
56646 -
عن الحسن البصري -من طريق عمرو بن عبيد- قال: لَمّا نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ؛ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأَبْطَح، ثم قال:«يا بني عبد المطلب، يا بني عبد مناف، يا بني قصي -قال: ثم فخَّذ قريشًا قبيلة قبيلة، حتى مرَّ على آخرهم-، إنِّي أدعوكم إلى الله، وأُنذركم عذابَه»
(4)
. (ز)
56647 -
عن الحسن البصري -من طريق أبي الأشهب- في قوله: {فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون} ، قال: إنّ هذه الآية لَمّا نزلت دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عشيرته بطنًا بطنًا، حتى انتهى إلى بني عبد المطلب، فقال:«يا بني عبد المطلب، إنِّي رسول الله إليكم، لي عملي ولكم أعمالكم، إنِّي لا أملك لكم مِن الله شيئًا، إنما أوليائي منكم المتقون، ألا لا أعرِفَنَّكم تأتونني تحملون الدنيا على رِقابكم، ويأتيني الناس يحملون الآخرة»
(5)
. (ز)
56648 -
عن قتادة -من طريق معمر- {وأنذر عشيرتك الأقربين} ، قال: ذُكِر لنا: أنّ نبي الله صلى الله عليه وسلم نادى على الصفا بأفخاذ عشيرته فخذًا فخذًا، يدعوهم إلى الله، فقال في ذلك المشركون: لقد بات هذا الرجلُ يُهَوِّتُ
(6)
منذ الليلة. قال: وقال الحسن: جمع نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم أهلَ بيته قبل موته، فقال: «ألا إنّ لي عملي ولكم عملكم، ألا إنِّي لا أُغني عنكم مِن الله شيئًا، ألا إنّ أوليائي منكم المتقون، ألا لا أعرفِنَّكم يوم القيامة تأتون بالدنيا تحملونها على رقابكم، ويأتي الناس يحملون الآخرة، يا صفية بنت عبد المطلب،
(1)
الحَمْحَمَة: صوت الفرس دون الصَّهيل. النهاية (حمحم).
(2)
قَشَعًا من أدَمٍ: جِلدًا يابِسًا. النهاية (قشع).
(3)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد مرسلًا.
(4)
أخرجه ابن جرير في تاريخه 2/ 322، وفي تفسيره 17/ 663 مرسلًا.
(5)
أخرجه يحيى بن سلّام 2/ 528 مرسلًا.
(6)
يُهَوِّت: ينادي عشيرته. النهاية (هوت).
يا فاطمة بنت محمد، اعملا؛ فإنِّي لا أُغني عنكما مِن الله شيئًا»
(1)
. (11/ 307)
56649 -
عن محمد ابن شهاب الزهري -من طريق عقيل-: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمّا أُنزِل عليه: {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع قريشًا، ثم أتاهم، فقال لهم:«هل فيكم غريب؟» . فقالوا: لا، إلّا ابن أُختٍ لنا لا نراه إلا مِنّا. قال:«إنه منكم» . فوعظهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال لهم في آخر كلامه:«لا أعرِفَنَّ ما ورد على الناس يوم القيامة يسوقون الآخرة، وجئتم إلَيَّ تسوقون الدنيا»
(2)
. (ز)
56650 -
عن محمد بن سليم المرادي، عن خالد بن أبي عمران: أنّه حين نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين} أنزلت عليه بسَحَرٍ، فنادى بأعلى صوته:«يا قصي، يا آل عبد مناف، يا آل هاشم، يا آل عبد المطلب، النجا، النجا، صُبّحتم صُبّحتم» . فأتوه خائفين عليه، فلما اجتمعوا، قال:«إنّما مَثَلي مَثَلُ رجل أتى قومه، فقال: غُشيتم. وزعم أنّه قد شهِد الغارة، ومَرَّ على القتلى، فصَدَّقه المُصَدِّقون فنَجَوْا، وكذَّبه المكذبون فهلكوا، وأنا النذير، والموت المغير، والساعة الموعد»
(3)
. (ز)
56651 -
تفسير محمد بن السائب الكلبي، قوله عز وجل:{وأنذر عشيرتك الأقربين} : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حتى قام على الصفا، وقريش في المسجد، ثم نادى:«يا صباحاه» . ففزِع الناس، فخرجوا، فقالوا: ما لك يا ابن عبد المطلب؟ فقال: «يا آل غالب» . قالوا: هذه غالب عندك. ثم نادى: «يا أهل لؤي» . ثم نادى: «يا آل كعب» . ثم نادى: «يا آل مرة» . ثم نادى: «يا آل كلاب» . ثم نادى: «يا آل قصي» . فقالت قريش: أنذر الرجل عشيرته الأقربين، انظروا ماذا يريد. فقال له أبو لهب: هؤلاء عشيرتك قد حضروا، فما تريد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أرأيتم لو أنذرتكم أنّ جيشًا يُصَبِّحونكم، أصدَّقتموني؟» . قالوا: نعم. قال: «فإنِّي أنذركم النار، وإني لا أملك لكم مِن الدنيا منفعة، ولا من الآخرة نصيبًا؛ إلا أن تقولوا: لا إله إلا الله» . فقال أبو لهب: تبًّا لك. فأنزل الله: {تبت يدا أبي لهب} ، فتفرَّقَتْ عنه قريشٌ، وقالوا: مجنون يَهْذي مِن أُمِّ رأسه
(4)
. (ز)
56652 -
عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه، قال: لَمّا هلك قُصَيِّ بن
(1)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد مرسلًا.
(2)
أخرجه ابن جرير 17/ 656 مرسلًا.
(3)
أخرجه ابن وهب في الجامع 2/ 92 - 93 (173).
(4)
ذكره يحيى بن سلّام في تفسيره 2/ 527 - 528.