الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبادك {الصالحين} يعني: المؤمنين، وهم أهل الجنة
(1)
. (ز)
{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ}
57059 -
عن أبي مجلز، قال: جلس ابنُ عباس إلى عبد الله بن سلام، فسأله عن الهدهد: لِمَ تفقَّده سليمان مِن بين الطير؟ فقال عبد الله بن سلام: إنّ سليمان نزل منزلة في مسير له، فلم يَدْرِ ما بُعْدُ الماء، فقال: مَن يعلمُ بُعْدَ الماء؟ قالوا: الهدهد. فذاك حين تفقَّده
(2)
. (ز)
57060 -
عن عبد الله بن عباس -من طرق- أنّه سُئِل: كيف تَفَقَّد سليمانُ الهدهدَ من بين الطير؟ قال: إنّ سليمان نزل منزلًا، فلم يدر ما بُعْدُ الماء، وكان الهدهد يدل سليمان على الماء -وفي رواية عكرمة عند ابن أبي حاتم: وكان الهدهد مهندسًا
(3)
-، فأراد أن يسأله عنه، ففقده. قيل: كيف ذاك والهدهد ينصب له الفخ يلقي عليه التراب، ويضع له الصبي الحبالة فيغيبها فيصيده؟ فقال: إذا جاء القضاء ذهب البصر
(4)
. (11/ 347)
57061 -
عن يوسف بن ماهَك، أنّه حدثهم: أن نافع بن الأزرق صاحب الأزارِقة كان يأتي عبد الله بن عباس، فإذا أفتى ابنُ عباس يرى هو أنّه ليس بمستقيم، يقول له: قِف، مِن أين أفتيت بكذا وكذا، ومِن أين كان؟ فيقول ابن عباس: أومأت مِن كذا وكذا. حتى ذكر يومًا الهدهد، فقال: يعرف بعد مسافة الماء في الأرض. فقال له ابن الأزرق: قِف قف، يا ابن العباس، كيف تزعم أنّ الهدهد يرى مسافة الماء من تحت الأرض، وهو يُنصَب له الفخ، فيذر عليه التراب، فيصطاد؟ فقال ابن عباس: لولا أن يذهب هذا فيقول: كذا وكذا؛ لم أقل له شيئًا، إنّ البصر ينفع ما لم يأت القدر، فإذا جاء القدر حال دون البصر. فقال ابن الأزرق: لا أُجادِلُك بعدها
(1)
تفسير يحيى بن سلام 2/ 537.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة 11/ 566، وابن جرير 18/ 30.
(3)
المُهَندِس: المُقَدِّر لِمَجاري المياه واحتِفارِها حيث تُحْفَرُ، وهو مشتق من الهِنْدازِ، وهي فارسية. اللسان (هندس).
(4)
أخرجه ابن جرير 18/ 30 من طريق سعيد بن جبير بنحوه مطولًا، وابن أبي حاتم 9/ 2859 من طريق سعيد وعكرمة ومجاهد، والحاكم 2/ 405 من طريق سعيد بن جبير. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
في شيء
(1)
. (11/ 348)
57062 -
عن عبد الله بن شداد بن الهاد -من طريق حصين - قال: كان سليمان بن داود إذا أراد أن يسير وضع كرسيه، ويأتي مَن أراد مِن الجن والإنس، ثم يأمر الريح، فتحملهم، ثم يأمر الطير، فأظلَّتْهم، قال: وبينا هو يسير إذ عطشوا، فقال: ما ترون بُعْدَ الماء؟ قالوا: لا ندري. فتفقد الهدهد، وكان له منه منزلة وليس بها طير غيره، {فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين}
(2)
. (11/ 383)
57063 -
عن عبد الله بن شداد بن الهاد -من طريق عبد الله بن حبيب السلمي- قال: إنّ الهدهد كان إذا سافر سليمان خرج به معه، كان يدله على الماء، ينظر إلى الماء كما ينظر بعضنا إلى بعض، وإنه فَقَدَه؛ فقال ما قال
(3)
. (ز)
57064 -
عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن السائب، وكلثوم بن جبر- قال: كان سليمان إذا أراد أن ينزل منزلًا دعا الهدهدَ ليخبره عن الماء، فكان إذا قال: ههنا. شَقَّقَتِ الشياطينُ الصخور، وفجرت العيون من قبل أن يضربوا أبنيتهم، فأراد أن ينزل منزلًا، فتفقد الهدهد فلم يره، فقال:{ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين}
(4)
. (11/ 348)
57065 -
عن وهب بن مُنَبِّه -من طريق ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم- قال: كان سليمان بن داود إذا خرج من بيته إلى مجلسه عَكَفَتْ عليه الطير، وقام له الجنُّ والإنسُ حتى يجلس على سريره، حتى إذا كان ذات غداة في بعض زمانه غدا إلى مجلسه الذي كان يجلس فيه، فتفقد الطير. وكان فيما يزعمون: يأتيه نوبًا، من كل صنف من الطير طائر، فنظر، فرأى مِن أصناف الطير كلها قد حضره إلا الهدهد، فقال: ما لي لا أرى الهدهد؟
(5)
. (ز)
57066 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد بن عروبة- في الآية، قال: ذُكِر لنا: أنّ سليمان أراد أن يأخذ مفازةً، فدعا بالهدهد -وكان سيِّد الهداهِد- ليعلم مسافة الماء، وكان قد أُعْطِي مِن البصر بذلك شيئًا لم يُعْطَه شيءٌ مِن الطير. لقد ذُكِر لنا: أنّه
(1)
أخرجه يحيى بن سلام 2/ 538 بنحوه، وابن جرير 18/ 30 من طريق سعيد بنحوه، وابن أبي حاتم 9/ 2859 - 2860. وعزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2860.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2860.
(4)
أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2860.
(5)
أخرجه ابن جرير 18/ 31، وابن أبي حاتم 9/ 2862 موقوفًا على ابن إسحاق من قوله.
كان يُبصِر الماءَ في الأرض، كما يُبصِر أحدُكم الخيالَ مِن وراء الزجاجة
(1)
. (11/ 349)
57067 -
قال محمد بن السائب الكلبي: كان يَدُلُّه على الماء إذا نزل الناس، وكان ينقر بمنقاره في الأرض، فيخبر سليمانَ كم بينه وبين الماء مِن قامة
(2)
. (ز)
57068 -
قال مقاتل بن سليمان: {وتفقد الطير} يعني: الهدهد، حين سار من بيت المقدس قِبَل اليمن، فلما مرَّ بالمدينة وقف، فقال: إنّ الله عز وجل سيبعث مِن هاهنا نبيًّا، طوبى لِمَن تبعه. فلما أراد أن ينزل {فقال ما لي لا أرى الهدهد أم} -والميم ها هنا صلة، كقوله تعالى:{أم عندهم} يعني: أعندهم {الغيب فهم يكتبون} [الطور: 41، القلم: 47]- {كان من الغائبين}
(3)
. (ز)
57069 -
قال سفيان بن عيينة -من طريق ابن أبي عمر-: كان سليمانُ إذا جلس صَفَّت الطيرُ على رأسه تُظِلُّه مِن الشمس، وكان الهدهدُ فوقَها، كان يسير هذا المكان منه -يعني: المنكب الأيمن-، فوجد حرَّ الشمس قد دخلت عليه مِن ذلك الموضع، فرفع رأسَه، فتفقد الهدهد، فسأل عنه:{فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين}
(4)
. (ز)
57070 -
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب-: أول ما فقد سليمانُ الهدهدَ نزل بِوادٍ، فسأل الإنسَ عن مائه، فقالوا: ما نعلم له ماء، فإن يكن أحدٌ مِن جنودك يعلم له ماء فالجن. فدعا الجنَّ، فسألهم، فقالوا: ما نعلم له ماء، وإن يكن أحدٌ مِن جنودك يعلم له ماء فالطير. فدعا الطير، فسألهم، فقالوا: ما نعلم له ماء، وإن يكن أحد مِن جنودك يعلمه فالهدهد. فلم يجده. قال: فذاك أول ما فقد الهدهد
(5)
[4853]. (ز)
[4853] اختُلِف في سبب تفقد سليمان للهدهد وسؤاله عنه؛ فقال قوم: تفقده ليستخبره عن بُعد الماء في الوادي الذي نزل به في مسيره. وقال آخرون: لإخلاله بالنوبة التي كان ينوبها. وقال غيرهم: إنما طلبه لأن الطَّير كانت تُظِلُّهم من الشمس، فأخلَّ الهدهد بمكانه، فطلعت الشمس عليهم من الخلل.
وذكر ابنُ جرير (18/ 32) القولين الأولين، ورجح اندراجهما في العموم دون القطع بأحدهما؛ لعدم وجود الدليل القاطع، فقال:«والله أعلم بأي ذلك كان؛ إذ لم يأتنا بأي ذلك كان تنزيل، ولا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالصواب من القول في ذلك أن يُقال: إنّ الله أخبر عن سليمان أنه تفقد الطير؛ إمّا للنوبة التي كانت عليها وأخلت بها، وإما لحاجة كانت إليها عن بعد الماء» .
وذكر ابنُ عطية (6/ 528) في الآية أقوالًا أخرى، منها قوله:«قالت فرقة: ذلك بحسب ما تقتضيه العناية بأمور الملك والتهمم بكل جزء منها» . ثم علَّق بقوله: «وظاهر الآية أنه تفقد جميع الطير» .
_________
(1)
أخرجه يحيى بن سلام 2/ 537 مختصرًا، وابن أبي حاتم 9/ 2861، وأخرجه بنحوه من طريق سعيد بن بشير، وفي أوله: ذُكِر لنا: أنه كان قد أعطي من علمه شيئًا لم يعطه شيء من الطير، يعلم قدر مسافة الماء. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(2)
علَّقه يحيى بن سلام 2/ 538.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 300.
(4)
أخرجه إسحاق البستي في تفسيره ص 10، وابن أبي حاتم 9/ 2861.
(5)
أخرجه ابن جرير 18/ 31.