الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}
نزول الآية:
54541 -
قال محمد بن السائب الكلبي: نزلت في ابتلاء الشريف بالوضيع؛ وذلك أنّ الشريف إذا أراد أن يُسلِم فرأى الوضيع قد أسلم قبله أنِف، وقال: أُسلِم بعده؛ فيكون له عليَّ السابقة والفضل؟! فيقيم على كُفره، ويمتنع من الإسلام، فذلك افْتِتان بعضِهم ببعض
(1)
. (ز)
54542 -
قال مقاتل: نزلت هذه الآية في أبي جهل، والوليد، وعقبة، والعاص بن وائل، والنضر بن الحارث؛ وذلك أنهم لَمّا رأوا أبا ذرٍّ، وعبد الله بن مسعود، وعمّارًا، وبلالًا، وصهيبًا، وعامر بن فهيرة، وذويهم، قالوا: نُسلم فنكون مثل هؤلاء؟! وقال: نزلت في ابتلاء فقراء المؤمنين بالمستهزئين من قريش، كانوا يقولون: انظروا إلى هؤلاء الذين اتبعوا محمدًا مِن موالينا وأراذلنا!
(2)
. (ز)
تفسير الآية:
54543 -
عن رِفاعَة بن رافع الزُّرَقي، قال: قال رجل: يا رسول الله، كيف ترى في رقيقنا، أقوام مسلمين، يُصَلُّون صلاتنا، ويصومون صومنا، نضربهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يوزن ذنبهم وعقوبتكم إيّاهم، فإن كانت عقوبتُكم أكثرَ مِن ذنوبهم أخذوا منكم» . قال: أفرأيت سبَّنا إياهم؟ قال: «يوزن ذنبهم وأذاكم إيّاهم، فإن كان أذاكم أكثر أعطوا منكم» . قال الرجل: ما أسْمَعَ عدوًا أقرب إلَيَّ منهم! فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرًا} . فقال الرجل: أرأيت -يا رسول الله- ولدي، أضربهم؟ قال:«إنّك لا تُتَّهم في ولدك، فلا تطيب نفسًا تشبع ويجوع، ولا تكتسي ويعروا»
(3)
. (11/ 151)
(1)
تفسير البغوي 6/ 77.
(2)
تفسير الثعلبي 7/ 128، وتفسير البغوي 6/ 77. وبنحوه عن مقاتل بن سليمان كما سيأتي في تفسير الآية.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2675 (15046)، من طريق يونس بن عبد الأعلى، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني مخرمة، عن أبيه، عن عبيد الله بن رفاعة، عن أبي رافع الزرقي به. كذا جاء في المطبوع من ابن أبي حاتم، ولعله خطأ! صوابه: عبيد الله بن رفاعة عن أبيه رفاعة الزرقي كما في نوادر الأصول للحكيم الترمذي 1/ 113.
إسناده ضعيف؛ لانقطاعه، مخرمة بن بكير بن عبد الله الأشج قال عنه العلائي في جامع التحصيل ص 275:«قال أحمد بن حنبل: هو ثقة، إلا أنه لم يسمع من أبيه شيئًا، إنما روى من كتاب أبيه. وكذلك قال ابن معين نحوًا منه، وقال أبو داود: لم يسمع من أبيه إلا حديث الوتر. وقال موسى بن سلمة: أتيت مخرمة، فقال: لم أدرك أبي، ولكن هذه كتبه. قلت: أخرج له مسلم عن أبيه عدة أحاديث، وكأنه رأى الوجادة سببًا للاتصال، وقد انتُقِد ذلك عليه» .
54544 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق محمد بن إسحاق بسنده- قال: وأُنزِل عليه في ذلك من قولهم: {ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق} الآية، {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون} ، أي: جعلتُ بعضَكم لبعض بلاءً لتصبروا على ما تسمعون منهم، وترون مِن خلافهم، وتتبعوا الهدى بغير أن أعطيهم عليه الدنيا، ولو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي فلا يخالفون لفعلتُ، ولكنِّي قد أردتُ أن أبتلي العباد بكم، وأبتليكم بهم
(1)
. (ز)
54545 -
عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة-، مثله
(2)
. (ز)
54546 -
عن علي بن زيد، قال: تلا عمرُ بن عبد العزيز هذه الآية: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا} ، فقال عمر: جعل بعضكم لبعض فتنة؛ فاصبِروا
(3)
. (ز)
54547 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق الحسن بن ثوبان- في قوله: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} ، قال: هو التفاضل في الدنيا، والقدرة، وقهر بعضكم لبعض، فهي الفتنة التي قال الله:{وكان ربك بصيرا}
(4)
. (11/ 150)
54548 -
عن الحسن البصري -من طريق عبد القدوس- {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} ، قال: يقول الفقير: لو شاء الله لجعلني غنيًّا مثل فلان. ويقول السقيم: لو شاء الله لجعلني صحيحًا مثل فلان. ويقول الأعمى: لو شاء الله لجعلني بصيرًا مثل فلان
(5)
. (11/ 150)
54549 -
عن الحسن البصري -من طريق المبارك- قال: ويلٌ لِهذا المالك إذ
(1)
أخرجه ابن جرير 17/ 425.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2676.
(3)
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الصبر -كما في موسوعة الإمام ابن أبي الدنيا 4/ 38 (91) -.
(4)
أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2675.
(5)
أخرجه ابن جرير 17/ 424، وابن أبي حاتم 8/ 2675، والبيهقي في الشعب (10072). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
رزقه الله هذا المملوك؛ كيف لم يحسن إليه ويصبر؟! ويلٌ لهذا المملوك الذي ابتلاه الله، فجعله لهذا المالك؛ كيف لم يصبر ويحسن؟! ويل لهذا الغني إذ رزقه الله ما لم يرزق هذا الفقير؛ كيف لم يحسن ويصبر؟! ويل لهذا الفقير الذي ابتلاه بالفقر ولم يعطه ما أعطى هذا الغنيَّ؛ كيف لم يصبر؟!
(1)
. (ز)
54550 -
عن قتادة بن دعامة، {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} ، قال: بلاء
(2)
. (11/ 150)
54551 -
عن عمرو بن قيس -من طريق الحكم بن بشير- في قوله: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} : أن يحسن المليك إلى مملوكه
(3)
. (ز)
54552 -
عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج- في قوله: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} ، قال: يُمْسِك على هذا، ويُوَسِّع على هذا؛ فيقول: لم يعطني ربي ما أعطى فلانًا. ويبتلي بالوجع، فيقول: لم يجعلني ربي صحيحًا مثل فلان. في أشباه ذلك من البلاء؛ ليعلم مَن يصبر مِمَّن يجزع
(4)
. (11/ 150)
54553 -
قال مقاتل بن سليمان: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة} ابتلينا بعضًا ببعض، وذلك حين أسلم أبو ذرٍّ الغِفاري، وعبد الله بن مسعود، وعمّار بن ياسر، وصهيب، وبلال، وخبّاب بن الأرتِّ، وجبر مولى عامر بن الحضرمي، وسالم مولى أبي حذيفة، والنمر بن قاسط، وعامر بن فُهيرة، ومِهْجَع بن عبد الله، ونحوهم من الفقراء، فقال أبو جهل، وأمية، والوليد، وعقبة، وسهيل، والمستهزءون من قريش: انظروا إلى هؤلاء الذين اتَّبعوا محمدًا صلى الله عليه وسلم من موالينا وأعواننا رذالة كل قبيلة! فازْدَرَوْهم، فقال الله تبارك وتعالى لهؤلاء الفقراء من العرب والموالي:{أتصبرون} على الأذى والاستهزاء؟ {وكان ربك بصيرا} أن تصبروا. فصبروا، ولم يجزعوا؛ فأنزل الله عز وجل فيهم:{إني جزيتهم اليوم بما صبروا} على الأذى والاستهزاء مِن كفار قريش {أنهم هم الفائزون} [المؤمنون: 111] يعني: الناجين مِن العذاب
(5)
. (ز)
54554 -
قال يحيى بن سلَّام: وبعضهم يقول: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة}
(1)
أخرجه يحيى بن سلام 1/ 474، وفي آخره: وبقية الحديث على هذا النحو.
(2)
عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 8/ 5275.
(4)
أخرجه ابن جرير 17/ 425. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(5)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 230.