الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان الضَّحّاك بن مُزاحِم يقول: هذا في التقديم والتأخير، يقول الله:(ما يَفعلُ الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم إلا مَن ظَلَمَ). وكان يقرؤها كذلك، ثم قال:{لا يحب الله الجهر بالسوء من القول} ، أي: على كل حال
(1)
. (5/ 92)
20811 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- قال: كان أبي يقرأ: (لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلّا مَن ظَلَمَ)
…
(2)
. (5/ 92)
نزول الآية:
20812 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيْج- في الآية، قال: نزلت في رجلٍ ضافَ رجلًا بفَلاة مِن الأرض، فلم يُضِفه؛ فنزلت:{إلا من ظلم} . ذكر أنه لم يُضِفه، لا يزيد على ذلك
(3)
. (5/ 91)
20813 -
قال مقاتل بن سليمان: نزلت في أبي بكر، شتمه رجل والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، فسكت عنه مِرارًا، ثُمَّ رَدَّ عليه أبو بكر، فقام النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك، فقال أبو بكر: يا رسول الله، شتمني وأنا ساكِتٌ فلم تقل له شيئًا، حتى إذا رددتُ عليه قُمتَ! قال:«إنّ مَلَكًا كان يُجيب عنك، فلمّا أن رددتَ عليه ذهب المَلَك، وجاء الشيطان، فلم أكن لأجلس عند مجيء الشيطان»
(4)
. (ز)
تفسير الآية:
20814 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله:} لا يحب الله الجهر بالسوء من القول}، قال: لا يُحِبُّ اللهُ أن يدعوَ أحدٌ على أحدٍ إلا أن يكون مظلومًا؛ فإنّه رخَّص له أن يدعو على مَن ظلمه، وأن يصبر فهو خيرٌ له
(5)
.
(5/ 90)
20815 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- قال: هو الرجل ينزل بالرجل، فلا يُحْسِن ضيافته، فيخرج من عنده، فيقول: أساء ضيافتي ولم
(1)
أخرجه ابن الأنباري في الوقف والابتداء 2/ 608 (159) دون آخره. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(2)
أخرجه ابن جرير 7/ 630، وأبو عمرو الداني في المكتفى ص 55 (5) من طريق ثوبان.
(3)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 176، وابن جرير 7/ 629. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وفي أسباب النزول للواحدي (ت: الفحل) ص 329: إن ضيفًا تَضَّيَف قومًا، فأساءوا قِراه، فاشتكاهم؛ فنزلت هذه الآية رخصة في أن يشكوا.
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 418.
(5)
أخرجه ابن جرير 7/ 625، وابن أبي حاتم 4/ 1100. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
يُحْسِن
(1)
. (5/ 91)
20816 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيج- {إلا من ظلم} ، قال: إلّا مَن أثَر ما قِيلَ له
(2)
. (ز)
20817 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} ، قال: هو الرجل المُحَوِّل رحله، فإنّه يجهر لصاحبه بالسوء من القول
(3)
. (ز)
20818 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- {إلا من ظلم} ، قال: إلا من ظلم فانتصر، يجهر بالسوء
(4)
. (ز)
20819 -
عن الحسن البصري -من طريق يونس- في الآية، قال: هو الرجل يظلِم الرجل، فلا يَدْعُ عليه، ولكن ليقل: اللَّهُمَّ، أعِنِّي عليه، اللَّهُمَّ، استخرِج لي حَقِّي، حُلْ بينه وبين ما يريد. ونحو هذا
(5)
. (5/ 90)
20820 -
عن الحسن البصري -من طريق إسماعيل بن مسلم- {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} ، قال: فقد رُخِّص له أن يدعوَ على مَن ظلمه مِن غير أن يعتدي
(6)
. (ز)
20821 -
عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- في الآية، قال: عذر الله المظلوم -كما تسمعون- أن يدعو
(7)
. (5/ 90)
20822 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في الآية، يقول: إنّ الله لا يُحِبُّ الجهرَ بالسُّوء مِن القول مِن أحد مِن الخلق، ولكن يقول: مَن ظُلِم فانتَصَر بمثل ما ظُلِم فليس عليه جناح
(8)
. (5/ 91)
(1)
أخرجه ابن جرير 7/ 627، وابن أبي حاتم 4/ 1100 من طريق المثنى بن الصباح بنحوه. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وعبد بن حميد.
(2)
أخرجه ابن جرير 7/ 627.
ومعنى: أثَر ما قيل له، أي: رواه وحكاه. النهاية (أثر).
(3)
أخرجه ابن جرير 7/ 626. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 1/ 417 - بنحوه.
(4)
أخرجه ابن جرير 7/ 628.
(5)
أخرجه ابن جرير 7/ 626.
(6)
أخرجه ابن أبي حاتم 4/ 1101.
(7)
أخرجه ابن جرير 7/ 626. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 1/ 417 - . وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(8)
أخرجه ابن جرير 7/ 630.
20823 -
عن عبد الله بن عمرو، قال: سألتُ عبد الكريم [الجزري] عن قول الله تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} ، قال: هو الرجل يشتمك فتشتمه، ولكن إن افترى عليك فلا تَفْتَرِ عليه، مثل قوله:{ولمن انتصر بعد ظلمه} [الشورى: 41]
(1)
. (ز)
20824 -
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: (لا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلّا مَن ظَلَمَ)، فقرأ:{إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} حتى بلغ: {وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما} . ثم قال -بعد ما قال: هم في الدرك الأسفل من النار-: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما} ، (لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلّا مَن ظَلَمَ) قال: لا يحب اللهُ أن يقول لهذا: ألستَ نافقتَ؟ ألستَ المنافق الذي ظلمتَ وفعلتَ وفعلتَ؟ مِن بعد ما تاب، (إلا مَن ظَلَمَ) إلّا مَن أقام على النفاق. =
20825 -
قال: وكان أبي يقول ذلك له، ويقرؤها:(إلّا مَن ظَلَمَ)
(2)
[1896]. (ز)
[1896] اختُلِف في معنى: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلا مَن ظُلِمَ} على أقوال، وهذا الاختلاف في المعنى مبنيٌّ على اختلافهم في قراءتها، فمنهم مَن قرأها:{إلا من ظُلِم} بضم الظاء، وهؤلاء اختلفوا في معناها على أقوال: الأول: مَن ظُلِم فله أن يدعو على مَن ظلمه، بدون أن يعتدي، وهو قول الحسن. أو إباحة الدعاء عليه بإطلاق، وإن صبر فهو أحسن له. وهو قول ابن عباس، وقتادة. الثاني: مَن ظُلِم في ضيافةٍ وغيرها فإنه يُخبِر بما نِيل منه. وهو قول مجاهد. الثالث: من ظُلِم فانتَصَر مِن ظالمه، فإنّ الله قد أذِن له في ذلك. وهو قول السدي. ومنهم من قرأها:(إلّا مَن ظَلَمَ) بفتح الظاء، والمعنى عندهم: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظَلَم، فلا بأس أن يُجْهَر له بالسوء من القول. وهو قول ابن زيد.
وزاد ابنُ عطية (3/ 55) عن قومٍ أنّ: «معنى الكلام: لا يُحِبُّ اللهُ أن يجهر أحدٌ بالسوء من القول، ثم استثنى استثناءً منقطعًا، تقديره: لكن مَن ظَلَم فهو يجهر بالسوء وهو ظالم في ذلك» .
ووجَّه ابن جرير (7/ 627) قولَ الحسن بقوله: «و {مَن} على قول الحسن هذا نصب على أنّه مستثنًى من معنى الكلام، لا من الاسم كما ذكرنا قبلُ في تأويل ابن عباسٍ إذا وجَّه {مَن} إلى النصب، وكقول القائل: كان من الأمر كذا وكذا، اللهم إلا أن فلانًا جزاه الله خيرًا فعل كذا وكذا» .
ووجَّه (7/ 630) قول السدي ومجاهد بقوله: «فـ {مَن} على هذه الأقوال التي ذكرناها سوى قول ابن عباس في موضع نصبٍ على انقطاعه من الأول، والعرب من شأنها أن تنصب ما بعد» إلا «في الاستثناء المنقطع. فمعنى الكلام على هذه الأقوال سوى قول ابن عباس: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول، ولكن من ظُلِم فلا حرج عليه أن يُخبِر بما نِيلَ منه أو ينتصر ممن ظلمه» .
وعلَّق ابنُ عطية (3/ 55) على الأقوال الأربعة الأولى بقوله: «فهذه الأقوال على أربع مراتب: قول الحسن دعاء في المدافعة، وتلك أقلُّ منازل السوء من القول، وقول ابن عباس الدعاء على الظالم بإطلاقٍ في نوع الدعاء، وقول مجاهد ذكر الظلامة والظلم، وقول السدي الانتصار بما يوازي الظلامة» .
ووجَّه ابنُ جرير (7/ 631) قول ابن زيد بقوله: «فـ {مَن} على هذا التأويل نصبٌ؛ لتعلُّقه بالجهر. وتأويل الكلام على قول قائل هذا القول: لا يحب الله أن يَجْهَر أحدٌ لأحدٍ من المنافقين بالسوء من القول إلا لمن ظَلَم منهم نَفْسَه فأقام على نفاقه، فإنه لا بأس بالجهر له بالسوء من القول» .
وقد اختار ابنُ جرير (7/ 631، 632) القراءة بضم الظاء لإجماع الحجة من القرأةِ وأهل التأويل على صحّتها، وشذوذ قراءةِ من قرأ ذلك بالفتح، ورَجَّح مستندًا إلى القراءات أنّ المعنى: لا يُحِبُّ اللهُ أيها الناسُ أن يَجْهَرَ أحدٌ لأحدٍ بالسوء من القول {إلا مَن ظُلِمَ} بمعنى: إلا مَن ظُلِم فلا حرج عليه أن يُخْبِر بما أُسِيء إليه، ثم أردف قائلًا:«وإذا كان ذلك معناه دخل فيه إخبار مَن لم يُقْرَ أو أُسِيء قِراه، أو نِيلَ بظُلمٍ في نفسه أو ماله، غيرَه من سائر الناس، وكذلك دعاؤه على مَن ناله بظلم أن يَنصُره الله عليه؛ لأن في دعائه عليه إعلامًا منه لِمَن سمع دعاءه عليه بالسوء له. فإذا كان ذلك كذلك فـ {من} في موضع نصبٍ؛ لأنه منقطعٌ عما قبله، وأنه لا أسماء قبله يُستَثنى منها، فهو نظير قوله: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إلا مِن تَوَلّى وكَفَرَ}» .
وانتقد (7/ 633 - 634) قولَ ابن زيد مستندًا إلى السياق، فقال: «وفي قوله -جل ثناؤه-: {إنْ تُبْدُوا خَيْرًا أوْ تُخْفُوهُ أوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)} الدلالة الواضحة على أن تأويل قوله: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلا مَن ظُلِمَ} يُخالِف التأويل الذي تأوَّله زيد بن أسلم
…
وذلك أنّه -جلَّ ثناؤه- قال عَقيب ذلك: {إنْ تُبْدُوا خَيْرًا أوْ تُخْفُوهُ أوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ} ، ومعقولٌ أنّ الله -جلَّ ثناؤه- لم يأمر المؤمنين بالعفو للمنافقين عن نفاقهم، ولا نهاهم أن يُسَمُّوا مَن كان منهم مُعلِن النفاق منافقًا، بل العفو عن ذلك مِمّا لا وجْه له معقولٌ؛ لأن العفوَ المفهومَ إنما هو صَفْحُ المرء عما له قِبَلَ غيره من حق، وتسمية المنافق باسمه ليس بحقٍّ لأحدٍ قِبَلَه، فيؤمَرُ بعفْوه عنه، وإنما هو اسمٌ له، وغير مفهومٍ الأمر بالعفو عن تسمية الشيء بما هو اسمه».
_________
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 4/ 1101.
(2)
أخرجه ابن جرير 7/ 631.