الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
78 -
79]، فأثنى الله على سليمان، ولم يذم داود. ثم قال الحسن: إنّ الله تبارك وتعالى أخذ على العلماء ثلاثًا: لا يشترون به ثمنًا، ولا يتَّبعون فيه الهوى، ولا يخشون فيه أحدًا، ثم قرأ هذه الآية:{وكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ} إلى قوله: {ولا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَنًا قَلِيلًا}
(1)
. (ز)
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ
(44)}
نزول الآية، وتفسيرها:
22624 -
عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} ، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}:«في الكافرين كلها»
(2)
. (ز)
22625 -
عن عمر بن الخطاب -من طريق يسير- قال: ما رأيتُ مثلَ مَن قَضى بين اثنين بعد هؤلاء الآيات الثلاث
(3)
.
(5/ 328)
22626 -
عن حذيفة بن اليمان -من طريق أبي البختري- أنّ هذه الآيات ذُكِرت عنده: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، و {الظالمون} ، و {الفاسقون}. فقال رجل: إنّ هذا في بني إسرائيل. قال حذيفة: نعم الإخوة لكم بنو إسرائيل، إن كان لكم كلُّ حُلْوةٍ، ولهم كلُّ مُرَّةٍ، كلّا، واللهِ، لَتَسْلُكُن طريقَهم قِدَّ
(4)
الشِّراك
(5)
(6)
. (5/ 326)
22627 -
عن عبد الله بن عباس، قال: نِعْمَ القوم أنتم! إن كان ما كان مِن حُلوٍ فهو لكم، وما كان من مُرٍّ فهو لأهل الكتاب. كأنّه يرى أنّ ذلك في المسلمين: {ومن
(1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الأشراف -موسوعة الإمام ابن أبي الدنيا 8/ 265 (258) -.
(2)
أخرجه مسلم 3/ 1327 (1700) مطولًا بلفظ: في الكفار كلها، وابن جرير 8/ 457.
(3)
أخرجه سعيد بن منصور (752 - تفسير).
(4)
ذكر محققو الدر أنه في نسخة «قدر» . وجاء عند ابن جرير: «قِدى الشِّراك» .
(5)
قِدَّ الشِّراك مأخوذ من قولهم: إن الشراك قُدَّ من أديمه. مثل يُضرب للشيئين بينهما قُرب وشَبَه. مجمع الأمثال 1/ 67.
(6)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 191، وابن جرير 8/ 458 - 459، وابن أبي حاتم 4/ 1143 (6430)، والحاكم 2/ 312.
لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}
(1)
. (5/ 327)
22628 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عبيد الله بن عبد الله- قال: إنّما نزَّل الله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، و {الظالمون} ، و {الفاسقون} في اليهود خاصَّةً
(2)
. (5/ 324)
22629 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: {ومن لم يحكم} ، يقول: مَن جحَد الحكم بما أنزل الله فقد كَفر، ومَن أقرَّ به ولم يحكُم به فهو ظالمٌ فاسقٌ
(3)
. (5/ 324)
22630 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق طاووس- في قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، قال: إنه ليس بالكفر الذي تذهبون إليه، إنه ليس كفرًا يَنقُلُ عن الملَّة؛ كفرٌ دون كفر
(4)
. (5/ 324)
22631 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق طاووس- في قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، قال: هي به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر
(5)
. (5/ 324)
22632 -
عن حكيم بن جبير، قال: سألتُ سعيد بن جبير عن هذه الآيات في المائدة: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} ، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} ، فقلتُ: زعَم قوم أنها نزلَتْ على بني إسرائيل، ولم تَنزِلْ علينا. قال: اقْرَأ ما قبلَها وما بعدَها. فقرأتُ عليه، فقال: لا، بل نزَلتْ علينا. =
22633 -
ثم لَقيتُ مِقْسَمًا مَوْلى ابن عباس، فسألتُه عن هؤلاء الآيات التي في المائدة، قلتُ: زعَم قوم أنها نزلَتْ على بني إسرائيل، ولم تَنزِلْ علينا. قال: إنه قد نَزَلَ على بني إسرائيل ونَزَل علينا، وما نزَلَ علينا وعلَيهم فهو لنا ولهم. =
(1)
عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(2)
أخرجه سعيد بن منصور (750 - تفسير). وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ، وابن مردويه.
(3)
أخرجه ابن جرير 8/ 467 - 468، وابن أبي حاتم 4/ 1142، 1146 (6426، 6450). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(4)
أخرجه سعيد بن منصور (749 - تفسير)، وابن أبي حاتم 4/ 1143 (6434)، والحاكم 2/ 313، والبيهقي في سننه 8/ 20. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وابن المنذر.
(5)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 191، وابن جرير 8/ 465 - 466، وابن أبي حاتم 4/ 1143 (6433). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
22634 -
ثم دخلتُ على عليِّ بن الحسين، فسألتُه عن هذه الآيات التي في المائدة، وحدَّثتُه أني سألتُ عنها سعيد بن جُبير ومِقْسَمًا. قال: فما قال لك مِقْسَمٌ؟ فأخبرتُه بما قال، قال: صَدَق، ولكنه كُفرٌ ليس ككُفْرِ الشرك، وفِسْقٌ ليس كفسق الشرك، وظلم ليس كظلم الشرك. فلَقيتُ سعيد بن جُبير فأخبرتُه بما قال، فقال سعيد بن جبير لابنه: كيف رأيتَه؟ لقد وجدتُ له فضلًا عليك وعليَّ وعلى مِقْسَم
(1)
. (5/ 327)
22635 -
عن إبراهيم النخعي -من طريق منصور- في قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله} الآيات، قال: نَزلَت هذه الآيات في بني إسرائيل، ورَضِيَ لهذه الأمة بها
(2)
. (5/ 325)
22636 -
عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق أبي حيان- في قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، و {الظالمون} ، و {الفاسقون} ، قال: نزَلَتْ هؤلاء الآيات في أهل الكتاب
(3)
. (5/ 325)
22637 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق الثوري، عن رجل- قال: نزَلت هؤلاء الآيات في أهل الكتاب
(4)
. (5/ 325)
22638 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق ابن جريج- قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، و {الظالمون} ، و {الفاسقون} لأهل الكتاب كلهم لما تركوا من كتاب الله
(5)
. (ز)
22639 -
عن عامر الشعبي -من طريق زكريا بن أبي زائدة- قال: الثلاث آيات التي في المائدة: {ومن لم يحكم بما أنزل الله} أولها في هذه الأمة، والثانية في اليهود، والثالثة في النصارى
(6)
[2094]. (5/ 326)
[2094] علَّقَ ابنُ عطية (3/ 176) على قول الشعبي هذا بقوله: «ولا أعلم لهذا التخصيص وجهًا، إلا إذا صحَّ فيه حديثٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنّه راعى مَن ذُكر مع كلِّ خبر من هذه الثلاثة، فلا يترتب له ما ذكر في المسلمين إلا على أنهم خوطبوا بقوله: {فلا تخشوا الناس}» .
_________
(1)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(2)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 191، وابن جرير 8/ 466. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.
(3)
أخرجه ابن جرير 8/ 457.
(4)
أخرجه ابن جرير 8/ 459، وابن أبي حاتم 4/ 1143 (2346). وعزاه السيوطي إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد.
(5)
أخرجه ابن جرير 8/ 460.
(6)
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (ت: سعد آل حميد) 4/ 1487 (751)، وابن جرير 8/ 463 - 464. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.
22640 -
عن طاووس بن كيسان -من طريق سعيد المكي- {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، قال: ليس بكفر ينقل عن المِلَّة
(1)
. (ز)
22641 -
عن أبي مجلز لاحق بن حميد -من طريق عمران بن حدير- أنّه أتاه الناس، فقالوا: يا أبا مجلز، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}؟ قال: نعم. قالوا: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} ؟ قال: نعم. قالوا: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ؟ قال: نعم. قالوا: فهؤلاء يحكمون بما أنزل الله؟ قال: نعم، هو دينُهم الذي به يحكمون، والذي به يتكلمون، وإليه يَدعون، فإذا تَركوا منه شيئًا علِموا أنه جَوْرٌ منهم، إنما هذه لليهود والنصارى والمشركين الذين لا يَحْكُمون بما أنزَل الله
(2)
. (5/ 327)
22642 -
عن أبي صالح باذام -من طريق أبي حيان- قال: الثلاث الآيات التي في المائدة: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، {فأولئك هم الظالمون} ، {فأولئك هم الفاسقون} ليس في أهل الإسلام منها شيء، هي في الكُفّار
(3)
. (5/ 325)
22643 -
عن الحسن البصري -من طريق عوف- في قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، قال: نَزلَت في اليهود، وهي علينا واجبة
(4)
. (5/ 325)
22644 -
عن عطاء بن أبي رباح، في قوله:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} ،
(1)
أخرجه سفيان الثوري ص 101، وابن جرير 8/ 465.
(2)
عزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد، وأبي الشيخ. وأخرجه ابن جرير 8/ 457 - 458 بنحوه، وفيه أنّ الذين سألوه نفر من الإباضية، وفي آخره: قالوا: أما واللهِ إنّك لتعلم مثل ما نعلم، ولكنك تخشاهم. قال: أنتم أحق بذلك مِنّا، أمّا نحن فلا نعرف ما تعرفون، ولكنكم تعرفونه، ولكن يمنعكم أن تمضوا أمركم من خشيتهم.
(3)
أخرجه ابن جرير 8/ 457.
(4)
أخرجه ابن جرير 8/ 468. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.
{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} ، قال: كفرٌ دون كفر، وظلمٌ دون ظلم، وفسقٌ دون فسق
(1)
. (5/ 324)
22645 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- {ومَن لَمْ يَحْكُمْ بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ} : ذُكر لنا: أنّ هؤلاء الآيات أنزلت في قتيل اليهود الذي كان منهم
(2)
. (ز)
22646 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- {ومن لم يحكم بما أنزل الله} ، يقول: ومن لم يحكم بما أنزلتُ، فتركه عمدًا، وجارَ وهو يعلم، فهو من الكافرين
(3)
. (ز)
22647 -
قال مقاتل بن سليمان: {ومَن لَمْ يَحْكُمْ بِما أنْزَلَ اللَّهُ} في التوراة بالرجم، ونعت محمد صلى الله عليه وسلم، ويشهد به؛ {فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرُونَ}
(4)
. (ز)
22648 -
عن مقاتل بن حيّان -من طريق بكير- قوله: {فأولئك هم الكافرون} ، فقال: أهل قريظة، منهم أبو لبابة بن سعفة بن عمر، ومن أهل النضير، منهم كعب بن الأشرف، ومالك بن الصيف
(5)
. (ز)
22649 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، قال: مَن حكم بكتابه الذي كتب بيده، وترك كتاب الله، وزعم أنّ كتابه هذا من عند الله؛ فقد كفر
(6)
[2095]. (5/ 326)
[2095] اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، {فأولئك هم الظالمون} ، {فأولئك هم الفاسقون} ، وقد جمع ابنُ جرير (8/ 468) أقوالهم في خمسة أقوال على النحو الآتي: الأول: عنى به اليهود الذين حَرَّفوا كتاب الله وبدَّلوا حكمه. الثاني: عنى بالكافرين: أهل الإسلام، وبالظالمين: اليهود، وبالفاسقين: النصارى. الثالث: عنى بذلك: كفرٌ دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسقٌ دون فسق. الرابع: نزلت هذه الآيات في أهل الكتاب، وهى مرادٌ بها جميعُ الناس، مسلموهم وكفارهم. الخامس: معنى ذلك: ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به. فأما الظلم والفسق فهو للمُقرِّ به.
لكنَّ ابن القيم (1/ 322) رأى أنّ قولَ مَن تأوَّلَها على أهل الكتاب -وهو قول قتادة، والضحاك، وغيرهما- مخالفٌ لظاهر اللفظ، فانتَقَدَه بقوله:«هو بعيدٌ، وهو خلاف ظاهر اللفظ، فلا يصار إليه» .
ثم بيَّنَ (1/ 322) -ولم يذكر مستندًا- أنّ الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم، فقال:«والصحيح: أنّ الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم، فإنه إن اعتقد وجوبَ الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصيانًا، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة؛ فهذا كفر أصغر. وإن اعتقد أنه غير واجب، وأنه مخيَّر فيه، مع تيقنه أنه حكمُ الله تعالى؛ فهذا كفر أكبر. وإن جهله وأخطأه؛ فهذا مخطِئٌ له حكمُ المخطئين» .
ورجَّحَ ابنُ عطية (3/ 182) العموم، فقال:«أصوب ما يقال فيها أنها تعم كل مؤمن وكل كافر، فيجيء كل ذلك في الكافر على أتم وجوهه، وفي المؤمن على معنى كفر المعصية وظلمها وفسقها» .
_________
(1)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(2)
أخرجه ابن جرير 8/ 460.
(3)
أخرجه ابن جرير 8/ 467.
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 479.
(5)
أخرجه ابن أبي حاتم 4/ 1142 (6429).
(6)
أخرجه ابن جرير 8/ 461.