الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آثار متعلقة بالآية:
22358 -
عن عائشة، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يَحِلُّ دمُ امرئٍ مسلم إلا بإحدى ثلاثِ خصال: زانٍ مُحصَنٍ يُرجَم، أو رجل قَتَل متعمدًا فيُقتَل، أو رجل خرج من الإسلام فحارب فيُقتَل، أو يُصلُب، أو يُنفى من الأرض»
(1)
.
(5/ 286)
{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(34)}
نزول الآية، وتفسيرها:
22359 -
عن عامر الشعبي، قال: كان حارثةُ بن بدر التميمي من أهل البصرة قد أفسد في الأرض، وحارب، وكلَّم رجالًا من قريش أن يستأمِنوا له عليًّا، فأبَوا،
(1)
أخرجه أبو داود 6/ 408 - 409 (4353)، والنسائي 7/ 101 (4048)، 8/ 23 (4743)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص 391 واللفظ له.
وصححه الحاكم 4/ 408 (8095)، وقال:«حديث صحيح الإسناد، على شرط الشيخين» . وقال الذهبي في التلخيص: «على شرط البخاري ومسلم» . وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق 4/ 461 (2878): «حديث صحيح، على شرط الصحيح» . وقال ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية 2/ 262 (1008): «إسناده صحيح» .
فأتى سعيد بن قيس الهمداني، فأتى عليًّا، فقال: يا أمير المؤمنين، ما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا؟ قال:{أن يُقتَّلوا، أو يصَلَّبوا، أو تُقَطَّع أيديهم وأرجلُهم من خِلاف، أو يُنفَوا من الأرض} . ثم قال: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} . فقال سعيد: وإن كان حارثةَ بن بدر؟ قال: وإن كان حارثةَ بن بدر. فقال: هذا حارثة بن بدر قد جاء تائبًا، فهو آمِن. قال: نعم. قال: فجاء به إليه، فبايعه، وقَبِل ذلك منه، وكتَب له أمانًا
(1)
. (5/ 289)
22360 -
عن أشعث، عن رجل، قال: صلّى رجلٌ مع أبي موسى الأشعري الغداة، ثم قال: هذا مقام العائذ التائب، أنا فلان بن فلان، إنِّي كنتُ مِمَّن حارب الله ورسوله، وجئتُ تائبًا من قبلِ أن يُقدَر عليَّ. فقال أبو موسى: إنّ فلان بن فلان كان مِمَّن حارب الله ورسوله، وجاء تائبًا من قبل أن يُقدَر عليه، فلا يَعرِضْ له أحدٌ إلا بخير، فإن يكن صادقًا فسبيلي ذلك، وإن يك كاذبًا فلعلَّ الله أن يأخذه بذنبه
(2)
. (5/ 290)
22361 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي-
…
فإن جاء تائبًا فدخل في الإسلام قُبِلَ منه، ولم يُؤخَذْ بما سلَف
(3)
. (5/ 280)
22362 -
عن سعيد بن جبير -من طريق أبي معاوية- =
22363 -
ومحمد بن كعب القرظي -من طريق أبي صخرة- قالا: إن جاء تائبًا لم يَقْتَطِعْ مالًا ولم يَسفِك دمًا فذلك الذي قال الله: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم}
(4)
. (5/ 289)
22364 -
عن هشام بن عروة بن الزبير: أنّهم سألوا عروة عمَّن تَلَصَّص في الإسلام، فأصاب حدودًا، ثم جاء تائبًا. فقال: لا تُقبَل توبته، لو قُبِل ذلك منهم اجْتَرَءوا عليه، وكان فسادًا كبيرًا، ولكن لو فرَّ إلى العدوِّ ثم جاء تائبًا لم أرَ عليه
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة 12/ 281، وابن أبي الدنيا (409)، وابن جرير 8/ 394. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة 12/ 282. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(3)
أخرجه ابن جرير 8/ 392، والطبراني (13032).
(4)
أخرجه ابن جرير 8/ 398.
عقوبة
(1)
[2069]. (ز)
22365 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- {ويسعون في الأرض فسادا} قال: الزِّنا، والسرقة، وقتل النفس، وإهلاك الحرث والنسل، {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} على عهد الرسول
(2)
. (ز)
22366 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم} ، قال: هذا لأهل الشرك، إذا فعلوا شيئًا في شركهم فإنّ الله غفور رحيم إذا تابوا وأسلموا
(3)
. (ز)
22367 -
عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق جُوَيْبِر- قال: كان قومٌ بينَهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاقٌ، فنقَضوا العهد، وقطَعوا السُّبُل، وأفسدوا في الأرض، فخيَّر الله نبيه فيهم؛ إن شاء قتَل، وإن شاء صلَب، وإن شاء قطَّع أيديهم وأرجلهم من خِلاف، {أو ينفوا من الأرض} قال: هو أن يُطلَبوا حتى يُعجِزوا، فمن تاب قبلَ أن يَقدِروا عليه قُبِلَ ذلك منه
(4)
. (5/ 288)
22368 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق يزيد النحوي- =
22369 -
والحسن البصري -من طريق يزيد النحوي- قالا: {إنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ ورسولهُ ويَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ} إلى قوله: {فاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} نزلت هذه الآية في المشركين؛ فمَن تاب منهم من قبل أن يُقدَر عليه لم يكن عليه سبيل، وليس تحْرُز هذه الآيةُ الرجلَ المسلم مِن الحدِّ إن قَتَل، أو أفسد في الأرض، أو حارب الله ورسوله ثم لحق بالكفار قبل أن يقدر عليه، ذلك يُقام عليه الحدُّ الذي أصاب
(5)
. (ز)
22370 -
عن الحكم بن عتيبة -من طريق حجاج- قال: =
22371 -
قاتل الله الحَجّاج إن كان لَيَفْقَه! أمَّن رجلًا من محاربته، فقال: انظروا، هل أصاب شيئًا قبل خروجه؟
(6)
. (ز)
[2069] علَّق ابنُ عطية (3/ 158) على هذا القول بقوله: «لا أدري، هل أراد ارتدَّ أم لا؟» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 8/ 399.
(2)
أخرجه ابن جرير 8/ 392.
(3)
أخرجه ابن جرير 8/ 392.
(4)
أخرجه ابن جرير 8/ 360، 385، 392. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(5)
أخرجه ابن جرير 8/ 391.
(6)
أخرجه ابن جرير 8/ 400.
22372 -
عن عطاء [بن أبي رباح]-من طريق مطرف بن معقل- أنّه سُئل عن رجل سرق سَرِقة، فجاء تائبًا من غير أن يُؤخذ عليه، هل عليه حدٌّ؟ قال: لا. ثم قال: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} الآية
(1)
. (5/ 291)
22373 -
عن مكحول الشامي -من طريق سعيد بن عبد العزيز- قال: إذا أعطاه الإمام أمانًا فهو آمِن، ولا يقام عليه الحدُّ ما كان أصاب
(2)
. (ز)
22374 -
عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- =
22375 -
وعطاء الخراساني -من طريق مَعْمَر-: وأمّا قوله: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} فهؤلاء أهل الشِّرك خاصة، ومَن أصاب مِن المشركين شيئًا مِن المسلمين وهو لهم حربٌ، فأخذ مالًا، أو أصاب دمًا، ثم تاب من قبل أن يُقْدَر عليه؛ أُهدِرَ عنه ما مضى
(3)
[2070]. (5/ 287)
22376 -
عن محمد بن السائب الكلبي -من طريق مَعْمَر-، مثله
(4)
. (ز)
22377 -
عن ربيعة [الرأي]-من طريق ابن لهيعة- قال: تُقبَل توبته، ولا يُتْبَعُ بشيء من أحْداثِه في حربه، إلا أن يطلبه أحدٌ بدم كان أصابه في سِلْمِه قبل حربه فإنه يُقاد به
(5)
. (ز)
22378 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ:
…
إن جاء تائبًا إلى الإمام قبل أن يُقدَر عليه، فأمَّنه الإمام؛ فهو آمِن، فإن قتَله بعدُ إنسانٌ يعلمُ أنّ الإمام قد أمَّنه قُتِل به، فإن قتله وهو لا يعلم أنّ الإمام قد أمَّنه كانت الدية
…
(6)
. (5/ 291)
22379 -
عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قوله: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} : وتوبته من قبل أن يُقدَر عليه أن يكتب إلى الإمام يستأمنه على ما
[2070] ذكر ابنُ عطية (3/ 158) أنّ قائلي هذا القول قالوا به لأنهم رأوا الوعيد بعد العقاب، ثم انتقده بقوله:«وهذا ضعيف» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 8/ 398. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(2)
أخرجه ابن جرير 8/ 395.
(3)
أخرجه عبد الرزاق في التفسير 1/ 188، وفي المصنف (18542)، وابن جرير 8/ 393. وذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 2/ 26 - مختصرًا عن قتادة.
(4)
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره 1/ 188، وفي المصنف (18542).
(5)
أخرجه ابن جرير 8/ 400.
(6)
عزاه السيوطي إلى أبي داود في ناسخه.
قتل وأفسد في الأرض: فإن لم يُؤَمِّنِّي على ذلك ازددتُ فسادًا وقتلًا وأخذًا للأموال أكثر مما فعلتُ ذلك قبل. فعلى الإمام من الحقِّ أن يُؤَمِّنه على ذلك، فإذا أمَّنه الإمام جاء حتى يضع يده في يد الإمام، فليس لأحد من الناس أن يتبعه، ولا يأخذه بدمٍ سفكه، ولا مال أخذه، وكلُّ مالٍ كان له فهو له، لكيلا يقتل المؤمنين أيضًا ويُفسِد، فإذا رجع إلى الله -جلَّ وعزَّ- فهو ولِيُّه يأخذه بما صنع، وتوبته فيما بينه وبين الإمام والناس، فإذا أخذه الإمام وقد تاب فيما يزعم إلى الله -جل ثناؤه- قبل أن يُؤَمِّنه الإمام فليقم عليه الحد
(1)
. (ز)
22380 -
عن زيد بن أسلم -من طريق القاسم- أنّه قال:
…
{إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم} ، فمن تاب من قبل أن يُقْدَر عليه فلا سبيل عليه، وليست تحْرُز هذه الآيةُ الرجلَ المسلمَ إذا قتل أو أفسد وحارب مِن أن يُقام عليه الحد، فإن
(2)
لحق بأهل الكتاب
(3)
. (ز)
22381 -
قال مقاتل بن سليمان: ثم استثنى، فقال عز وجل:{إلّا الَّذِينَ تابُوا} من الشرك {مِن قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} فتقيموا عليهم الحد، فلا سبيل لكم عليهم. يقول: مَن جاء منهم مُسلمًا قبل أن يؤخذ فإن الإسلام يهدم ما أصاب في كفره مِن قتلٍ أو أخذ مال، فذلك قوله سبحانه:{فاعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لما كان منه في كفره {رَحِيمٌ} به حين تاب ورجع إلى الإسلام، فأمّا مَن قتل وهو مسلم فارتَدَّ عن الإسلام ثم رجع مسلمًا فإنه يؤخَذ بالقصاص
(4)
. (ز)
22382 -
عن الوليد بن مسلم، قال: ذكرت لأبي عمرو [الأوزاعي] قول عروة: يُقام عليه حَدُّ ما فَرَّ منه، ولا يجوز لأحد فيه أمان. فقال أبو عمرو: إن فَرَّ من حَدَثه في دار الإسلام، فأعطاه إمامٌ أمانًا؛ لم يجز أمانه، وإن هو لحق بدار الحرب، ثم سأل إمامًا أمانًا على أحداثه؛ لم ينبغ للإمام أن يعطيه أمانًا، وإن أعطاه الإمام أمانًا وهو غير عالم بأحداثه فهو آمن، وإن جاء أحد يطلبه بدم أو مال رُدَّ إلى مأمنه، فإن أبى أن يرجع فهو آمن، ولا يتعرض له. قال: وإن أعطاه أمانًا على أحداثه وهو يعرفها فالإمام ضامنٌ واجبٌ، عليه عَقْلُ ما كان أصاب من دم أو مال، وكان فيما عطّل من تلك الحدود والدماء آثمًا، وأمره إلى الله جل وعز. قال: وقال أبو عمرو: فإذا
(1)
أخرجه ابن جرير 8/ 395.
(2)
كذا في المطبوع، ولعلها: وإن.
(3)
أخرجه عبد الله بن وهب في الجامع - تفسير القرآن 3/ 83 (181).
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 473.
أصاب ذلك، وكانت له منعةٌ أو فئةٌ يلجأ إليها، أو لحق بدار الحرب فارتدَّ عن الإسلام، أو كان مقيمًا عليه، ثم جاء تائبًا مِن قبل أن يقدر عليه؛ قُبِلت توبته، ولم يتبع بشيء من أحداثه التي أصابها في حربه، إلا أن يوجد معه شيء قائم بعينه فيُرَدُّ إلى صاحبه
(1)
. (ز)
22383 -
عن الوليد بن مسلم، قال: قلت لمالك [بن أنس]: أرأيت هذا المحارب الذي قد أخاف السبيلَ، وأصاب الدم والمال، فلحق بدار الحرب، أو تَمَنَّع في بلاد الإسلام، ثم جاء تائبًا من قبل أن يُقْدَر عليه؟ قال: تُقْبَل توبته. قال: قلت: فلا يتبع بشيء من أحداثه؟ قال: لا، إلا أن يوجد معه مال بعينه فيُرَدُّ إلى صاحبه، أو يطلبه وليُّ مَن قتل بدم في حربه يثبت ببينة أو اعتراف فيُقاد به، وأما الدماء التي أصابها ولم يطلبها أولياؤها فلا يتبعه الإمام بشيء. =
22384 -
قال علي: قال الوليد: فذكرت ذلك لأبي عمرو [الأوزاعي]، فقال: تُقبَل توبته إذا كان مُحارِبًا للعامة والأئمة، قد آذاهم بحربه، فشهر سلاحه، وأصاب الدماء والأموال، فكانت له مَنَعَة أو فِئَة يلجأ إليهم، أو لحق بدار الحرب فارتَدَّ عن الإسلام، أو كان مقيمًا عليه، ثم جاء تائبًا من قبل أن يُقْدَر عليه؛ قُبِلَت توبته، ولم يتبع بشيء منه
(2)
. (ز)
22385 -
عن الوليد بن مسلم، قال: قال أبو عمرو [الأوزاعي]: سمعت ابن شهاب الزهري يقول ذلك
(3)
. (ز)
22386 -
عن الوليد بن مسلم، قال: فذكرت قول أبي عمرو ومالك لليث بن سعد في هذه المسألة، فقال: إذا أعلن بالمحاربة للعامة والأئمة، وأصاب الدماء والأموال، فامتنع بمحاربته من الحكومة عليه، أو لحق بدار الحرب، ثم جاء تائبًا من قبل أن يُقْدَر عليه؛ قُبِلَت توبتُه، ولم يتبع بشيء من أحداثه في حربه من دم خاصة ولا عامة، وإن طلبه وليُّه
(4)
. (ز)
22387 -
عن الوليد بن مسلم، قال: قال الليث: وكذلك ثني موسى بن إسحاق المدني -وهو الآمر عندنا- أنّ عليًّا الأسدي حارب، وأخاف السبيل، وأصاب الدم والمال، فطلبته الأئمة والعامة، فامتنع ولم يُقدَر عليه، حتى جاء تائبًا، وذلك أنه
(1)
أخرجه ابن جرير 8/ 400.
(2)
أخرجه ابن جرير 8/ 396.
(3)
أخرجه ابن جرير 8/ 397.
(4)
أخرجه ابن جرير 8/ 397.
سمع رجلًا يقرأ هذه الآية: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} [الزمر: 53] الآية، فوقف عليه، فقال: يا عبد الله، أعِد قراءتها، فأعادها عليه. فغمد سيفه، ثم جاء تائبًا، حتى قدم المدينة من السَّحَر، فاغتسل، ثم أتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى الصبح، ثم قعد إلى أبي هريرة في غمار أصحابه، فلما أسفر عرفه الناس، وقاموا إليه، فقال: لا سبيل لكم عَلَيَّ، جئتُ تائبًا من قبل أن تقدروا علي. فقال أبو هريرة: صدق. وأخذ بيده أبو هريرة حتى أتى مروان بن الحكم في إمرته على المدينة في زمن معاوية، فقال: هذا عليٌّ جاء تائبًا، ولا سبيل لكم عليه، ولا قتل. قال: فترك من ذلك كله. قال: وخرج عليٌّ تائبًا مجاهدًا في سبيل الله في البحر، فلقوا الروم، فقربوا سفينته إلى سفينة من سفنهم، فاقتحم على الروم في سفينتهم، فهزموا منه إلى سفينتهم الأخرى، فمالت بهم وبه، فغرقوا جميعًا
(1)
[2071]. (ز)
[2071] على هذا القول فتوبة المحارب قبل القدرة عليه تضع عنه تبعات الدنيا التي لزمته في أيام حربه وحرابته، إلا ما كان قائمًا في يده من أموال المسلمين والمعاهدين بعينه.
ورجَّح ابنُ جرير (8/ 401) هذا القول الذي قاله مالك، والزهري، والقرظي، وسعيد بن جبير، وعطاء من طريق بن معقل مستندًا إلى الدلالة العقلية، فقال:«لإجماع الجميع على أن ذلك حكم الجماعة الممتنعة المحاربة لله ولرسوله الساعية في الأرض فسادًا على وجه الردة عن الإسلام، فكذلك حكم كل ممتنع سعى في الأرض فسادًا، جماعة كانوا أو واحدًا، فأما المستخفي بسرقته، والمتلصص على وجه إغفال من سرقه، والشاهر السلاح في خلاء على بعض السابلة، وهو عند الطلب غير قادر على الامتناع؛ فإنّ حكم الله عليه -تاب أو لم يتب- ماضٍ، وبحقوق من أخذ ماله أو أصاب وليه بدم أو خَتَل مأخوذ، وتوبته فيما بينه وبين الله، قياسًا على إجماع الجميع على أنه لو أصاب شيئًا من ذلك وهو للمسلمين سِلْم ثم صار لهم حربًا أنّ حربه إياهم لن يضع عنه حقًّا لله -عزَّ ذكره- ولا لآدمي، فكذلك حكمه إذا أصاب ذلك في خلاء أو باستخفاء وهو غير ممتنع من السلطان بنفسه إن أراده، ولا له فئة يلجأ إليها مانعة منه» .
وكذا رجَّحه ابنُ عطية (3/ 158 - 159).
وكذا رجَّحه ابنُ كثير (5/ 198) مستندًا إلى ظاهر الآية، وعمل الصحابة، فقال:«وظاهر الآية يقتضي سقوط الجميع، وعليه عمل الصحابة» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 8/ 397.