الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21286 -
قال مقاتل بن سليمان: {إنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ} ، فحَكَم أن جعل ما شاء من الحلال حرامًا، وجعل ما شاء مما حَرَّم في الإحرام مِن الصَّيد حلالًا
(1)
. (ز)
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
(2)}
نزول الآية:
21287 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: {لا تحلوا شعائر الله} ، قال: كان المشركون يَحُجُّون البيتَ الحرام، ويُهْدُون الهدايا، ويُعَظِّمون حُرْمة المشاعر، وينحرون في حَجِّهم، فأراد المسلمون أن يُغِيروا عليهم، فقال الله:{لا تحلوا شعائر الله}
(2)
. (5/ 163)
21288 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق ابن جُرَيْج- قال: قَدِم الحُطَمُ بن هند البَكْرِيّ المدينةَ في عِير له تحمل طعامًا، فباعه، ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، فبايعه وأسلم، فلَمّا ولّى خارجًا نَظَر إليه، فقال لِمَن عنده:«لقد دخل عَلَيَّ بوجه فاجِر، ووَلّى بقَفا غادِر» . فلما قَدِم اليمامة ارْتَدَّ عن الإسلام، وخرج في عِير له تحمل الطعام في ذي القعدة يريد مكة، فلما سمع به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تَهَيَّأ للخروج إليه نفرٌ من المهاجرين والأنصار لِيَقْتَطِعُوه في عِيرِه، فأنزل الله:{يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله} الآية، فانتهى القوم
(3)
. (5/ 167)
21289 -
عن عطاء -من طريق مالك بن مِغْوَل- قال: كانوا يَتَقَلَّدون من لِحاء
(4)
شجر الحرم، يأمنون بذلك إذا خرجوا من الحرم، فنزلت:{لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد}
(5)
. (5/ 166)
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 448.
(2)
أخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ ص 359، وابن جرير 8/ 22 - 23، 38، 41، 52 مُفَرَّقًا.
إسناده جيد، وينظر مقدمة الموسوعة.
(3)
أخرجه ابن جرير 8/ 33.
(4)
اللحاء: ما على العصا من قشرها. اللسان (لحا).
(5)
أخرجه ابن جرير 8/ 28.
21290 -
عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قال: أقبل الحُطَمُ بن هند البَكْرِيّ، حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فدعاه، فقال: إلامَ تدعو؟ فأخبره، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه:«يدخل اليومَ عليكم رجلٌ من رَبِيعة، يتكلم بلسان شيطان» . فلما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم قال: انظروا، لَعَلِّي أُسْلِم، ولي من أُشاوِرُه. فخرج من عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لقد دخل بوجه كافر، وخرج بعَقِب غادر» . فمَرَّ بِسَرْحٍ
(1)
من سَرْح المدينة، فساقه وهو يرتجز:
قد لفها الليل بسَوّاقٍ حُطَم
(2)
…
ليس براعي إبل ولا غنم
ولا بجزّار على ظَهْر الوَضَمْ
(3)
…
باتوا نيامًا وابنُ هند لم يَنَمْ
بات يُقاسِيها غلام كالزُّلَمْ
(4)
…
خَدَلَّجُ السّاقَيْنِ
(5)
مَمْسُوحُ القَدَمْ
ثم أقبل من عامِ قابلٍ حاجًّا، قد قلَّد وأهدى، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه، فنزلت هذه الآية حتى بلغ:{ولا آمين البيت الحرام} . فقال الناس من أصحابه: يا رسول الله، خلِّ بيننا وبينه؛ فإنّه صاحبنا. قال:«إنّه قد قَلَّد» . قالوا: إنما هو شيء كنا نصنعه في الجاهلية. فأبى عليهم، فنزلت هذه الآية
(6)
. (5/ 167)
21291 -
عن زيد بن أسلم -من طريق عبدالله بن جعفر- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية وأصحابه حين صَدَّهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم، فمَرَّ بهم أُناس من المشركين من أهل المشرق، يريدون العمرة، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: نَصُدُّ هؤلاء كما صَدَّنا أصحابُنا. فأنزل الله: {ولا يجرمنكم} الآية
(7)
. (5/ 166)
21292 -
قال مقاتل بن سليمان: {ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أنْ صَدُّوكُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ أنْ تَعْتَدُوا} ، نزَلَت في الخَطِيمِ
(8)
، واسمه شُرَيْح بن ضُبَيْعَة بن شَرْحَبِيلَ ابن عمر بن جُرْثُومٍ البَكْرِيِّ من بني قيس بن ثعلبة وفي حُجّاج المشركين، وذلك أن
(1)
السرح: المال السائم في المرعى. اللسان (سرح).
(2)
الحطم هو العنيف برعايَة الإبل في السَّوْق والإيراد والإصْدار، ويُلْقِي بعضها على بعض ويَعْسِفُها. النهاية (حطم).
(3)
الوضم: ما يوضع عليه اللحم من خشبة ونحوها اتقاء الأرض. اللسان (وضم).
(4)
الزُّلَمُ، والزَّلَم: قِدْحٌ لا ريش له. القاموس (زلم).
(5)
خدلج الساقين: أي عظيمهما. النهاية (خدلج).
(6)
أخرجه ابن جرير 8/ 31 - 33.
(7)
أخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير 3/ 10 - .
(8)
كذا في المطبوع، ولعله «الحُطَم» مصحَّفًا.
شُرَيْحَ بن ضُبَيْعَة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، اعْرِض عَلَيَّ دينك. فعَرَض عليه، وأخبره بما له وبما عليه، فقال له شُرَيْح: إنّ في دينك هذا غِلَظًا، فأرجع إلى قومي فأعرض عليهم ما قلتَ؛ فإن قَبِلوه كنت معهم، وإن لم يقبلوه كنتُ معهم. فخرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لقد دخل بقلب كافر، وخرج بوجه غادر، وما أرى الرجل بمسلم» . ثم مَرَّ على سَرْح المدينة، فاستاقها، فطلبوه، فسبقهم إلى المدينة، وأنشأ يقول:
قد لفها الليل بسواق حُطَمٍ
…
ليس براعي إبل ولا غنم
ولا بجزّار على ظهر وضَمٍ
…
خَدَلَّج الساق ولا رَعِشُ القدم
-قال أبو صالح [الهذيل بن حبيب]: قتله رجل من قومه على الكفر، وقَدِم الرجل الذي قتله مُسْلِمًا- فلمّا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرًا عام الحديبية في العام الذي صَدَّه المشركون، جاء شُرَيْح إلى مكة مُعْتَمِرًا، معه تجارة عظيمة، في حُجّاج بكر بن وائل، فلَمّا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدوم شُرَيْح وأصحابه، وعرفوا بنبئهم، فأراد أهل السَّرْح أن يُغِيروا عليه كما أغار عليهم من قبْلُ شُرَيْح وأصحابه، فقالوا: نَسْتَأْمِر النبي صلى الله عليه وسلم. فاسْتَأْمَرُوه، فنزلت الآية:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ} ، يعني: أمر المناسك، ولا تستحلوا في الشهر الحرام أخذ الهدي، ولا القلائد، يقول: ولا تُخِيفوا من قَلَّد بعيره، ولا تستحلوا القتلَ، {آمِّين البيت الحرام} يعني: متوجهين قِبَل البيت الحرام، من حجاج المشركين، يعني: شُرَيْح بن ضبيعة وأصحابه، {يبتغون} بتجاراتهم {فضلًا من الله} يعني: الرزق والتجارة، ورضوانه بحجهم، فنهى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم عن قتالهم
(1)
. (ز)
21293 -
عن عبد الملك ابن جريج -من طريق حَجّاج- قوله: {ولا آمين البيت الحرام} ، قال: ينهى عن الحجاج أن تُقْطَع سُبُلُهم. قال: وذلك أن الحُطَم قَدِم على النبي صلى الله عليه وسلم لِيَرْتاد وينظر، فقال: إنِّي داعية قومي، فاعرض علَيَّ ما تقول. قال له:«أدعوك إلى الله أن تعبده ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت» . قال الحُطَم: في أمرك هذا غِلْظَة، أرجع إلى قومي، فأذكر لهم ما ذكرت؛ فإن قَبِلوه أقبلت معهم، وإن أدبروا كنت معهم. قال له:«ارجع» . فلَمّا خرج قال: «لقد دخل عَلَيَّ بوجه كافر، وخرج من عندي بعَقِبَيْ غادر،
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 449 - 501.