الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِمّا تَعْمَلُونَ}
(1)
[5746][5747]. (ز)
{أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ
(23)}
68467 -
عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَمُوتَنَّ أحدُكم إلّا وهو يُحْسِنُ الظنَّ بالله؛ فإنّ قومًا قد أرْداهم سُوءُ ظنّهم بالله، فقال الله عز وجل: {وذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الخاسِرِينَ}»
(2)
. (13/ 101)
[5746] اختُلف في معنى قوله: {وما كنتم تستترون} على أقوال: الأول: وما كنتم تستخفون. الثاني: وما كنتم تتقون. الثالث: وما كنتم تظنون.
ورجَّح ابنُ جرير (20/ 410 - 411) -مستندًا إلى لغة العرب- القول الأول الذي قاله السُّدّي، فقال:«وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: معنى ذلك: وما كنتم تستخْفون، فتتركوا ركوب محارم الله في الدنيا حذرًا أن يشهد عليكم سمعكم وأبصاركم اليوم. وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصواب لأنّ المعروف من معاني الاستتار: الاستخفاء. فإن قال قائل: وكيف يستخفي الإنسان عن نفسه مما يأتي؟ قيل: قد بيّنا أنّ معنى ذلك إنما هو الأماني، وفي تركه إتيانه إخفاؤه عن نفسه» .
وانتقد ابنُ عطية (7/ 475) القول الأخير الذي قاله قتادة، مستندًا للغة، فقال:«وذلك تفسير لم يُنظر فيه إلى اللفظ، ولا ارتبط فيه معه» .
[5747]
قال ابن عطية (7/ 475): "أما المعنى فيحتمل وجهين: أحدهما: أن يريد: وما كنتم تتصاونون وتحجزون أنفسكم عن المعاصي والكفر خوف أن يشهد، أو لأجل أن يشهد، ولكن ظننتم أن الله لا يعلم، فانهمكتم وجاهرتم. وهذا هو منحى مجاهد. والستر ينصرف على هذا المعنى ونحوه، ومنه قول الشاعر:
والستر دون الفاحشات وما يلقاك دون الخير من ستروالمعنى الثاني أن يريد: وما كنتم تمتنعون ولا يمكنكم ولا يسعكم الاختفاء عن أعضائكم والاستتار عنها بكفركم ومعاصيكم، ولا تظنون أنها تصل بكم إلى هذا الحد. وهذا هو منحى السُّدّيّ، كأن المعنى: وما كنتم تدفعون بالاختفاء والستر أن تشهد؛ لأنّ الجوارح لزيمة لكم، وفي إلزامه إياهم الظنَّ بأن الله تعالى لا يعلم إلزامهم الكفر والجهل بالله، وهذا المعتقد يؤدي بصاحبه إلى تكذيب أمر الرسل واحتقار قدرة الله تعالى، لا ربّ غيره".
_________
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 3/ 740.
(2)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن مردويه. وأصله عند مسلم 4/ 2205 - 2206 (2877)، وأحمد 23/ 373 (15197) دون قوله: «فإن قومًا
…
».
68468 -
عن بَهْز بن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في قوله عز وجل:{أن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ولا أبْصارُكُمْ ولا جُلُودُكُمْ} ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قال الله عز وجل: عبدي عند ظنِّه بي، وأنا معه إذا دعاني»
(1)
. (ز)
68469 -
عن الحسن البصري -من طريق معمر- أنّه تلا: {وذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أرْداكُمْ} ، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله: عبدي أنا عند ظنه بي، وأنا معه إذا دعاني» . ثم نطق الحسن، فقال: إنّما عملُ ابنِ آدم على قدْر ظنِّه بربه؛ فأما المؤمن فأحسنَ بالله الظّن؛ فأحسنَ العمل، وأما الكافر والمنافق فأساء الظّن؛ فأساء العمل، قال ربكم:{وما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ} حتى بلغ: {الخاسِرِينَ} . قال معمر: وحدّثني رجلٌ: إنه يُؤمر برجل إلى النار، فيلتفتُ، فيقول: يا ربِّ، ما كان هذا ظنّي بك. قال:«وما كان ظنّك بي؟» . قال: كان ظنّي أن تغفر لي ولا تعذّبني. قال: «فإني عند ظنّك بي»
(2)
. (ز)
68470 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: الظنُّ ظنّان؛ فظنٌّ مُنجٍ، وظنٌّ مُرْدٍ، قال:{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أنَّهُمْ مُلاقُورَبِّهِمْ} [البقرة: 46]، قال:{إنِّي ظَنَنْتُ أنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ} [الحاقة: 20]. وهذا الظن المُنجي، ظنًّا يقينًا، وقال هاهنا:{وذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أرْداكُمْ} هذا ظنٌّ مُردٍ
(3)
[5748]. (ز)
68471 -
قال مقاتل بن سليمان: {وذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ} ، يقول: يقينكم
[5748] ساق ابنُ عطية (7/ 477) هذا القول، ثم علَّق بقوله:«فالمُنجي: هوأن يظنّ المُوَحِّد العارف بربه أن الله تعالى يرحمه. والمهلك: ظنون الكفرة الجاهلين على اختلافها» .
_________
(1)
أخرجه أبو الطاهر السلفي في معجم السفر ص 381 (1288)، من طريق مجبر بن محمد بن عبد العزيز الصقلي المديني بمصر، أنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين الخلعي، أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحاج الإشبيلي، أنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي -قراءة عليه وأنا أسمع-، عن محمد بن حماد الطهراني، أنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن بهز بن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن جده به.
إسناده حسن.
(2)
أخرجه عبد الرزاق 2/ 184، وابن جرير 20/ 413، وليس فيه رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر نحوه في الإيماء 7/ 361 (6896) في المراسيل، وعزاه لأمالي الشجري (1/ 233) وقال:«داود بن المحبّر متروك» .
والحديث المرفوع رواه أحمد عن أنس 20/ 418، 21/ 377، وصحّحه محقّقوه.
(3)
أخرجه ابن جرير 20/ 414.