الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله لكم ولا تعتدوا}، يقول لعثمان بن مظعون: لا تَجُبَّ نفسَك؛ فإنّ هذا الاعتداء
(1)
[2154]. (ز)
آثار متعلقة بالآية:
23235 -
عن عائشة: أنّ ناسًا مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السِّرِّ، فقال بعضُهم: لا آكُلُ اللحمَ. وقال بعضُهم: لا أتزوَّج النساء. وقال بعضُهم: لا أنام على فراش. فبلَغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«ما بالُ أقوامٍ يقولُ أحدُهم كذا وكذا؟! لَكِنِّي أصومُ وأُفْطِر، وأنامُ وأقوم، وآكُلُ اللحمَ، وأتزوجُ النساءَ، فمَن رَغِب عن سُنَّتي فليس مِنِّي»
(2)
. (5/ 421)
23236 -
عن عائشة، قالت: دخلتِ امرأةُ عثمان بن مظعون -واسمها: خولة بنت
[2154] اختلف المفسرون في معنى الاعتداءِ المنهيِّ عنه في الآية على أقوال: الأول: أنّ الاعتداء ما همَّ به عثمان بن مظعون مِن جَبِّ نَفْسِه. والثاني: ما هَمَّ به بعض الصحابة رضي الله عنهم من تحريم النساء، والطعام، واللباس، والنوم. والثالث: أنّه تَجاوُز الحلال إلى الحرام.
ورجَّح ابنُ جرير (8/ 615) مستندًا إلى دلالة العموم شمول معنى الاعتداء لكلِّ تلك الأقوال، فقد بيَّن أنّ معنى الاعتداء: تجاوُز المرء مالَه إلى ما ليس له في كل شيء. ثم قال: «وإذ كان ذلك كذلك، وكان الله -تعالى ذِكْرُه- قد عمَّ بقوله: {ولا تَعْتَدُوا} النهيَّ عن العدوان كلِّه؛ كان الواجب أن يكون محكومًا لِما عمَّه بالعموم حتى يَخُصَّه ما يجب التسليم له، وليس لأحدٍ أن يتعدّى حدَّ الله -تعالى ذِكْرُه- في شيءٍ من الأشياء مِمّا أحَلَّ أو حرَّم، فمَن تعدّاه فهو داخلٌ في جُمْلَةِ مَن قال -تعالى ذِكْره-: {إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ}. وغيرُ مستحيلٍ أن تكون الآيةُ نزلت في أمر عثمان بن مظعون والرَّهطِ الذين همُّوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما همُّوا به من تحريم بعض ما أحلَّ الله لهم على أنفسهم، ويكون مرادًا بحكمها كلُّ مَن كان في مثل معناهم مِمَّن حَرَّم على نفسه ما أحلَّ الله له، أو أحلَّ ما حرَّم الله عليه، أو تجاوز حدًّا حدَّه الله له» .
وعلَّق ابنُ عطية (3/ 238) على القول الثالث -وهو قول الحسن- بقوله: «فالنهيان على هذا تضَمَّنا الطَّرَفَيْن، فكأنه قال: لا تتشددوا فتُحَرِّموا حلالًا، ولا تَتَرخَّصوا فتُحِلُّوا حرامًا» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 8/ 614، وابن أبي حاتم 4/ 1188.
(2)
أخرجه النسائي 6/ 60 (3217)، وأخرجه البخاري 7/ 2 (5063)، ومسلم 2/ 1020 (1401) من حديث أنس.
حكيم- عَلَيَّ وهي باذَّةُ الهيئة
(1)
، فسألتُها: ما شأنُكِ؟ فقالتْ: زوجي يقوم الليل، ويصوم النهار. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم، فذكَرتُ ذلك له، فلَقِي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«يا عثمانُ، إنّ الرَّهْبانِيَّةَ لم تُكتَبْ علينا، أما لك فِيَّ أُسْوَةٌ! فواللهِ، إنّ أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده لَأنا»
(2)
. (5/ 430)
23237 -
عن أبي جُحَيْفَة، قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمانُ أبا الدرداء، فرأى أُمَّ الدرداء مُتَبَذِّلةً
(3)
، فقال لها: ما شأنُكِ؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء، فصنَع له طعامًا، فقال: كُلْ، فإنِّي صائم. قال: ما أنا بآكلٍ حتى تأكُل. فأكَل، فلما كان الليلُ ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نَمْ. فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نَمْ. فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قُمِ الآن. فصلَّيا، فقال له سلمانُ: إنّ لربَّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكَر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«صدَق سلمان»
(4)
. (5/ 428)
23238 -
عن عبد الله بن عمرو، قال: بَلَغَ النبي صلى الله عليه وسلم أنِّي أسْرُدُ الصومَ، وأصلي الليلَ، فإمّا أرْسَلَ إلَيَّ وإمّا لَقِيتُه، فقال:«ألم أُخْبَر أنّك تصوم ولا تفطر، وتصلي؟! فصُم وأفطِر، وقُم ونَمْ، فإنّ لعينك عليك حَظًّا، وإنّ لنفسك وأهلك عليك حَظًّا» . قال: إنِّي لَأَقْوى لذلك. قال: «فصُمْ صيام داود عليه السلام» . قال: وكيف؟ قال: «كان يصوم يومًا ويُفطر يومًا، ولا يَفِرُّ إذا لاقى» . قال: مَن لي بهذه، يا نبي الله؟ -قال عطاء: لا أدري كيف ذكر صيام الأبد- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صام مَن صام الأبد» مرتين
(5)
. (5/ 429)
(1)
البذاذة: رثاثة الهيئة. يقال: بَذُّ الهيئة وباذُّ الهيئة. أي: رثُّ اللبسة. النهاية 1/ 110.
(2)
أخرجه أحمد 43/ 70 (25893)، وابن حبان 1/ 185 (9)، وعبد الرزاق 6/ 167 - 168 (10375)، 7/ 150 (12591)، والطبراني في الكبير 9/ 38 (8319) واللفظ لهما.
قال الهيثمي في المجمع 4/ 301 (7610، 7611): «وأسانيد أحمد رجالها ثقات، إلا أن طريق «إن أخشاكم» أسندها أحمد، ووصلها البزار برجال ثقات». وقال الألباني في الإرواء 7/ 79:«وهذا سند صحيح» .
(3)
التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع. قال ابن الأثير: وفي رواية: مبتذلة. النهاية 1/ 111.
(4)
أخرجه البخاري 3/ 38 (1968)، 8/ 32 - 33 (6139).
(5)
أخرجه البخاري 3/ 40 (1977)، ومسلم 2/ 815 (1159)، وزاد:«صُم مِن كلِّ عشرة أيام يومًا، ولك أجر تسعة» .