الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}
25902 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية- في قوله: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة} ، قال: لَمّا جحد المشركون ما أنزل الله لم تثبُتْ قلوبهم على شيء، ورُدَّت عن كلِّ أمر
(1)
. (6/ 172)
25903 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- قال: أخبر الله سبحانه ما العبادُ قائلون قبل أن يقولوه، وعملهم قبل أن يعملوه، قال:{ولا ينبئك مثل خبير} [فاطر: 14]، {أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين. أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين. أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين} [الزمر: 56 - 58]، يقول: من المهتدين. فأخبر الله سبحانه أنّهم لو رُدُّوا لَعادوا لما نهوا عنه، وإنهم لكاذبون، وقال:{ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة} ، قال: لو رُدُّوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى، كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا
(2)
. (ز)
25904 -
قال عبد الله بن عباس: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة} ، يعني: نَحُول بينهم وبين الإيمان، ولو جئناهم بالآيات التي سألوا ما آمنوا بها، كما لم يؤمنوا بالتي قبلها؛ مثل انشقاق القمر وغيره، عقوبة لهم على ذلك
(3)
. (ز)
25905 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيْج- في قوله: {ونقلب أفئدتهم} ، قال: نَحُولُ بينَهم وبين الإيمان لو جاءتهم كلُّ آية، كما حُلْنا بينَهم وبينَه أولَ مرة
(4)
. (6/ 171)
(1)
أخرجه ابن جرير 9/ 490، وابن أبي حاتم 4/ 1369.
(2)
أخرجه ابن جرير 9/ 491، وابن أبي حاتم 4/ 1369 مختصرًا.
(3)
تفسير الثعلبي 4/ 181، وتفسير البغوي 3/ 178.
(4)
أخرجه ابن جرير 9/ 490، وابن أبي حاتم 4/ 1369 من طريق ابن جريج، عن ابن كثير. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.
25906 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق عطاء الخرساني- في قوله: {ونقلب أفئدتهم} الآية، قال: جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالبينات فلم يُؤمنوا به، فقلَّبْنا أبصارهم وأفئدتهم، ولو جاءتهم كلُّ آية مثلَ ذلك لم يُؤْمنوا إلا أن يشاء الله
(1)
. (6/ 172)
25907 -
قال مقاتل بن سليمان: {ونقلب أفئدتهم} يعني: قلوبهم، {وأبصارهم} عن الإيمان، {كما لم يؤمنوا به أول مرة} يقول: كما لم يؤمن بها أوائلُهم من الأمم الخالية بما سألوا من الآيات قبلها، فكذلك كفار أهل مكة لا يُصَدِّقون بها إن جاءتهم آية
(2)
[2366]. (ز)
25908 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم} ، قال: نمنعهم من ذلك كما فعلنا بهم أول مرة. وقرأ: {كما لم يؤمنوا به أول مرة}
(3)
[2367]. (ز)
[2366] ذكر ابنُ عطية (3/ 442 بتصرف) ثلاث احتمالات لعود الضمير في {بِهِ} : الأول: «أن يعود على الله عز وجل» . الثاني: «أن يعود على القرآن» . الثالث: «أن يعود على النبي صلى الله عليه وسلم» .
[2367]
اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: {ونُقَلِّبُ أفْئِدَتَهُمْ وأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أوَّلَ مَرَّةٍ} على أقوال: الأول: لو أنا جئناهم بآية كما سألوا ما آمنوا، كما لم يؤمنوا بما قبلها أول مرة؛ لأنّ الله حال بينهم وبين ذلك. وهو قول ابن عباس من طريق العوفي، ومجاهد، وابن زيد. الثاني: ونُقَلِّب أفئدتهم وأبصارهم لو رُدُّوا من الآخرة إلى الدنيا، فلا يؤمنون كما فعلنا بهم ذلك فلم يؤمنوا في الدنيا. قالوا: وذلك نظير قوله: {ولَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28]. وهو قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة. الثالث: جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالبينات فلم يُؤمنوا به، فقلَّبْنا أبصارهم وأفئدتهم ولو جاءتهم كلُّ آية مثلَ ذلك لم يُؤْمنوا إلا أن يشاء الله. وهو قول عكرمة.
ووجَّه ابنُ عطية (3/ 441) القول الأول بقوله: «ومعنى الآية: أنّ هؤلاء الذين أقسموا أنهم يؤمنون إن جاءت آية نحن نقلب أفئدتهم وأبصارهم أن لو جاءت فلا يؤمنون بها كما لو يؤمنوا أول مرة بما دُعوا إليه من عبادة الله، فأخبر الله تعالى على هذا التأويل بصورة فِعْلِه بهم» .
وعلَّق ابنُ القيم (1/ 363) على القول الثالث بقوله: «وهذا معنًى حسن، فإنّ كاف التشبيه تتضمن نوعًا من التعليل، كقوله: {وأَحْسِنْ كَما أحْسَنَ اللَّهُ إلَيْكَ} [القصص: 77]، وقوله: {كَما أرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آياتِنا ويُزَكِّيكُمْ ويُعَلِّمُكُمُ الكِتابَ والحِكْمَةَ ويُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُم} [البقرة: 151 - 152]، والذي حسَّن اجتماعَ التعليلِ والتشبيهِ الإعلامُ بأنّ الجزاء من جنس العمل في الخير والشر» .
ورجَّح ابنُ جرير (9/ 491) مستندًا إلى لغة العرب أنّ المعنى: ونُقَلِّبُ أفئدتهم فنُزيغُها عن الإيمان، وأبصارهم عن رؤية الحق ومعرفة موضع الحُجَّة، وإن جاءتهم الآية التي سألوها فلا يؤمنوا بالله ورسوله وما جاء به من عند الله، كما لم يؤمنوا بتقليبنا إيّاها قبل مجيئها مَرَّةً قبل ذلك. وذلك هو القول الأوّل، ثم قال:«إنّ الله -جلَّ ثناؤه- أخبر عن هؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم: لئن جاءتهم آيةٌ ليؤمنُنَّ بها، أنه يُقَلِّب أفئدتهم وأبصارهم ويُصَرِّفُها كيف شاء، وأنّ ذلك بيده، يُقِيمُه إذا شاء، ويُزِيغُه إذا أراد، وأن قوله: {كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أوَّلَ مَرَّةٍ} دليلٌ على محذوفٍ من الكلام، وأنّ قوله: {كَما} تشبيهُ ما بعدَه بشيءٍ قبْلَه. وإذا كان ذلك تأويله كانت الهاء من قوله: {كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ} كنايةَ ذِكْرِ التَّقْلِيب» .
وزاد ابنُ عطية نقلًا عن فرقة أنّ المعنى: «ونقلب أفئدتهم وأبصارهم في النار وفي لهيبها في الآخرة لِما لم يؤمنوا في الدنيا، ثُمَّ استأنف على هذا: {ونَذَرُهُمْ} في الدنيا {فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ}» .
_________
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 4/ 1369.
(2)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 584.
(3)
أخرجه ابن جرير 9/ 490، وابن أبي حاتم 4/ 1369 من طريق أصبغ بن الفرج.