الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ
(91)}
قراءات:
25487 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق أيُّوب- أنّه كان يقرأ هذا الحرف: «يَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ يُبْدُونَها ويُخْفُونَ كَثِيرًا»
(1)
. (ز)
نزول الآية:
25488 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: {وما قدروا الله حق قدره} قال: هم الكفار الذين لم يؤمِنوا بقدرة الله عليهم، فمَن آمَن أنّ الله على كل شيء قدير فقد قدَر الله حقَّ قدرِه، ومَن لم يؤمِن بذلك فلم يؤمِن بالله حقَّ قدرِه، {إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء} يعني: من بني إسرائيل. قالت اليهود: يا محمد، أنزَل الله عليك كتابًا؟ قال:«نعم» . قالوا: واللهِ، ما أنزل الله مِن السماء كتابًا. فأنزل الله:{قل} يا محمد: {من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس} إلى قوله: {ولا آباؤكم} ؟ قل: الله أنزَله
(2)
[2339]. (6/ 125)
25489 -
عن سعيد بن جبير -من طريق جعفر بن أبي المغيرة- قال: جاء رجلٌ من اليهود يُقال له: مالك بن الصَّيْف، فخاصَم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«أنشُدُك بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تجدُ في التوراة أنّ الله يُبغِضُ الحَبْرَ السمين؟» .
[2339] علَّق ابنُ عطية (3/ 416) على قول ابن عباس بقوله: «والآية على قول مَن قال: نزلت في قول بني إسرائيل. يلزم أن تكون مدنية، وكذلك حكى النقاش أنها مدنية» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 9/ 398.
وهي قراءة متواترة، قرأ بها ابن كثير، وأبو عمرو، وقرأ بقية العشرة:{تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وتُخْفُونَ كَثِيرًا} بتاء الخطاب فيهن جميعًا. انظر: النشر 2/ 260، والإتحاف ص 268.
(2)
أخرجه ابن جرير 9/ 396، 20/ 245، وابن أبي حاتم 4/ 1341 (7586)، 4/ 1342 (7593، 7595، 7596) مختصرًا، من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس به.
إسناده جيد. وينظر: مقدمة الموسوعة.
وكان حبرًا سمينًا، فغضِب، وقال: واللهِ، ما أنزل الله على بشر من شيء. فقال له أصحابه: ويْحَك، ولا على موسى! قال: ما أنزل الله على بشر من شيء. فأنزل الله: {وما قدروا الله حق قدره} الآية
(1)
. (6/ 126)
25490 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن كثير- في قوله: {وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء} ، قال: قالَها مشركو قريش
(2)
. (6/ 126)
25491 -
عن عكرمة مولى ابن عباس- من طريق ابن جريج - في قوله: {إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء} . قال: نزَلت في مالك بن الصَّيْف
(3)
. (6/ 127)
25492 -
عن محمد بن كعب القرظي -من طريق أبي معشر المدني- قال: جاء ناسٌ من يهودَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مُحْتَبٍ
(4)
، فقالوا: يا أبا القاسم، ألا تأتِينا بكتاب من السماء كما جاء به موسى ألواحًا؟ فأنزل الله تعالى:{يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء} الآية [النساء: 153]. فجثا رجل من اليهود، فقال: ما أنزل الله عليك، ولا على موسى، ولا على عيسى، ولا على أحد شيئًا. فأنزل الله:{وما قدروا الله حق قدره} الآية
(5)
. (6/ 127)
25493 -
قال الحسن البصري: {إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء} ، هم اليهود، كانوا يقولون: هؤلاء قوم أُمِّيُّون؛ يعنون: النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فألبسوا عليهم، فقالوا:{ما أنزل الله على بشر من شيء} ، فقد كانت الأنبياء تجيءُ من عند الله، فلم تكن تجيء بالكتب؛ فمِن أين جاء محمد بهذا الكتاب؟!
(6)
. (ز)
25494 -
عن محمد بن كعب القُرَظِي، قال: أمَر الله محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يسأل أهل الكتاب عن أمره، وكيف يجدُونه في كتبِهم، فحمَلهم حسدُه أن يكفُروا بكتاب الله ورُسُلِه، فقالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء. فأنزل الله: {وما قدروا الله حق قدره} الآية. ثم قال: يا محمد، هلُمَّ لك إلى الخبير. ثم أنزل: {الرحمن فسئل
(1)
أخرجه ابن جرير 9/ 393 - 394، وابن أبي حاتم 4/ 1342 (7597).
قال السيوطي في لباب النقول ص 90: «مرسل» .
(2)
أخرجه ابن جرير 9/ 396، وابن أبي حاتم 4/ 1341. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(3)
أخرجه ابن جرير 9/ 394. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.
(4)
الاحتباء: هو أن يضُمَّ الإنسانُ رجلَيه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره، وقد يكون باليدين بدل الثوب. النهاية (حَبا).
(5)
أخرجه ابن جرير 9/ 395.
(6)
ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 2/ 83 - 84 - .
به خبيرا} [الفرقان: 59]، {ولا ينبئك مثل خبير} [فاطر: 14]
(1)
. (6/ 127)
25495 -
عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- {وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء} إلى قوله: {في خوضهم يلعبون} : هم اليهود والنصارى، قوم آتاهم الله علمًا، فلم يقتدوا به، ولم يأخذوا به، ولم يعملوا به، فذمَّهم الله في عملهم ذلك. ذُكِر لنا: أنّ أبا الدرداء كان يقول: إنّ مِن أكثرِ ما أنا مخاصم به غدًا أن يُقال: يا أبا الدرداء، قد علمتَ، فماذا عملتَ فيما علمتَ؟
(2)
. (ز)
25496 -
عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- في قوله: {إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء} ، قال: قال فِنحاصُ اليهودي: ما أنزَل الله على محمدٍ من شيء
(3)
. (6/ 126)
25497 -
قال مقاتل بن سليمان: نزلت في مالك بن الصيف اليهودي حين خاصمه عمر بن الخطاب في النبي صلى الله عليه وسلم أنّه مكتوب في التوراة، فغضب مالك، فقال: ما أنزل الله على أحد كتابًا. وكان رَبّانيًّا في اليهود، فعزلته اليهود عن الرَّبّانِيَّة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:{قُلْ مَن أنْزَلَ الكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُورًا وهُدًى لِلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وتُخْفُونَ كَثِيرًا وعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أنْتُمْ ولا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} يعني: اليهود، نزلت هذه الآية بالمدينة، ثم إنّ مالك بن الصيف تاب مِن قوله، فلم يقبلوا منه، وجعلوا مكانه رجلًا في الرَّبّانِيَّة
(4)
[2340]. (ز)
[2340] أفادت الآثار اختلاف المفسرين في المعنيِّ بقوله تعالى: {إذْ قالُوا ما أنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِن شَيْءٍ} على أقوال: الأول: كان قائل ذلك رجلًا من اليهود، فمِن قائل: اسمه مالك بن الصيف. وهو قول سعيد بن جبير، وعكرمة. ومِن قائل: اسمه فِنْحاص. وهو قول السدي. الثاني: جماعة من اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم آيات مثل آيات موسى. وهو قول قتادة، ومحمد القرظي، وابن عباس. الثالث: مشركو قريش، وأنهم قالوا:{ما أنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِن شَيْءٍ} . وهو قول مجاهد.
وقد رجَّح ابنُ جرير (9/ 397 - 398) مستندًا إلى السياق، والدلالة العقلية القول الثالث، وذلك أنّ سياق الآيات في الإخبار عن كفار قريش، ولم يَجْرِ لليهود قبل هذا ذكرٌ، إضافةً إلى أن المعروف من دين اليهود الإقرار بصحف إبراهيم وموسى وزبور داود، ولم يُعرَف عنهم إنكار إنزال الكتب من السماء.
ووافقه ابنُ كثير (6/ 110 - 111) وزاد مستند أحوال النزول؛ وذلك أنّ الآية مكية، والعرب قاطبة كانوا يُبعِدون إرسال رسولٍ من البشر، واستدل بقوله تعالى:{أكانَ لِلنّاسِ عَجَبًا أنْ أوْحَيْنا إلى رَجُلٍ مِنهُمْ أنْ أنْذِرِ النّاسَ وبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2]، وبقوله تعالى:{وما مَنَعَ النّاسَ أنْ يُؤْمِنُوا إذْ جاءَهُمُ الهُدى إلا أنْ قالُوا أبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولا} [الإسراء: 94].
وعلَّق ابنُ عطية (3/ 415) بقوله: «مَن قال: إنّ المراد: كفار العرب. فيجيء الاحتجاج عليهم بقوله: {مَن أنْزَلَ الكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى} احتجاجًا بأمر مشهور منقول بكافة قوم لم تكن العرب مكذبة لهم. ومن قال: إن المراد: بنو إسرائيل. فيجيء الاحتجاج عليهم مستقيمًا؛ لأنهم يلتزمون صحة نزول الكتاب على موسى» .
ثم عقَّب ابنُ جرير (9/ 398) على القراءة، فقال:«والأصوب من القراءة في قوله: «يَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ يُبْدُونَها ويُخْفُونَ كَثِيرًا» أن يكون بالياء لا بالتاء، على معنى: أنّ اليهود يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرًا، ويكون الخطاب بقوله:{قل من أنزل الكتاب} لمشركي قريش. وهذا هو المعنى الذي قصده مجاهد -إن شاء الله- في تأويل ذلك، وكذلك كان يقرأ».
_________
(1)
عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(2)
أخرجه ابن جرير 9/ 395.
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 4/ 1342. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(4)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 573 - 574.