الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليضيع إيمانكم}: صلاتكم
(1)
[544]. (ز)
{إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ
(143)}
4299 -
عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن دينار- في قوله: {لرؤوف} قال: يرأف بكم، {رحيم} يعني: بالمؤمنين
(2)
. (ز)
[544] ذكر ابنُ جرير (2/ 653) أنّ الإيمان: التصديق، وأنّ التصديق قد يكون بالقول وحده، وبالفعل وحده، وبهما جميعًا، ثُمَّ قال:«فمعنى قوله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} على ما تظاهرت به الرواية من أنه الصلاة: وما كان الله ليضيع تصديقكم رسوله صلى الله عليه وسلم بصلاتكم التي صَلَّيْتُموها نحو بيت المقدس عن أمره؛ لأنّ ذلك كان منكم تصديقًا لرسولي، واتِّباعًا لأمري، وطاعة منكم لي» .
ووجّه ابنُ عطية (1/ 372) قول من قال من السلف بأن الإيمان في الآية هو الصلاة، فقال:«وسمى الصلاة: إيمانًا؛ لَمّا كانت صادرة عن الإيمان والتصديق في وقت بيت المقدس وفي وقت التحويل، ولَمّا كان الإيمان قُطْبًا عليه تدور الأعمال، وكان ثابتًا في حال التوجه هنا وهنا ذكره، إذ هو الأصل الذي به يرجع في الصلاة وغيرها إلى الأمر والنهي، ولئلا تندرج في اسم الصلاة صلاة المنافقين إلى بيت المقدس، فذكر المعنى الذي هو ملاك الأمر، وأيضًا فسُمِّيَت: إيمانًا؛ إذ هي من شعب الإيمان» .
وذَكَر ابنُ تيمية (1/ 374) أنّ الصلاة سُمِّيَت إيمانًا لأنها تُصَدِّقُ عمل المرء وقوله، وتحصل طمأنينة القلب واستقراره إلى الحق، ثم قال:«ولا يصح أن يكون المراد به مجرد تصديقهم بفرض الصلاة؛ لأنّ هذه الآية نزلت فيمن صلّى إلى بيت المقدس ومات ولم يدرك الصلاة إلى الكعبة، ولو كان مجرّد التصديق لَشَرِكَهم في ذلك كُلُّ الناس، وفي يوم القيامة، فإنهم مصدّقون بأن الصلاة إلى بيت المقدس إذ ذاك كانت حقًّا، ولم يتأسّفوا على تصديقهم بفرض معيّن لم يترك» .
وعَلَّق ابنُ القيم (1/ 149) على الخلاف في تأويل الإيمان، فقال:«قوله: {وما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمانَكُمْ}، وفيه قولان: أحدهما: ما كان ليضيع صلاتكم إلى بيت المقدس بل يجازيكم عليها؛ لأنها كانت بأمره ورضاه. والثاني: ما كان ليضيع إيمانكم بالقبلة الأولى، وتصديقكم بأن الله شرعها ورضيها. وأكثر السلف والخلف على القول الأول، وهو مُسْتَلْزِمٌ للقول الآخَر» .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 2/ 653.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 1/ 252 (1351، 1353).
4300 -
قال مقاتل بن سليمان: {إن الله بالناس لرؤوف} يعني: يَرِقُّ لهم، {رحيم} حين قَبِلها منهم قبل تحويل القبلة
(1)
.
4301 -
قال محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- {رحيم} ، قال: يرحم الله العباد على ما فيهم
(2)
.
4302 -
عن سعيد بن أبي عروبة: {رؤوف رحيم} ، يعني: رؤوف رفيق
(3)
.
4303 -
عن معاذ بن جبل، قال: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قَدِم المدينة إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرًا، ثم أنزل الله أنّه يأمره فيها بالتَّحَوُّل إلى الكعبة، فقال:{قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية
(4)
.
4304 -
عن البراء، قال: صَلَّيْنا معَ رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهرًا، وصُرِفَت القبلة إلى الكعبة بعد دخوله المدينة بشهرين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلّى إلى بيت المقدس أكْثَرَ تَقَلُّبَ وجهِه في السماء، وعَلِم الله من قلب نبيه أنه يهوى الكعبة، فصعد جبريل، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُتْبِعُه بَصَرَه وهو يصعد بين السماء والأرض، ينظر ما يأتيه به؛ فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جبريل، كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس؟» . فأنزل الله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}
(5)
.
(1)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 146.
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم 1/ 252 (1352).
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم 1/ 252 (1350).
(4)
أخرجه أحمد 36/ 436 - 437 (22124) مُطَوّلًا، والطيالسي في مسنده 1/ 460 (567) واللفظ له.
قال البوصيري في إتحاف الخيرة 2/ 98 (1110): «هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن المسعودي -واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود أخو أبي عميس- اختلط بأخرة، وقد قيل: إن أبا داود الطيالسي سمع منه بعد ما تغيّر، قاله سلم بن قتيبة، كما أوضحته في تبيين حال المختلطين» .
(5)
أخرجه ابن ماجه 2/ 140 - 141 (1010) من طريق أبي بكر ابن عياش، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب به.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/ 122 - 123 (367): «هذا إسناد صحيح» . وقال ابن حجر في الفتح 1/ 97: «وأبو بكر سَيِّئُ الحفظ» . يعني: ابن عياش.
4305 -
عن عبد الله بن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سَلَّم من صلاته إلى بيت المقدس رَفَعَ رأسه إلى السماء؛ فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك} الآية
(1)
. (2/ 27)
4306 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ قِبْلَة إبراهيم، وكان يدعو الله، وينظر إلى السماء؛ فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك} الآية
(2)
. (2/ 6)
4307 -
عن أبي سعيد بن المُعَلّى، قال: كُنّا نغدو إلى المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنَمُرُّ على المسجد، فنُصَلِّي فيه، فمررنا يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر، فقلت: لقد حَدَث أمْرٌ. فجلستُ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية:{قد نرى تقلب وجهك في السماء} حتى فرغ من الآية. فقلت لصاحبي: تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنكون أولَ مَن صَلّى. فتوارَيْنا، فصَلَّيْناهُما، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلّى للناس الظهر يومئذ إلى الكعبة
(3)
. (2/ 27)
(1)
أخرجه ابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير 1/ 459 - ، من طريق القاسم العمري، عن عمه عبيد الله بن عمرو، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس به.
إسناده ضعيف جِدًّا؛ ففيه القاسم، وهو ابن عبد الله بن عمر العمري، متروك الحديث، قال الذهبي في ميزان الاعتدال 5/ 451:«قال أحمد: ليس بشيء، كان يكذب، ويضع الحديث. وقال يحيى: ليس بشيء. وقال مَرَّة: كذّاب. وقال أبو حاتم والنسائي: متروك» . وفي الإسناد أيضًا داود بن الحصين، وهو ثقة، لكن حديثه عن عكرمة ضعيف، قال علي بن المديني:«ما روى عن عكرمة فمنكر الحديث» . وقال أبو داود: «أحاديثه عن عكرمة مناكير، وأحاديثه عن شيوخه مستقيمة» . ينظر: تهذيب الكمال للمزي 8/ 380.
(2)
أخرجه النحاس في الناسخ المنسوخ ص 71، والبيهقي 2/ 20 (2246)، وابن جرير 2/ 623، 658، وابن أبي حاتم 1/ 248 (1329)، 1/ 253 (1355)، من طرق، عن عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس به.
والإسناد حسن، وأما رواية علي بن أبي طلحة فقد تقدّم قول ابن حجر في العجاب 1/ 207:«وعليٌّ صدوق، لم يلق ابن عباس، لكنه إنّما حمل عن ثقات أصحابه، فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة» .
(3)
أخرجه النسائي 2/ 55 (732) مختصرًا، والبزار -كما في كشف الأستار 1/ 211 (419) -، والطبراني في الكبير 22/ 303 (770) كلهم من طريق الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، قال: أخبرني مروان بن عثمان، أنّ عبيد بن حنين، أخبره عن أبي سعيد بن المعلى.
قال البزار: «لا نعلمه عن أبي سعيد بن المعلى إلا بهذا الإسناد، ولا روى إلا هذا الحديث وآخَر» . وفي إسناده مروان بن عثمان، وهو ابن أبي سعيد بن المعلى، وهو ضعيف الحديث. ينظر: تهذيب الكمال للمزي 27/ 397، والمغني في الضعفاء للذهبي 2/ 652.
4308 -
عن أبي العالية: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر نحو بيت المقدس، فقال لجبريل:«وددت أنّ الله صَرَفَني عن قِبلة اليهود إلى غيرها» . فقال له جبريل: إنّما أنا عبد مثلك، ولا أملك لك شيئًا إلا ما أُمِرْت، فادْعُ ربَّك، وسَلْهُ. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُديم النظر إلى السماء؛ رجاءَ أن يأتيه جبريل بالذي سأل؛ فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك في السماء}
(1)
. (2/ 28)
4309 -
عن مجاهد بن جَبْر -من طريق ابن جُرَيْج- قال: قالت اليهود: يخالفنا محمد ويَتَّبِعُ قِبْلَتَنا! فكان يدعو الله ويَسْتَفْرِضُ
(2)
القِبْلَة؛ فنزلت: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية -وانقَطَعَ قولُ يهود: يخالفنا محمد ويَتَّبِع قبلتنا! - في صلاة الظهر، وحوَّل الرجالَ مكان النساء، والنساءَ مكان الرجال
(3)
. (2/ 28)
4310 -
عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- قال: كان الناس يُصَلُّون قِبَلَ بيت المقدس، فلَمّا قَدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ على رأس ثمانية عشر شهرًا مِن مُهاجَره، وكان إذا صَلّى رفع رأسه إلى السماء يَنظُر ما يُؤمر، وكان يُصَلِّي قِبَل بيت المقدس، فنَسَخَتْها الكعبةُ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أن يُصَلِّي قِبَل الكعبة؛ فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية
(4)
. (ز)
4311 -
عن الكلبي: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: «ودِدتُ أنّ الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها» . فقال جبريل: إنما أنا عبد مثلك، فادع الله، وسله. ثم ارتفع جبريل، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُدِيم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل الله؛ فأنزل الله عليه:{قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها}
(5)
. (ز)
(1)
عزاه السيوطي إلى أبي داود في ناسخه مرسلًا.
قال العلائي في جامع التحصيل ص 79: «قال ابن سيرين: حدِّثوا عمَّن شئتم -يعني: من المراسيل- إلاّ عن الحسن وأبي العالية؛ فإنّهما لا يباليان عمَّن أخذا الحديث» .
(2)
قال الشيخ شاكر: أي يطلب فرضها عليه وعلى المؤمنين، وهذا ما لم تثبته اللغة، ولكنه صحيح العربية. ينظر: تحقيقه لتفسير ابن جرير 3/ 173 (1).
(3)
أخرجه ابن جرير 2/ 657 - 658. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(4)
أخرجه ابن جرير 2/ 657.
(5)
أورده ابن أبي زمنين في تفسيره 1/ 185.
قال ابن حجر في العجاب 1/ 396: «قال الواحدي بعد ما نقله عن الكلبي في الذي قبله:» إلى قوله: {ليضيع إيمانكم} قال: ثم قال: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية «. وجدت هذا السبب بهذا السياق في تفسير مقاتل بن سليمان، فيحتمل أن يكون مراده بقوله:» قال ثم قال «إلى آخره غير ابن الكلبي وهو مقاتل، فيكون ظاهره الإدراج على كلام ابن الكلبي عن ابن عباس، ويحتمل أن يكونا تواردا» .