الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اليهود الذين أنزل الله فيهم: {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنًا قليلًا} إلى قوله: {فما أصبرهم على النار} [البقرة: 174 - 175]
(1)
. (2/ 130)
تفسير الآية:
4861 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق العَوْفِيّ- في قوله: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع} ، قال: كمَثَلِ البقر والحمار والشاة، وإن قُلْتَ لبعضهم كلامًا لم يَعْلَم ما تقول، غير أنه يسمع صوتَك، وكذلك الكافر، إنْ أمرته بخير، أو نَهَيْتَه عن شر، أو وعَظْتَه؛ لَمْ يَعْقِل ما تقول، غير أنه يسمع صوتك
(2)
[602]. (2/ 129)
[602] اختُلِف في تفسير هذه الآية؛ فقال قوم: المراد: تشبيه واعظ الكافرين وداعيهم والكافرين الموعوظين بالراعي الذي ينعق بالغنم أو الإبل، فلا تسمع إلا دعاءه ونداءه، ولا تفقه ما يقول. وقال آخرون: المعنى: ومَثَل الذين كفروا في اتِّباعهم آلهتَهم، وعبادتهم إياها؛ كمثل الذي ينعق بما لا يسمع منه شيئًا إلا دَوِيًّا غير مفيد، يعني بذلك: الصدى الذي يستجيب من الجبال.
ورَجَّحَ ابنُ جرير (3/ 50 بتصرف) مُسْتَنِدًا لأحوال النُّزول، والسياق القولَ الأول دون الثاني الذي قاله ابن زيد، فقال:«وإنما اخترنا هذا التأويل لأنّ هذه الآية نزلت في اليهود، وإيّاهم عنى الله -تعالى ذِكْرُه- بها، ولم تكن اليهودُ أهلَ أوثانٍ يعبدونها، ولا أهل أصنام يُعَظِّمُونها، ويَرْجُون نفعَها أو دفعَ ضُرِّها. فإن قال قائل: وما دليلك على أنّ المقصود بهذه الآية اليهود؟ قيل: دليلُنا على ذلك ما قبلها من الآيات وما بعدها، فإنّهم هم المَعْنِيُّون به، فكان ما بينهما بأن يكون خبرًا عنهم أحقّ وأولى من أن يكون خبرًا عن غيرهم، حتى تأتي الأدلة واضحة بانصراف الخبر عنهم إلى غيرهم» .
وكذا رَجَّحه ابنُ كثير (2/ 147) مُسْتَنِدًا إلى الدلالات العقلية، فقال:«لأنّ الأصنام لا تسمع شيئًا، ولا تَعْقِلُه، ولا تُبْصِرُه، ولا بَطْشَ لها، ولا حياة فيها» .
ووجَّهه ابنُ جرير (3/ 47 - 48 بتصرف)، فقال: "ومعنى قائلي هذا القول في تأويلهم ما تأوّلوا: ومَثَلُ وعْظِ الذين كفروا وواعظِهم كمَثَل نَعْق النّاعق بغنمه ونعيقه به، فأضيف المَثَل إلى الذين كفروا، وترك ذكر الوعظ والواعظ لدلالة الكلام على ذلك، كما يُقال: إذا لقيت فلانًا فعظِّمه تعظيمَ السلطان، يُراد به: كما تُعَظِّم السلطان، وقد يحتمل أن يكون المعنى على هذا التأويل الذي تأوّله هؤلاء: ومَثَلُ الذين كفروا في قلّة فهمهم عن الله وعن رسوله كمثل المنعوق به من البهائم الذي لا يفقه من الأمر والنهي غير الصوت، وذلك أنّه لو قيل له: اعْتَلِف أو رِدِ الماء. لم يدر ما يُقال له غير الصوت الذي يسمعه من قائله، فكذلك الكافر مَثَلُه في قِلَّة فهمه لِما يُؤْمَر به ويُنْهى عنه بسوء تدبره إياه وقِلَّة نظره وفكره فيه مَثَلُ هذا المنعوق به فيما أُمِر به ونُهِي عنه. فيكون المعنى للمنعوق به، والكلامُ خارجٌ على الناعق، كما قال نابغة بني ذبيان:
وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي
…
على وعل في ذي المطارة عاقل
والمعنى: حتى ما تزيد مخافة الوعل على مخافتي".
وبنحوه قال ابنُ القيم (1/ 163).
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 3/ 51.
(2)
أخرجه ابن جرير 3/ 44، وابن أبي حاتم 1/ 282.
4862 -
عن أبي العالية -من طريق الربيع بن أنس- نحو ذلك
(1)
. (ز)
4863 -
عن الحسن البصري =
4864 -
وعن عطاء الخراساني، نحو ذلك
(2)
. (ز)
4865 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- في قوله: {كمثل الذي ينعق بما لا يسمع} ، قال: هو مَثَلُ الشاة، ونحو ذلك
(3)
. (2/ 129)
4866 -
عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جُرَيْج- في الآية، قال: مَثَلُ الدابَّةِ تُنادى فتَسْمَعُ ولا تَعْقِل ما يُقال لها، كذلك الكافر يسمع الصوتَ ولا يعقل
(4)
. (2/ 129)
4867 -
عن عبد الله بن عباس: أنّ نافع بن الأزرق قال له: أخبِرني عن قوله عز وجل: {كمثل الذي ينعق بما لا يسمع} . قال: شَبَّه الله أصوات المنافقين والكفار بأصوات البَهْم، أي: بأنهم لا يعقلون. قال: وهل تعرفُ العربَ ذلك؟ قال: نعم، أما سمعتَ بِشْر بن أبي خازِم وهو يقول:
هَضيمُ الكَشْحِ لم يُغْمَز بِبُؤْسٍ
…
ولَمْ يَنْعِقْ بناحِيَةِ الرِّباقِ
(5)
. (2/ 129)
4868 -
عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح-: {كمثل الذي ينعق} مَثَلٌ ضَرَبَه اللهُ للكافر، يَسْمَع ما يُقال له ولا يعقل، كمَثَل البهيمة تسمع النَّعِيق
(1)
أخرجه ابن أبي حاتم 1/ 282.
(2)
علَّقه ابن أبي حاتم 1/ 282. وعند الثعلبي 2/ 41 عن الحسن يقول: مَثَلُهم فيما قَبِلوا من آبائهم، وفيما أتيتهم به، حيث لا يسمعونه ولا يعقلونه، كمَثَل راعي الغنم الذي نَعَق بها، فإذا سَمِعَتْ الصّوتَ رَفَعَتْ رُؤُوسَها، فاسْتَمَعَتْ إلى الصّوت والدُّعاء ولا تَعْقِل منه شيئًا.
(3)
أخرجه ابن جرير 3/ 45.
(4)
أخرجه ابن جرير 3/ 44.
(5)
عزاه السيوطي إلى الطستي. انظر: مسائل نافع بن الأزرق (266).
ولا تعقل
(1)
. (ز)
4869 -
عن مجاهد بن جبر: في قوله: {كمثل الذي ينعق} قال: الراعي {بما لا يسمع} قال: البهائم، {إلا دعاء ونداء} قال: كمَثل البعير والشاة، يسمع الصوت ولا يعقل
(2)
. (2/ 130)
4870 -
عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق سِماك- في قوله: {كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء} : مَثَل البعير أو مَثَل الحمار، تدعوه، فيسمع الصوت ولا يفقه ما تقول
(3)
. (2/ 130)
4871 -
عن ابن جُرَيْج، قال: وسألتُ عطاء، ثُمَّ قلت له: يُقال: لا تعقل -يعني: البهيمة- إلا أنها تسمع دُعاء الراعي حين ينعِقُ بها، فهم كذلك لا يَعقلون وهم يسمعون؟! فقال: كذلك
(4)
. (ز)
4872 -
عن قتادة بن دِعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله تعالى: {كمثل الذي ينعق بما لا يسمع} ، قال: هذا مَثَلٌ ضربه الله تعالى للكافر، يقول: مَثَل هذا الكافر كمَثَل هذه البهيمة التي تسمع الصوت ولا تدري ما يُقال لها، فكذلك الكافر يُقال له ولا ينتفع بما يُقال له
(5)
. (ز)
4873 -
عن الحسن البصري: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دُعاء ونداءً} : كمثل الراعي يصيح بالغنم، فترفعُ رؤوسها لا تدري ما يقول، ثم تضع رؤوسها
(6)
. (ز)
4874 -
عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- {كمثل الذي ينعِق بما لا يَسمع إلا دُعاء ونداءً} : لا يعقل ما يُقال له، إلا أن تُدْعى فتأتي، أو يُنادى بها فتذهب، وأما {الذي ينعق} فهو الراعي الغنم، كما ينعق الراعي {بما لا يسمع} ما يُقال له، إلا أن
(1)
أخرجه ابن جرير 3/ 46. وعلّقه ابن أبي حاتم 1/ 282.
(2)
عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. وأخرج ابن جرير 3/ 46 - 47 أوله من طريق ابن أبي نَجيح، وابن جُرَيج.
(3)
أخرجه ابن جرير 3/ 44. وعلّقه ابن أبي حاتم 1/ 282. وعزا السيوطي نحوه إلى وكيع. وأخرجه سفيان الثوري ص 55 من طريق خُصَيْف بلفظ: الشاة، والبقر، والبعير.
(4)
أخرجه ابن جرير 3/ 46. وعَلَّقه ابن أبي حاتم 1/ 282.
(5)
أخرجه عبد الرزاق 1/ 65، وابن جرير 3/ 46. وعلَّقه ابن أبي حاتم 1/ 282.
(6)
ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين 1/ 194 - .
يُدْعى أو ينادى، فكذلك محمد صلى الله عليه وسلم يدعو من لا يسمع إلا حوير الكلام، يقول الله:{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}
(1)
. (ز)
4875 -
عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قال: هو مَثَل الكافر، يسمع الصوت ولا يعقل ما يُقال له
(2)
. (ز)
4876 -
قال مقاتل بن سليمان: ثم ضَرَب لهم مَثَلًا، فقال سبحانه:{ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق} يعني: الشاة والحمار {بما لا يسمع إلا دعاء ونداء} يعني: مثل الكافر كمثل البهيمة؛ إن أُمِرَت أن تأكل أو تشرب سَمِعَتْ صوتًا ولا تعقل ما يُقال لها، فكذلك الكافر الذين يسمع الهدى والموعظة إذا دُعِي إليها فلا يعقل ولا يفهم بمنزلة البهيمة
(3)
. (ز)
4877 -
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: {ومَثل الذين كفروا كمثل الذي يَنعِق بما لا يَسمعُ إلا دعاءً ونداءً} ، قال: الرجل الذي يصيح في جَوف الجبال، فيجيبه فيها صوتٌ يُراجِعه، يُقال له: الصَّدى. فمَثَلُ آلهةِ هؤلاء لَهم كمَثَلِ الذي يُجيبه بهذا الصوت ولا ينفعه، لا يَسمع إلا دعاء ونداء. قال: والعرب تُسَمِّي ذلك: الصَّدى
(4)
[603]. (ز)
[603] وجَّه ابنُ جرير (3/ 49 - 50 بتصرف) قولَ ابن زيد بقوله: «فتأويل الكلام على قول قائل ذلك: ومَثَل الذين كفروا وآلهتهم في دعائهم إياها وهي لا تفقه ولا تعقل كمَثَلِ الناعق بما لا يسمعه الناعق إلا دعاء ونداء، أي: لا يسمع منه الناعق إلا دعاءه
…
وقد تحتمل الآية على هذا التأويل وجهًا آخر غير ذلك، وهو أن يكون معناها: ومَثَلُ الذين كفروا في دعائهم آلهتَهم التي لا تفقه دعاءَهم كمَثَلِ النّاعق بغَنَمٍ له، من حيث لا تسمع صوتَه غنمُه؛ فلا تنتفع من نعيقه بشيء، غير أنه في عَناء من دُعاء ونِداء، فكذلك الكافر في دعائه آلهتَه إنما هو في عَناءٍ من دعائه إيّاها وندائه لها، ولا ينفعه شيئًا».
وقال ابنُ عطية (1/ 409 - 410) مُعَلِّقًا: «فإنّما شُبِّه في هذين التَّأْوِيلَيْنِ [يعني: تأويل ابن زيد، وتوجيه ابن جرير] الكفارُ بالناعق، والأصنامُ بالمنعوق به، وشُبِّهوا في الصمم والبكم والعمى بمَن لا حاسة له لَمّا لَمْ ينتفعوا بحواسهم، ولا صرفوها في إدراك ما ينبغي» .
وبنحوه قال ابنُ القيم (1/ 163).
وانتَقَد ابنُ كثير (2/ 147) هذا القولَ مُسْتَنِدًا إلى الدلالات العقلية بما مَفادُه: أنّ الأصنام لا تسمع شيئًا، ولا تعقله، ولا تُبْصِره، ولا بَطْش فيها ولا حياة، والآية تقول:{إلا دعاء ونداء} .
_________
(1)
أخرجه ابن جرير 3/ 47، وابن أبي حاتم 1/ 282.
(2)
أخرجه ابن جرير 3/ 46، وابن أبي حاتم 1/ 282.
(3)
تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 155.
(4)
أخرجه ابن جرير 3/ 49.